آخر خبرمقال اليوم
الجزائر بانتظار تغيير حكومي وثورة تعديلات
حيدر حيدورة-الجزائر
هل تكون ذكرى انطلاقة الثورة محطة لتغيير الحكومة و خطة عمل للسنوات القادمة ؟ تحتفل الجزائر هذه الأيام بالذكرى السبعين لانطلاقة واحدة من أهم ثورات القرن العشرين والتي دامت حوالي 8سنوات واستشهد فيها مليون ونصف مليون شهيد وأدت إلى انتصارها وطرد المستعمر الفرنسي الذي نهب خلال اكثر من 130 عاما ثروات هذا البلد وحاول طمس الهوية العربية والإسلامية لشعبه والذي اعتقد أن احتلاله لهذا البلد أصبح أمرا لا مفر منه وأن الشعب الجزائري لا حيلة له في مقاومة هذا الاحتلال حتى النهاية .
الذكرى السبعون لانطلاق الثورة ستشهد اضافة الى احتفالات و ندوات إقامة عرض عسكري ضخم في شوارع العاصمة الجزائرية المقابلة لجامع الجزائر الضخم وحسب بعض الأخبار المتداولة سيكون هذا العرض أهم من العرض الذي أقيم منذ سنتين بمناسبة الذكرى الستين للاستقلال و ستشارك وحدات مختلفة من ألوية الجيش الجزائري البرية والبحرية والجوية في عروض عسكرية ضخمة ويعتقد بعض المتابعين أن في ذلك رسالة هامة توجهها الجزائر في وجه بعض محاولات زعزعة استقرار البلد وخاصة ما يحضر له حسب الأخبار المتداولة عبر بناء محطات عسكرية إسرائيلية على الحدود الغربية للجزائر و المخاوف الجدية في ازدياد التعاون بين الجيش المغربي الصهيوني في كافة المجلات وخاصة تركيب أجهزة تنصت متطورة على طول الحدود بين المغرب والجزائر تستطيع من خلالها الإدارة العسكرية الصهيونية مراقبة كل الأراضي الجزائرية مع كل من يحمل في ذلك من خطر على الجزائر وأمنها خاصة وأن الجميع أصبح يدرك الآن مدى تطور القدرة التكنولوجية العسكرية الصهيونية والذي أثبتت الساحتين اللبنانية و الفلسطينية مدى خطورتها في أي حرب قادمة وما يتطلب ذلك من امكانيات بشرية وعلمية لمواجهته والحد من خطورته وضرورة الحذر الكبير في التعامل مع الأطراف الخارجية كافة خاصة وانه لا يمكن من أجل مواجهة هذا التطور العلمي إلا التعامل مع أطراف خارجية صديقة أصبح صعب جدا التأكد من مدى مصداقيتها وسريتها وعدم تسريب المعلومات السرية لأطراف معادية لا تريد إلا الخراب و الشر وعدم استقرار الجزائر نظرا لمواقفها الصارمة الحازمة لصالح الشعبين اللبناني والفلسطيني ورفضها للتطبيع مع الكيان الصهيوني.
