آخر خبرمقال اليوم

نوّاف سلام الإصلاحي في غابة ذئاب، هل ينجح؟

محمد مكتبي

في إستشارات نيابية حاسمة دعا إليها رئيس الجمهورية جوزيف عون ، تم في 13 الجاري، تكليف القاضي الدوليّ نواف سلام بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة . يأتي هذا التعيين في ظل تحديات استثنائية ، حيث يُنتظر من سلام الذي يمتلك خلفية قضائية ودبلوماسية مميزة أن يكون قائدًا حاسمًا في هذه اللحظة التاريخية . في ظل فراغ سياسي طويل ، يطمح اللبنانيون إلى حكومة تستطيع تخطي المأزق الحالي مع تنفيذ إصلاحات عاجلة ووضع لبنان على طريق التعافي . لا شك في أنّ مهمة سلام لن تكون سهلة ، لكنها قد تكون الفرصة الأخيرة لإعادة بناء ما دُمّر وتحقيق التغيير المنشود في وطن يعيش على حافة الهاوية.
السيرة الذاتية لنواف سلام
وُلد نواف عبد الله سليم سلام في 15 ديسمبر 1953 لعائلة بيروتية معروفة . والده عبد الله سلام ووالدته رقت بيهم. جده لأبيه هو سليم سلام مؤسس ” الحركة الإصلاحية في بيروت ” وقد أنتخب نائبًا عن بيروت في مجلس المبعوثان العثماني عام 1912. عمه صائب سلام المعروف بنضاله من أجل إستقلال لبنان عن الانتداب الفرنسي ، وقد تولى لاحقًا رئاسة الحكومة اللبنانية أربع مرات بين عامي 1952 و1973. تولى إبن عمه تمام سلام رئاسة الحكومة اللبنانية بين عامي 2014 و 2016.
سلام متزوج من الصحافية سحر بعاصيري ، سفيرة لبنان لدى منظمة اليونيسكو وله ولدان : عبد الله ومروان.
نال سلام شهادة دكتوراه في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية في باريس عام 1992، وشهادة ماجستير في القوانين من كلية الحقوق في جامعة هارفرد عام 1991، ودكتوراه في التاريخ من جامعة السوربون عام 1979.
المسيرة المهنية
عمل سلام من 1979 إلى 1981 محاضرًا في مادة التاريخ المعاصر للشرق الأوسط في جامعة السوربون. غادر باريس عام 1981 ليمضي سنة كباحث زائر في مركز ويذرهيد للعلاقات الدولية في جامعة هارفرد. بين 1985 و1989 كان محاضرًا في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى جانب ممارسته لمهنة المحاماة في مكتب يوسف تقلا. بين 1989 و1990 عاد باحثًا زائرًا إلى كلية الحقوق في هارفرد، كما عمل مستشارًا قانونيًا في مكتب محاماة إدواردز وانغلز من 1989 إلى 1992. بعدها عاد إلى بيروت ليستأنف عمله كمحام في مكتب تقلا وتعليم مادتي القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت. صار أستاذًا زائرًا مساعدًا في العلوم السياسية في هذه الجامعة عام 2003 ثم أستاذًا مساعدًا عام 2005. تولى منصب مدير دائرة العلوم السياسية والإدارة العامة فيها من 2005 إلى 2006.
أنتُخب سلام عضوًا في المكتب التنفيذي للمجلس الاقتصادي الاجتماعي الأول في لبنان بين عامي 1999 و2002، كما كان عضوًا في الهيئة الوطنية للأونيسكو من عام 2000 إلى عام 2004. عامي 2005 و2006 عينه مجلس الوزراء عضوًا في الهيئة الوطنية لإصلاح قانون الانتخابات، المولجة إعداد مسودة قانون انتخابي جديدة في لبنان، وانتُخب أمين سر لها. وهو أيضًا عضو في مجلس أمناء المركز اللبناني للدراسات.
مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة
شغل سلام منصب سفير ومندوب دائم للبنان في الأمم المتحدة في نيويورك بين تموز 2007 وكانون الأول 2017. تميّزت ولايته في الأمم المتحدة بمداخلات متكررة في مجلس الأمن داعيًا إلى احترام سيادة لبنان وتأمين استقراره من خلال تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، وتعزيز سياسة النأي بالنفس من النزاع السوري، والسعي إلى إنهاء الإفلات من العقاب من خلال إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1757.
رئاسة محكمة العدل الدولية
في شباط/فبراير 2024 ، أنتُخب نواف سلام رئيسًا لمحكمة العدل الدولية  ليصبح ثاني عربي يتولى هذا المنصب بعد القاضي المصري شفيق مراد . تُعتبر محكمة العدل الدولية الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، وتختص بتسوية النزاعات القانونية بين الدول وتقديم الاستشارات القانونية للهيئات الدولية.
في هذه اللحظة التاريخية الفارقة، يقف نواف سلام أمام إختبار مصيري لا يتحمل لبنان فيه المزيد من الفشل. التحديات التي يواجهها لبنان اليوم هي أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، والمهمة التي تقع على عاتقه ليست مجرد تشكيل حكومة، بل هي إعادة بناء دولة على وشك الانهيار. إن القدرة على تجاوز الأزمات الاقتصادية والفراغ السياسي، وتحقيق الإصلاحات الحاسمة، هي التي ستحدد مصير لبنان في المستقبل القريب. أمام نواف سلام خيار واحد: إما أن يقود لبنان نحو الخلاص ويعيد له كرامته وإزدهاره، أو أن يتركه يغرق في المزيد من الفوضى والإنقسام. هذه الفرصة التاريخية قد تكون الأخيرة، والتاريخ سيكتب حكمه بناءً على النجاح أو الفشل في تحقيق ما يعجز الآخرون عن إنجازه.
عُرف نوّاف سلام بصلابة موقفه، وثقافته الواسعة، وعلاقاته الشاملة عربيًّا ودوليًّا، ومن آخر انتاجه الفكري الذي وضع فيه برنامجًا إصلاحيًّا للُبنان كتابه ” لبنان بين الأمس والغد”. فهل ينجح في غابة الذئاب التي اغتيل فيها كل إصلاح وتوق لإخراج لُبنان من كبواته الكثيرة؟ 

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button