كيف تبدوالمرأة في يومها العالمي اليوم؟

روزيت الفار-الأردن
يعني اليوم العالمي للمرأة بإطاره العام، كسر حاجز الانحياز ضد المرأة والاعتراف بحقوقها ومساواتها بالرّجل على مختلف الأصعدة، وصولاً إلى المناصفة، وفقاً لأهداف التّنمية المستدامة لعام 2030.
تبنّت الأمم المتّحدة من خلال منظّمة حقوق الإنسان -كإحدى المؤسّسات والهيئات التّابعة لها، والّتي تهدف بأساسها لتحقيق السّلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصّحّة- عدّة شعارات أطلقتها في يوم المرأة العالمي على مدى الأعوام السّابقة، كان آخرها: “المساواة المبنيّة على النّوع الاجتماعي اليوم؛ من أجل غدٍ مُستدام” Gender Equality Today For a Sustainable Tomorrow كشعار لهذا العام (2022) والّذي يتزامن مع مرور الذّكرى ال112 للاحتفال بيوم المرأة العالمي الّذي يأتي يوم 8 آذار من كل عام؛ حيث اتّفقت آنذاك نساء أوروبّا على التّضامن وتشكيل حركة نسائيّة عالميّة لمواجهة التّمييز الّذي عانته المرأة ضدّها عبر القرون. نضجت هذه الحركة وتبلورت بستينات القرن الماضي، الزّمن الّذي كان يُنظر قبله للمرأة بأنّها لم تُخلق للعمل القيادي؛ وكانت فيه تقلّد الرّجل في أُسلوب عمله في وصوله للنّجاح؛ إلى أن أصبحت الآن تعتمد على ما تملكه من مهارات وكفاءات وخبرات نجحت في دمجها مع الأساليب الّتي يعتمدها الرّجل لتلحق به بل ولتجتازه في كثير من حالات النّجاح. يهدف شعار هذا العام لتمكين جميع النّساء والفتيات حول العالم في المساهمة كقياديّات للعمل داخل مجتمعاتهن في سياق تغيّر المناخ وسياسات وبرامج الحدِّ من مخاطر الكوارث البيئيّة؛ وهو الموضوع الّذي يتصدّر قائمة المواضيع الّتي سيتم بحثها في الدّورة ال66 المقبلة “للجنة وضع المرأة” في الأمم المتّحدة والخاص بتحقيق المساواة بين الجنسين في قضايا المناخ والبيئة. يعتبر هذا التّوجّه بمثابة إقرار عالمي بالدّور الحيوي الّذي تلعبه المرأة في معالجة المشاكل على مستوى العالم واعتراف بأنّها صوت قائم ومستمر، وحتميّة وجودها مع الرّجل في جميع القضايا الحياتيّة، ومنها البيئيّة، في إطار من التّفاعليّة والتّكامليّة ضمن منهج شمولي من أجل بناء مستقبل أكثر استدامة للجميع.
كشفت البيانات الأخيرة الصّادرة عن منظّمة العمل الدّوليّة وهيئات حقوق الإنسان بمدى التّأثّر الكبير الّذي طال المرأة بسبب جائحة كورونا وبازدياد الفجوة بينها وبين الرّجل من حيث الضّرر الّذي طالها من الاضطرابات الّتي سبّبها الوباء بسوق العمل. فقد خسر 5% من نساء العالم وظائفهن مقابل 3,9% للرجل.
وتبيّن أن 25% أي واحدة من كل 4 نساء أمريكيات اضطّرت لترك عملها بسبب التّأثيرات الّتي خلقتها الجائحة في غضون عام واحد فقط إذ دفعت الجائحة لخروج أكثر من مليوني امرأة من سوق العمل مما أدّى إلى اتّساع فجوة البطالة بين الذّكور والإناث واعتبرت الأوسع في العقدين الماضيين، علماً بأنّ 40% من النّساء هنَّ المعيل الأساسي لأسرهنَّ. ينعكس هذا الوضع بطبيعة الحال على باقي دول العالم حيث أجبرت الجائحة ملايين النّساء على ترك القوى العاملة وأخريات كثيرات على التّفكير بذلك.
ووفق ما كتبته ميشيل باري أستاذة الطّب والأمراض الاستوائيّة بجامعة ستانفورد لمؤسّسة Women Lift Health عام 2021، بأنّه إن لم يتم التّحرّك الآن لعكس هذا الاتّجاه؛ فقد يصبح من المستحيل التّغلّب على هذه الفجوة لاحقاً ونحن لا نملك ترف خسارة الأشخاص القادرين على المساعدة في الخروج من هذه الأزمة أي النّساء.
ناهيك عن ارتفاع مستويات العنف المنزلي الموجّه ضد المرأة وتأخير أو تعليق الخدمات الصّحيّة المتعلّقة بالأمومة والطّفولة الّتي تشمل رعاية الأم الحامل ومسائل التّطعيم والعناية بالوالدة والمولود.
فوفقاً لموقع “فرانس 24” في 21/3/2021 أفادت تقارير منظّمة الصّحّة العالميّة بتعرّض 1/3 أي ثلث نساء العالم للعنف الجسدي والجنسي من قِبَل شركائهنَّ -في أغلب الأحيان- والّذي يتبعه أذى ومعاناة للمرأة سواء من النّاحية الجسمانيّة أو النّفسيّة جرّاء التّهديد والقسر والحرمان التّعسّفي من الحرّيّة والّذي زادت حدّته زمن الجائحة الّتي ساهمت في تفاقم تلك الأوضاع نظراً لملازمة البيوت والتّبعات الاقتصاديّة الصّعبة الّتي رافقتها. وقال مدير عام منظّمة الصّحّة بأن العنف ضدّ النّساء آفة متجذّرة في كلّ المجتمعات والثّقافات ودعا الحكومات للتحرّك حيث أن هذا النّوع من الآفات لا يمكن علاجه بلقاح.
بالرّغم من تطوّر الرّؤية لدور المرأة في العمليّة التّنمويّة؛ غير أنّه لا يزال هناك قصور في السّياسات والقوانين الخاصّة بتمكينها من تحقيق أهدافها وهي الّتي تطمح دائماً لتحقيق تقدّم أكبر وأكثر فاعليّة وأكثر عدالة ومساواة على جميع الأصعدة، سواء كان في وصولها لمراكز القيادة وصنع القرار وتمثيلها في المجالس النّيابيّة والتّشريعيّة ليكون لها تأثير وازن في تلك المواقع.
بالنّهاية؛ يجب أن يرافق إقرارنَا بوجود حواجز وعوائق تقف في وجه المرأة في عمليّة تقدّمها بالعمل والوصول لمراكز القيادة تدابيرٌ لكسر هذه المعوّقات وتبنٍّ للتّغيّرات الضّروريّة في السّياسات والأعراف الثّقافيّة وتفكيك الانحياز المبني على الجندر (الجنس) بغية النّهوض بدورها لأن النّهوض بالمجتمعات لا يأتي إلاّ من خلال الاعتراف بحقوق المرأة كشريك مساوٍ للرّجل في كل الأمور وتمكينها من تحقيق ذلك.
بهذه المناسبة كل عام ونساء العالم أجمع بألف خير.