بعيدا عن جو احتفالات ذكرى انطلاقة الثورة ينتظر الجزائريون تغييرا حكوميّا واسعا تحدث عنه الرئيس عبد المجيد تبون في أول مقابلة صحفية له مع الصحافة الوطنية بعد فوزه بالعهدة الرئاسية الثانية حيث أعرب عن عدم رضاه عن كيفية تسير بعض القطاعات الحيوية و تسربت معلومات من آخر اجتماع لمجلس الوزراء أنه وجه انتقادات و تحذيرات إلى العديد من الوزراء نظرا لعدم التقدم في عدة ملفات حيوية تتعلق مباشرة بالقدرة الشرائية للمواطن وعدم استقرار السوق محذرا في موضوع عدم توفر الأدوية في الصيدليات مما يعكس رغبته و رغبة القيادة السياسية في محاولة إصلاح الوضع و تحسينه خلال العهدة الرئاسية الثانية وهذا ما ظهر في نشاط العديد من الوزراء في الأيام الأسابيع الأخيرة في محاولة فهم لإصلاح الوضع خاصة وزير الصناعة والمواد الصيدلانية والذي رغم التقدم الذي خفف هذا القطاع في الاستثمارات المحلية والأجنبية فهناك تذبذب في توفير الأدوية وخاصة المتعلقة بالأمراض المزمنة وعدم قدرة السوق المحلي إلى اكتفاء السوق المحلي نظرا لمحدودية الإنتاج إضافة إلى ملف استيراد السيارات الخاص بوزارة الصناعة والذي لا يعرف استقرارا في استراتيجية الدولة الجزائرية بكيفية تسيير هذا الموضوع وحث الشركات العالمية الكبرى من أجل الاستثمار السريع في صناعة وتركيب السيارات داخل البلاد رغم إغراءات السلطات العليا بخصوص التسهيلات الضريبية ولكن الإجراءات البنكية و البيروقراطية الإدارية لا تسمح لهذه الشركات أن تتقدم سريعا من أجل هذه المشاريع.
أيضا قطاع الفلاحة يعرف عدم استقرار كبير وأسعار الخضار والفواكه منذ الفترة الصيفية تعرف تزايدا كبيرا تتعدى قدرة المواطن العادي نظرا للقدرة الشرائية المتواضعة لأغلب المواطنين مما يتطلب إعادة نظر في شروط التنازل عن الأراضي لصالح المستثمرين في هذا المجال من أجل زيادة المساحات المزروعة و إغراق الأسواق من أجل تخفيض الأسعار رغم التحسن الواضح في إنتاج الحبوب وخاصة القمح الذي قلص فاتورة الاستيراد الخارجي بشكل كبير.
وأيضا يجب مراجعة موضوع الرقابة على التجارة الخارجية والذي تشكل عقبة أساسية في دخول البضائع الأجنبية إلى الأسواق الجزائرية بطريقة شرعية وعبر الاطر الرسمية مما يسمح بعمليات التهريب الكبير والتي تتم عبر كل المنافذ البحرية و البرية والجوية مما أدى في الأسابيع والأشهر الأخيرة إلى ارتفاع كبير لسعر صرف العملة الأجنبية من أورو و دولار في السوق السوداء والتي أصبحت تشكل نسبة عالية في التجارة المحلية مما يؤدي أيضا إلى التهرب الضريبي ورفع كبير للأسعار في الأسواق المحلية. وأيضا تعرف الجامعات الجزائرية مع بداية الموسم الدراسي إضرابات للطلاب خاصة لطلاب الكليات الطب والصيدلة الذين يطالبون بتأمين مناصب عمل للأطباء المتخرجين وزيادة المناصب لطلبة الاختصاص إضافة إلى تسهيل عملية معادلة الشهادات في محاولة من الوزارة للحد من هجرة الأطباء إلى الخارج للعمل خاصة وأن خلال السنوات الأخيرة منذ فترة الكورونا آلاف الأطباء الجزائريين تركوا مناصبهم وسافروا إلى الخارج خاصة إلى فرنسا نظرا لانخفاض الرواتب وعدم الحصول على امتيازات تؤمن حياة كريمة كما يقولون.
بعيدا عن المشاكل الاقتصادية الجامعية والمالية يعرف أيضا قطاع الإعلام الرسمي تخبطا في إدارة هذا القطاع في غياب أي استراتيجية رسمية واضحة المعالم لكيفية التعامل مع هذا القطاع المهم والذي من المفترض أن ينقل صوت السلطة والمواطن لواقع البلاد والمشاكل التي تعرفها وهذا ما يظهر في تغيير خمس مدراء للتلفزيون الرسمي خلال عهدة الرئيس عبد المجيد تبون الأولى ورغم أن كل تغيير له اسبابه المختلفة عن الآخر لكن هناك اتفاق عند الجميع أن هذه الوسيلة الهامة للاتصال بعيدة جدا عن اهتمامات المواطن مما يفتح المجال لكل جزائري أن يفتش عن الخبر في وسائل إعلام أخرى سواء خاصة محلية أو أجنبية البعض منها معادي للجزائر ويزرع الفتنة والشكر عند الجزائريين ضد مسؤوليهم ونتيجة لذلك قامت المؤسسة الوطنية للنشر و الإشهار وهي مؤسسة رسمية تحتكر سوق الإعلانات الرسمية وعندها الإمكانيات المادية الضخمة بإنشاء قناة إخبارية مستقلة وهي الجزائر 24 من أجل محاولة سد الفراغ الذي تركته القنوات الرسمية ولكن سنوات بعد إنشائها لم تتمكن من فرض صوتها عند المواطن الجزائري ولا عند المشاهد العربي الذي من أجله أنشأت هذه القناة من أجل رفع صوت الجزائر في الميدان الإعلامي العربي والذي تحتكره إلى حد كبير مجموعة قليلة من القنوات العربية والدولية ويمكن أنت تغيب وزارة الاتصال الحالية في الحكومة القادمة بعد أن تم انتزاع الوصاية منها على المؤسسات الإعلامية الرسمية كالتلفزيون والإذاعة والصحف الرسمية وانتقلت إلى مصالح مديرية الإعلام برئاسة الجمهورية وبالتالي لم يبقى لها دور كبير في تنظيم الإعلام والأشراف عليه.
الرئيس عبد المجيد تبون أكد أنه يبحث عن كفاءات علمية جزائرية تتولى مسؤولية الحكومة القادمة وهذا من أجل تحسين خدمة المواطن ورفع حجم الضغوطات التي تواجه الحكومة لضمان استقرار السوق وتلبية احتياجات المواطنين في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية وتخفيف انتقاد النواب و أعضاء مجلس الأمة للوزراء الذين لا ينجحون في تسيير ملفاتهم . كل هذه المؤشرات تؤكد أن التغيير الحكومي القريب سيكون واسعا و إشارة على ضرورة اتخاذ قرارات جريئة واستباقية لإنجاح العهدة الرئاسية الثانية للرئيس تبون ويتم الحديث في الكواليس أن المرشحين الأساسيين لمنصب رئاسة الحكومة هما رئيس ديوان الرئيس السيد بوعلام بوعلام أو وزير الداخلية الحالي إبراهيم مراد الذي كان مدير الحملة الانتخابية للرئيس تبون لعهدته الثانية يأمل فيها المواطن الجزائري البسيط أن تتحسن فيها قدرته الشرائية ويتم تحقيق استقرار اقتصادي وتطوير القطاعات الحيوية بما يخدم مصالحه وأيضا الإسراع في تنفيذ المشاريع الكبرى التي تفتح المجال أمام آلاف مناصب الشغل والحد من نسبة البطالة التي تقلق المواطن وسلطة معا في ظل الاتفاق المشترك عند الجميع خارجيا إنّ الدبلوماسية الجزائرية إعادة للجزائر دورها المحوري سواء في المنطقة وأفريقيا وأيضا من خلال دور الجزائر الهام في مجلس الأمن لصالح نصرة قضايا الشعوب دفاعا عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من أجل استعادة حقوقهم وتحقيق حلمه ببناء الدولة المستقلة. خلاصة القول أن تغيير الأشخاص ليس بالضرورة سيؤدي إلى تغيير في النهج وطريقة عمل الوزراء إن لم يكن هناك خطة إستراتيجية حاسمة لمعرفة كيف تريد السلطة أن تسير البلاد خاصة وأن العديد من الوزراء الحاليين الذين لم ينجحوا في الحكومة الحالية استلموا مهام قيادية في فترات سابقة لتسيير شركات عمومية و أثبتوا كفاءات عالية أدت إلى تطوير هذه الشركات ونقلها إلى مستوى متقدم جدا فالمطلوب من أصحاب القرار حسم قرارهم بشأن سياسة الجزائر الاقتصادية والمالية والاجتماعية ووضع برنامج محدد للسير عليه من أجل تقدم الجزائر وتطورها.