من المُرجّح للفوز: هاريس أم ترامب؟
ما هي احتمالات فوز كاملا هاريس ذات الاصول الهندية الجامايكية على المرشح الجمهوري دونالد ترامب؟ أين مراكز قوة وضعف كلّ منهما؟ في ما يلي جزء من دراسة قدّمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تحت عنوان ” اتجاهات الانتخابات الأميركية”:
تتمتع هاريس بمواطن قوة عديدة تعزز حظوظها لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي الرسمية، وكذلك لمنافسة ترامب بقوة. إلا أنه لا يمكن التقليل من حجم التحديات التي سيكون عليها التعامل معها أيضًا.
أولاً: مواطن قوة هاريس:
1. يعطي ترشيح هاريس الناخبين فرصةً لاختيار شخص آخر غير ترامب وبايدن، وهو الأمر الذي تُظهر استطلاعات الرأي على مدى الأشهر الماضية أن الناخبين يريدونه. وإضافةً إلى ذلك، وبعد أن تبيّن أن بايدن قد يخسر المعركة الانتخابية في مواجهة ترامب، أصبح المتخوفون من عودة ترامب ينتظرون انسحاب بايدن، وجاهزين لدعم المرشّح البديل والتوحد خلفه. واستفادت هاريس من هذه الحالة الناشئة، ومن عدم وجود وقت للمنافسة بين مرشّحين داخل الحزب الديمقراطي.
2. تعدّ هاريس شابة نسبيًا، إذ إن عمرها 59 عاماً، وهو ما يعني أنها أصغر من بايدن (81 عامًا) بـ 22 عامًا، ومن ترامب (78 عامًا) بـ 19 عامًا؛ الأمر الذي سيغيّر وجهة النقاش الذي كان يدور حول سنّ بايدن وقدراته الإدراكية، لتتحول نحو ترامب الآن .
3. تشير استطلاعات الرأي إلى أن هاريس أصبحت بعد تلك المناظرة تتمتع بدعم أكبر من بايدن بين الديمقراطيين. فضلًا عن أن شعبيتها بين الشباب والنساء أعلى من بايدن أصلًا. ويُعدّ السود والشباب والنساء جزءًا مهمًا من القاعدة الانتخابية الديمقراطية .
4. يعزّز وضع هاريس بصفتها امرأة من خلفية عرقية مختلطة، هندية وجامايكية، ومؤيدة قوية لحق الإجهاض، مكانتها بين الشرائح الديمقراطية. وبحسب استطلاع أسوشيتد برس – نورك، فإن 6 من كل 10 ديمقراطيين يعتقدون أن هاريس ستقوم بعملها رئيسةً جيدًا، في حين لا يعتقد اثنان من كل 10 منهم ذلك، واثنان من كل 10 قالوا إنهم لا يعرفون عنها ما يكفي ليقرروا.
ستكون هاريس بعد إعلان بايدن دعمه لها في وضع يمكّنها من الحصول على دعم المندوبين المؤيدين له، وستتاح لها أيضًا فرصة الوصول إلى 91 مليون دولار موجودة في حساب حملة بايدن ، فضلًا عن تجيير الحملة وبناها اللوجستية من دون عوائق كبيرة. وقد جعل انسحاب بايدن المتبرعين لحملته وللحزب الديمقراطي يستأنفون تبرعاتهم، إذ جمعت حملة هاريس خلال يومي 21 و22 تموز/ يوليو، أي بعد انسحاب بايدن مباشرة، مائة مليون دولار من أكثر من 1.1 مليون متبرع؛ 62 في المئة منهم ساهموا أول مرة.
ترامب والتحديّات
أما ترامب، فعلى الرغم من توحد الحزب الجمهوري خلفه، فإن خروجه عن نص الخطاب المكتوب الذي أُعد له في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، والذي كان يسعى إلى تقديمه مرشح “الوحدة الوطنية” بعد محاولة اغتياله، أعاد التذكير بخطورة شعبويته والحقبة المتوترة أثناء رئاسته. وقد أعاد ترامب التذكير بمزاعمه عن سرقة الانتخابات الرئاسية منه عام 2020، واستهداف الديمقراطيين ووزارة العدل له سياسيًا، وهو ما لم يكن موجودًا في النص المكتوب أمامه . وقد أتاحت عودته إلى خطابه ذاك الفرصة للديمقراطيين لمهاجمته من جديد، بعد أن ترددوا في ذلك بعد محاولة اغتياله، وهو ما عبّرت عنه هاريس بوصفها إياه مجرمًا ساهمت بصفتها مدعية عامة سابقة في ولاية كاليفورنيا في محاكمة أمثاله . وإلى جانب ذلك، قد يثير اختيار ترامب للسناتور الجمهوري من ولاية أوهايو، جي دي فانس، نائبًا له، أيضًا انقسامات داخل الحزب الجمهوري، وخصوصًا أن فانس هاجم ترامب من قبلُ بشراسة، قبل أن يتحول إلى دعمه. إضافة إلى أن اختيار ترامب له، عوضًا عن نيكي هيلي، أثار امتعاض أنصارها في الحزب.
التحدّيات أمام هاريس
1. بدأت هاريس حملتها الرئاسية بزخم كبير، لكن التحدي أمامها سيكون الحفاظ عليه، وعدم ارتكاب هفوات قد تمسّ بفرصها في الفوز.
2. على الرغم من أن الدعم الذي تحظى به هاريس بين شرائح السود والشباب والنساء أكبر من الدعم الذي حظي به بايدن، فإن السؤال عن مدى قدرتها على كسب الناخبين البيض الأكبر سنًّا الذين ظلوا يدعمون بايدن، يبقى قائمًا. ولا يبدو واضحًا حتى الآن إذا ما كانت خلفية هاريس الإثنية وكونها امرأة يمثلان نقطة قوة أم ضعف في سعيها للفوز بمنصب الرئيس.
3. يشكّل عامل الوقت مصدر ضغطٍ كبيرٍ على هاريس التي لا تملك سوى نحو مائة يوم لبناء حملة رئاسية فعالة وقوية.
4. يثير بعضهم أسئلة حول قدرة هاريس على الصمود أمام آلة الهجوم الجمهورية، وخاصة أن ترامب معروف بخطابه المعادي للنساء والمشحون بالعنصرية. وينسحب ذلك أيضًا على قدرتها على التعامل مع الهجوم الجمهوري المتوقع على سجلها الضعيف، من المنظور الشعبوي، في إدارة ملف الهجرة غير المشروعة عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، فضلًا عن تحميلها إخفاقات إدارة بايدن بصفتها نائبة له.
5. على الرغم من حصول هاريس على دعم بايدن وكبار الديمقراطيين، فإن السؤال يبقى قائمًا عن إمكاناتها لتحافظ على عدد من الولايات الترجيحية التي فاز بها بايدن في انتخابات 2020 وأوصلته إلى الرئاسة. وهذا هو التحدي الرئيس الذي تواجهه.
تتمتع هاريس بمواطن قوة عديدة تعزز حظوظها لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي الرسمية، وكذلك لمنافسة ترامب بقوة
خاتمة
ما زال مبكرًا رسم صورة واضحة لوضع حملتَي هاريس وترامب في استطلاعات الرأي، على الرغم من أن استطلاعين للرأي صدرا في 23 من شهر يوليو/ تموز الجاري أشارا إلى أن كلا المرشحين متعادلان تقريبًا في فرصهما. في الاستطلاع الأول الذي أجرته الإذاعة الوطنية العامة و” بي بي إس نيوز” وكلية ماريست NPR/PBS News/Marist College، حصلت هاريس على دعم 45% من الناخبين المسجلين مقارنة بـ 46% لترامب. وإذا ما أُخذ في الاعتبار ترشح روبرت إف. كينيدي، فإن كلًا من هاريس وترامب يحصل على 42%، في حين يحصل كينيدي على 7%. ووفقًا للاستطلاع نفسه، فإن عدد المستقلين الذين لم يحسموا أمرهم ارتفع من 4% ما بين بايدن وترامب إلى 21% ما بين هاريس وترامب. وارتفعت أيضًا نسبة من لم يحسموا أمرهم بين الناخبين المسجلين من 2% بين بايدن وترامب إلى 9% بين هاريس وترامب. أما في ما يتعلق باختيار ترامب للسناتور فانس نائبًا له، فقد وجد الاستطلاع أن 28% من الناخبين المسجلين لديهم انطباع إيجابي عنه، مقابل 31% لديهم انطباع سلبي عنه، في حين قال 41% إنهم غير متأكدين. أما في استطلاع الرأي الثاني الذي أجرته وكالة رويترز مع شركة إبسوس للأبحاث التسويقية Reuters/Ipsos فقد وُجد أن هاريس تتقدم على ترامب بنقطتين مئويتين، 44% لهاريس مقابل 42% لترامب، بين الناخبين المسجلين، بهامش خطأ 3%. إلا أن ما يقدّم صورة أوضح عن السيناريوهات المحتملة للانتخابات الرئاسية القادمة يتمثل في استطلاعات الرأي للناخبين المحتملين، وليس المسجلين فحسب، فضلًا عن وجهة الولايات الترجيحية، مثل بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن وأريزونا وجورجيا. وسوف يتوقف الكثير على قدرة هاريس على إقناع الناخب بأدائها والتصدّي لحملة ترامب واستغلال الخوف من حالة الاضطراب والفوضى التي يخشاها الأميركيون في حال عودته إلى البيت الأبيض.