مقال اليوم

*بين “قدسية” الاتفاق النووي والسلوك الإيراني… ماذا ينتظر المنطقة؟!*

هادي جان بو شعيا 
بعد تحميلها إيران مسؤولية الهجوم على ناقلة إسرائيلية في مياه الخليج وتأكيدها ردّاً جماعياً، أصدرت الإدارة الأميركية ومجموعة الدول الصناعية السبع G7 بياناً دانت فيه الهجوم الإيراني المتعمّد مع تأكيدها حماية حرية الملاحة في الخليج. وذلك فيما بدا أن الكونغرس الأميركي منشغلاً في نزع صلاحية البيت الأبيض بشنّ حروب في الخارج مع خروج دعوات للتشدّد تجاه إيران، خصوصاً مع تصريح السناتور الجمهوري جيم ريش الذي حمّل سياسة الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة الرئيس الأميركي جو بايدن مسؤولية عدم القيام بردّ قوي إزاء الهجمات التي طاولت مصالح أميركية لم تؤتِ ثمارها وفشلت بردع إيران.

حاليا، ترتفع أصوات أميركية تطالب بايدن بعدم العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، محذّرة من مغبة البداية “التصعيدية” لولاية الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي.كما صدرت مواقف وتعليقات على لسان مجموعة من الخبراء حيال نوايا إيران وكيفية تعامل البيت الأبيض معها وأبرزها التالي:
– الأولى، تتساءل عن عدد الصفعات التي من المفترض أن توجهها إيران لبايدن قبل أن يعي عجزه عن “تغيير سلوك طهران الخبيث”  من خلال العودة إلى الاتفاق النووي المبرم في 2015. ويقول أصحابها إنه يجب على الإدارة الأميركية التوقف عن التفاوض بشأن اتفاق سيعطي النظام الإيراني قوة برفع العقوبات عنه ويمنحه أموالاً واستثماراتٍ لتمويل هجمات أخرى في المنطقة، وبدلاً من تقديم المزيد من التنازلات يجب على بايدن الانسحاب من المفاوضات وزيادة العقوبات على إيران.
– الثانية، تذكر بأن الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي يتبنى مواقف مغايرة لسلفه حسن روحاني بشأن الاتفاق النووي وسيبدي استعداداً أقل بشأن تقديم تنازلات . وعلى الرغم من معرفة بايدن ذلك، إلا أنه لم يسارع للعودة إلى الاتفاق النووي مع بدء رئاسته. ويبدو أن هذا التأخر قد يجعل العودة إلى الاتفاق أمراً في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً بعد انتخاب رئيسي، ما يطرح تساؤلاً مشروعاً عما إذا كان سيصار إلى انتخاب رئيسي في ما لو تمت العودة إلى الاتفاق! ما هو مؤكد أن نهج الدبلوماسية سيكون أصعب الآن.
– الثالثة، تطرح فرضية حاجة بايدن الى خطة بديلة عن المحادثات مع إيران، مع توقعات تشي بفشل العودة إلى الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي مع تسجيل غياب خطة بديلة لفريق عمل بايدن عندما يحدث ذلك، ويطرح أصحاب هذا الرأي ثلاث نقاط هي :
* الإبقاء على العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حتى تتمكن إيران من إدراك أهمية التفاوض.
*  القيام بعمل عسكري مباشر بالتنسيق مع إسرائيل لمنع طهران من الحصول على سلاح نووي.
*  الرد على مقتل أي أميركي في أي هجوم يقوم به تنظيم مسلّح يعمل بالوكالة لصالح إيران.
لكن يبدو مستبعداً أن تجد مثل هذه الخطوات تأييداً داخل الحزب الديموقراطي الذي أضفى “قدسيّة” على العودة إلى اتفاق 2015.
– الرابعة، تناقش مسألة زرع اللااستقرار الإقليمي، خصوصاً على طرق النفط الحرجة، ما يمثل تكتيكاً استخدمته إيران منذ فترة طويلة عند مواجهة الضغوط، ويقول خبراء مناهضون لطهران : “إن المرشد الأعلى للثورة الاسلامية علي خامنئي ربما يبحث عن مواجهة ولو محدودة أو يكون مقتنعاً بأن انتهاج سلوك استفزازي هو السبيل الأنجع للحصول على تنازلات من الولايات المتحدة الأميركية”.
 بناء على ما تقدم، وفيما ترتفع وتيرة الضغوط المتبادلة وشد الحبال بين طهران وواشنطن قبيل العودة الصعبة او المستحيلة الى المفاوضات، يمكن مقاربة المسألة القديمة المستجدة على النحو الآتي: منذ عام، شنّت إسرائيل هجوماً وحرباً في البحر وهاجمت السفن الإيرانية في المياه الدولية على نحو غير قانوني، وعندما نشرت صحيفة “النيويورك تايمز” الخبر تمّ وصفه بأنه “إجراء بوليسي”. كما لو أن إسرائيل كانت تقوم بفرض القانون الدولي وليس انتهاكه. والآن حينما تنتقم إيران يُقال أنه تصعيد.
ربما يجب مراقبة ارتفاع التوترات بين اسرائيل وإيران وارتفاع حرارة الجبهات بين أميركا وطهران من شمال سوريا الى جنوبها الى جنوب لبنان وما بينهما من عراق ويمن وفلسطين حتى تكتمل الصورة في القراءة التي تبدو متشائمة هذه الايام حيال المنطقة.
———————————————————————————————————————————————————————-
الكاتب: هادي جان بو شعيا – إعلامي وباحث لبناني

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button