آخر خبرمقال اليوم

ازمات المناخ سلاح أميركي جديد، فماذا عن العرب؟

 هادي جان بو شعيا  

توقّع تقرير غير مسبوق  للاستخبارات الاميركية أن يكون الاحتباس الحراري  سببًا في اندلاع النزاعات وبروز القلاقل خلال العقود المقبلة. وأن شدة الظواهر المناخية قد تؤدي إلى تصاعد الصراعات بين الدول في محاولتها الدفاع عن مصالحها ، ما يؤدي الى أن تدفع الأفقر بينها الثمن الأكبر.

يقول التقرير  الذي يقع في 27 صفحة إن الاحتباس الحراري قد يسبب الجفاف والفيضانات والجوع والعطش، لكنه بات أيضًا في صلب الأمن القومي لدول مثل الولايات المتحدة الأميركية التي تتوقع عقودًا حُبلى بالاضطرابات والقلاقل بسببه. وهو يستشرف  الوضع العالمي حتى العام 2040، ويعكس تقدير 18 وكالة استخبارية، فيتوقّع أن تحاول الدول الدفاع عن اقتصاداتها وأن يلجأ بعضها الى التكنولوجيات  الحديثة لمواجهة آثار الاحتباس. فيما البعض الآخر سيتلكأ في التعاون لمواجهة الظاهرة على غرار نحو عشرين بلدًا يقوم أكثر من نصف مداخيل صادراتها على الاقتصاد الأحفوري.

كذلك من المتوقع أن تتكبّد الدول الأكثر فقرًا والأقل قدرة على التأقلم الثمن الباهظ في إشارة هنا إلى أكثر من 11 دولة تعاني الأمرين، حيث يتعرّض أمن الغذاء والماء والصحة فيها لأخطار شديدة بينها على وجه التحديد أفغانستان والعراق وكولومبيا…

في المقابل، لا يستبعد التقرير أن تمتد الآثار الجانبية لكارثة الاحتباس الحراري إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة الأميركية على شكل صورة تدفّق للاجئين مثلاً.

قد يكون صحيحًا أن الخبراء يعوّلون على التقنيات الحديثة مثل الهندسة الجيولوجية لمواجهة تلك الآثار، والتي تعتمدها دول كأستراليا والصين والولايات المتحدة، لكن بعض هذه الهندسات قد يكون سبب اندلاع نزاعات، خصوصًا أنه يقوم على التخلص من المشكل بتحويله إلى منطقة أخرى، لذلك فان جزءا من الحلّ قد يكمن في تشارك هذه التقنيات أو ربما في وقوع كارثة بيئية تحفّز الدول على تعاون أكبر.

لعل أبرز ما ورد في التقرير هو أن البيئة باتت في صلب الأمن القومي وتنافس، في حالة الولايات المتحدة، قضايا ملحّة أخرى مثل احتواء الصين.

أمام هذا التقرير، لا بد من التوقف مليًا، ولو على نحو “بريء” عند التسريبات التي تزامنت معه:

– أوليس مستغربًا أن يصدر هكذا تقرير عن مجمع الاستخبارات الأميركية، وهي المرة الأولى التي يتم الإشارة فيها الى أن التغير المناخي  يُعتبر تهديدًا للأمن القومي الأميركي واستراتيجيًا لواشنطن. ما الذي طرأ على أجندة واشنطن؟!

– ماذا عن موقع الولايات المتحدة وموقفها من جميع اتفاقيات وبروتوكولات “كيوتو” المتعلقة بالحد من الانبعاثات الحرارية، فضلاً عن مواقف جبابرة وعمالقة ونسور التصنيع والصناعة الأميركية التي تتغيّر على نحو طفيف وليس بشكل راديكالي حتى مع تغير السياسات الحكومية.

– تضمين التقرير شرطًا عضويًا أو “شرطيًا” بين الاحترار البيئي وأزمات الشرق الأوسط فيما يتعلق بنقص امدادات الوقود الأحفوري مقابل ارتفاع سعره وتوجيه إلى العامة عوض إعلام النخب المسؤولية عن هذه القضايا. ما سببه؟

– الاندفاع نحو تحويل أزمات الداخل إلى الخارج وتحديدًا إلى الدول المنتجة للنفط والغاز والمرتكزة على الاقتصاد الأحفوري، علمًا أن الولايات المتحدة تعتبر ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في العالم، وإلقاء اللائمة على جهات خارجية وربطها مباشرة بتهديد الأمن القومي الأميركي.

– هل من ظواهر طبيعية ومناخية دخلت ضمن الاستراتيجية العسكرية الأميركية؟!

– هل سيتم استثمار أزمة المناخ وتحويلها إلى سلاح في يد واشنطن للتلويح بوجه من يتهدّد الأمن القومي. ما يشكل نقطة في غاية الأهمية لا بد من التأكيد عليها والإشارة لها.

أما عربيا فرغم  أن  كثيرا من المثقفين والسياسيين والإعلاميين العرب غالبا ما يقولون إن أي تقرير يصدر عن واشنطن متضمنًا تهديدًا للأمن القومي الأميركي غالبا ما يجرّ الى  الويلات والحروب وسفك دماء الأبرياء عند أي استحقاق في المنطقة، الا أنه نبغي الإقرار بأن العالم العربي يعيش أزمة بيئية ووجودية أرقى واكبر وأفدح بكثير من الصراعات والنزاعات الجيو-استراتيجية التي تستحوذ على عقول وأفكار المولعين بنظريات المؤامرة.

  في الواقع يفتقر الحضن العربي، من المحيط الى الخليج إلى الأمن الغذائي، إذ تستورد المنطقة قرابة 80 إلى 90 في المئة من القمح والذرة وسواها، حيث يعجز الوطن العربي عن إطعام ذاته وتحقيق الاكتفاء الغذائي ، وهو متجّه الى مشكلة الامن المائي الحتمية، وهذه قضايا  لا بد من أن يُعيرها الزعماء العرب الأولية القصوى والكف عن التلهي بنظريات المؤامرة والدخول في معسكرات شرقية وغربية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button