فايننشال تايمز:الشباب الإيراني بين الطبيعة والحرية والحب

لندن-لعبة الأمم
نشرت صحيفة ” فايننشال تايمز” البريطانية تحقيقا لمراسلتها من طهران، تقول فيه إن الشباب الإيراني يهرب صوب المساحات الواسعة في الطبيعة ليتمتع ب” جزر الحرية” ، ذلك أنه منذ قيام الجمهورية الإسلامية في العام 1979، لم يعد يجد نوادٍ ليلية ولا أماكن لشرب الخمرة واللهو والرقص.
وتنقل عن الدليل السياحي حميد ناييني قوله:” لقد تضاعف عشر مرات عدد الذين يقصدون الطبيعة لإقامة الخيم في ربوعها أو تسلّق الجبال منذ 4 سنوات، وان هذا العدد صار أكثر بمئة مرة مما كان عليه قبل 10 سنوات، وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصا إنستغرام في ذلك، وقد تغير الكثير من العادات حتى في المجتمعات الزراعية”
وتشير الصحيفة الى ان هؤلاء الشباب وحين يصلون الى الطبيعة، او الجبال، او الصحاري، او الجزر، يمارسون حرية كاملة، فتخلع الفتيات الحجاب ويبدأ الجميع بالغناء والرقص وتعاطي المخدّرات وممارسة الحب.
وتؤكد فاطمة البالغة من العمر 19 عاما وتعيش في طهران انها تقصد الغابة منذ عامين كي تعرف الحياة الحقيقية، وهربا من رتابة الحياة اليومية، وتقول:” إن الحرية هائلة في الطبيعة، وفي كل مرة أعود الى طهران أبكي، فهناك في تلك الطبيعة كل الناس سعداء، ويستطيعون ممارسة الحب بشكل طبيعي، ثم اننا نجد الطحالب التي تساعدنا على الهلوسة”
تقول الصحيفة البريطانية: إن هذه الظواهر رفعت مستوى القلق عند العائلات في الجمهورية الإسلامية من احتمال تخلّي أولادها عن الضوابط الاجتماعية الإيرانية، خصوصا ان الشباب العائدين من حياة الطبيعة، صاروا يتهمون النظام بأنه يرفض الحداثة
وتضيف أنه في مطلع العام الحالي، تم توزيع شريط فيديو أثار سخطا كبيرا لدى الإيرانيين، حيث نرى فيه عناصر من ميليشيا إسلامية خاصة تتعرض لمتسلقي الجبال في مدينة أصفهان التاريخية، بذريعة أن ممارسة الرياضة المشتركة بين الرجال والنساء ممنوعة”
وتقول الفايننشال تايمز: ” ان السلطات تعاني صعوبات بالغة في ضبط هذه الانحرافات الشبابية، وتنقل عن إمام كاشان المدينة التي تبعد 250 كلم عن طهران والمحاطة بالصحاري التي تجذب سياحا كثيرين:” ان هذه الممارسات التي تدّعي السياحة لا تليق بجمهورية إسلامية، وهي خيانة لدم شهدائنا”
وتضيف الصحيفة:” كل هذه الإجراءات والدعوات لن تثبط أبدا رغبات الشباب بالفكاك من الضوابط الدينية في بلادهم، ويقول مهرداد البالغ من العمر 24 عاما والذين ينظّم عبر انستغرام رحلات سياحية الى جنوب البلاد:” هذه الرحلات هي بالنسبة للشباب الوسيلة الوحيدة للتسلية، وأنا لا أسالهم ماذا يشربون وماذا يدخنون أو مع من يمضون الليلة تحت الخيمة ” ويضيف:” لا شك ان الذين ولدوا بعد العام 2000، يميلون صوب الغرب من خلال شبكات التواصل الاجتماع ويريدون حشيشة الكيف والجنس”
وتختم الفايننشال تايمز:” ان الهوة تتوسع بين مطالب الشباب الإيراني والتنازلات التي تُعرب الجمهورية الإسلامية عن الاستعداد لتقديمها، وربما هذه الهوة ستصبح أعمق بكثير في المستقبل، فبعد 20 عاما من المطالبة بالإصلاحات، يشعر الكثير من الإيرانيين بأن النظام لن يتطور ومن الصعب أن تجد أشخاصا مقتنعين بإمكانية ظهور إصلاحات سياسية أو اقتصادية واجتماعية “
ولذلك:” فان فاطمة لن تذهب للاقتراع في 18 الجاري” وهي تقول : أفضل تمضية الوقت في الطبيعة بدلا من مساعدة الحكومة على خنقنا “
ربما صحيفة فايننشال تايمز اختارت نمطا واحدا من الشباب الإيراني وعمّمته على الجميع، خصوصا ان جزءا أيضا من الشباب يسير في ركب الحفاظ على العادات والتقاليد، لكن الواضح أن القيادة الإيرانية بحاجة الى مشروع سياسي واجتماعي جديد خصوصا ان الحملة الانتخابية شهدت الكثير من الشروخ الاجتماعية والسياسية، وأن المطالب الإصلاحية صارت ضرورية جدا بعد عقود طويلة على قيام الثورة التي باتت بحاجة الى تجديد نفسها.
المقال بقلم Najmeh Bozorgmehr: