ثقافة ومنوعات

كتاب لنظام ثوريّ قد يُغيّر حياة البشر

Atomic Habits  كتاب لنظامٍ ثوريّ لتغيير حياة البشر

 روزيت الفار-عمّان

إنّه نظام ثوري في تحسين حياتك بنسبة 1% يوميّاً، فالتّغييرات الصّغيرة تعطي نتائج مذهلة.

Atomic Habits كتابٌ علميّ حديث صدر بنهاية 2018 ويعتبر دليلاً شاملاً لنصائح وملاحظات وآليّات عمليّة لتغيير حياة الفرد، إمّا بخلق عادات صحّيّة نافعة أو تخليصِهِ من عادات سلبيّة ضارّة. 

يشرح فيه James Clear، خبير علم العادات الحديث، بالتّفصيل؛ كيفيّة بناء كلا النّوعين من العادات مدعّماً شرحه بأمثلة واقعيّة؛ لتسهيل عمليّة الفهم؛ بهدف تحسين نوعيّة الحياة.

تُعرّف العادة الذّريّة بالعادة الصّغيرة الّتي يبنى عليها نظام مُتراكِم أكبر من العادات الهامّة واللّازمة لإحداث تغييرات جوهريّة في حياة الفرد، وبوعيٍ ذاتيّ كامل.

إنَّ التّخوّف من التّغيير ؛ هو ما يجعلنا نرفضه، أو نرغب بالقفز  إلى النّتائج مبكّراً للحصول على هدفنا بأقصى سرعة، ممّا يقودنا للمماطلة بالقيام به وتأجيله.

ولتخطّي ذلك الخوف، ينصح الكاتب بما يلي:

  1. ” البدء بالتّغيير الصّغير” Start Small.. خلافاً للاعتقاد الّذي يقول بأنَّ علينا أن “نفكّر بالكبير إن رغبنا بالنّمو” Think big to grow ويشرح صعوبة وفشل التّغيير الكبير المفاجئ. والبدء “بالتّحسين بنسبة 1% يوميّاً”. وبالرّغم من ضآلة حجمه، غير أنّ تأثير تراكم هذا التّغيير يؤدّي بنهاية العام لتحسين ما نسبته 37.7% إن استمرّ وتضاعف يوميّاً.
  1. التّركيز على نظام العمل وليس على الهدف. الأهداف ترتبط بالنّتائج، بينما الأنظمة ترتبط بآليّة الوصول إليها. فمثلاً: إن رغبت بأن تصبح شخصاً رياديّاً، فسيكون هدفك البدء بمشروع عمل ناجح. ثمّ تضع لنفسك نظام عمل لتنفيذه، كالاستيقاظ المبكّر، الالتقاء بفريق عملك، العمل على تنفيذ أفكارك، خلق استراتيجيّات، ثمّ تطويرها وتنفيذها والبدء من جديد وهكذا. فالمهم هنا نظام عملك، فإن صَلُح النّظام تحقّق الهدف.
  2. بناء عادات جيّدة تعتمد على هويّتك وتخدمها. كي تكون العادة الجديدة نافعة، يجب أن تُبنى على اساس هويّتك وليس على اساس النّتيجة. حدّد أوّلاً الشّخص الّذي تريد أن تصبحه وابنِ عليه العادة الّتي ترغب بخلقها. فخلق عادة القراءة مثلاً؛ يكون لهدف أن تصبح قارئاً وليس لقراءة كتاب.

مراحل تكوين العادة؟

لخّصها الكاتب بأربع خطوات مُتدرّجة هي:

  1. الإشارة. The Cue. أي الدّافع وراء مباشرة العمل. هي ملاحظتك للمكافأة. فحين يلحظ دماغك تلك المكافأة؛ فإنّه يبدأ أوتوماتيكيّاً بتوقّع الحصول عليها. فمهمّة الدّافع إذاً؛ توقّع المكافأة وليس تحقيقها.
  2. التّوق أو الرّغبة الشّديدة. The Craving. وهي ما يحدث عند تصوّرك للمكافأة. أي المرحلة الّتي تشتدّ بها حاجتك لتحقيق الإشارة والحصول على المكافأة.
  3. الاستجابة. The Response. وهي الإجراءات أو الرّوتين الّذي تتّبعه كي تصل إلى الإشارة.
  4. المكافأة. The Reward. بلوغك الإشارة الّتي رغبت بها وانطلقت منها، أي حصولك على ما جهدت لنيله.

فمثلاً؛ قد يكون الدّافع (الإشارة) عند شخص مدخّن مكوّناً من عدّة عوامل: كالشّعور بالتّوتّر أو كونه محاطاً بأشخاص مدخّنين أو تعرّضه لإعلانات السّجائر. فتبدأ عنده قوّة التّوق والرّغبة للحصول على النّيكوتين بالنّشاط؛ يعزّزها في ذلك، الإدمان الكيماوي لمادّة النّيكوتين. فنجده يذهب لمكان بيع السّجائر –إن لم تكن متوفّرة لديه- ويقوم بشرائها وإشعالها وتدخينها، وهذا ما يعرف (بالاستجابة). أمّا المكافأة، فهي ما يحقّقه له النّيكوتين من الشّعور المباشر والآني بالارتياح. ممّا ينمّي هذه العادة ويجعلها تتكرّر.

في مثال التّدخين، تعمل مادّة النّيكوتين الموجودة في التّبغ على تحفيز الدّماغ لإفراز أحد هرمونات السّعادة وهو الدّوبامين والّذي ينظّم آليّة “التّحفيز-المكافأة- والمتعة”. فعند التّوقّف المفاجئ عنه، تنخفض مستويات هذه المادّة الّتي يكون قد اعتاد الدّماغ على بعثها ويبدأ بحثَّ الشّخص على القيام بالتّدخين من جديد. هذه العمليّة تفسّر ظاهرة الدّوران في دائرة الإقلاع عن العادة ثم العودة لها من جديد. 

الخطوات الّلازمة لبناء أو هدم عادة جديدة:

– جعل ما ترغب به مرئيّاً وواضحاً. Obvious.

– خلق جوّ أو بيئة تجعله جذّاباً وسهلاً. Easy and Attractive.

– ثمّ التّحقّق بأن تكون نتيجته النّهائيّة مُرضية. Satisfying.

فمثلاً عند رغبتك بخلق عادة القراءة، ضع الكتب الّتي ترغب بقراءتها بمتناول يدك ونظرك واحرص مبدئيّاً على اختيار ما يناسب رغبتك من مواضيع القراءة. حاول خلق جوّ يساعدك على القراءة كتشغيل الموسيقى وتأمين قدر من الهدوء وإغلاق الهاتف. لا تحاول إجبار نفسك على القراءة الطّويلة، فالبدء، حتّى ولو بدقيقتين، يفيد إن تكرّر وتضاعف. فالمهم؛ هو الانتظام والمضاعفة يوميّاً وليس تحقيق الكمال. “كم مرّة” وليس “كم من الوقت”.

وعكس هذه الخطوات يفيد بهدم العادات السّيّئة. بمعنى جعلها بعيدة عن النّظر وغير جذّابة وصعبة الوصول إليها والتفكّر بالنّتائج السّيّئة وغير المرضية. كهدم عادة الإقلاع عن تناول الطّعام بين الوجبات مثلاً.

ولضمان نجاح عمليّة التّغيير، علينا اختيار عادة تتّصف بالواقعيّة والسّهولة وإمكانيّة التّحقيق. ثمّ التّدرّج بتنفيذها. كالنّهوض المبكّر وممارسة التّمارين الرّياضيّة.

يمكننا بناء عادات حميدة نستثمرها في التّخلّص من عادات سيّئة. كالخروج والمشي باكراً بدل النّوم المطوّل. فالتّخلّص من المشكلة (العادة السّيّئة) لا يأتِ بالتّركيز عليها، بل بخلق سلوك بديل مخالف ومفيد.

يعطي الكتاب أملاً كبيراً لمعالجة مَن يعانون من ظاهرة عدم الانتباه والحركة المفرطة ADHD، إن تمَّ تعليمهم القيام بعادات جديدة ومتابعتهم.

بالنّهاية، لا يمكن لأيِّ تغيير أن يحدث؛ دون وجود نيّة جادّة لتحقيقه. تحديد هدفنا، ماذا يجب أن نفعل، متى نفعل؟ وأين نبدأ؟ أي وضع خطّة للتّنفيذ. وخير العادات هي التّلقائيّة الطّبيعيّة الّتي لا تحتاج لمحفّز؛ وتشكّل جزءاً من هويّتنا.

lo3bat elomam

Recent Posts

غيمةَ العطر..اسكبيها

مرح إبراهيم يتساقط الثّلج بصمتٍ خلفَ نافذة الصّباح، ويغزو الجليدُ أرصفةَ الشوارع. تستغرقُ سكينةُ التأمّلِ…

4 days ago

Et si le maquillage n’était pas seulement une affaire de femmes !

Et si le maquillage n'était pas seulement une affaire de femmes ! Nadine Sayegh-Paris Même si…

5 days ago

هآرتس: لم نحقق شيئًا، ولم نهزم أحدًا، واقتصادُنا منهار وشبابُنا يهاجرون

ترجمة عن صحيفة هآرتس  لو جاء كائن من الفضاء وشاهد من فوق ما يجري، ماذا…

5 days ago

ملتقى أبو ظبي: وهم الاستقرار في عالم مضطرب ولكن….

 ناقش ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي الحادي عشر، الذي نظَّمه مركز الإمارات للسياسات، على مدار يومي…

7 days ago

Quand changer l’heure devient une affaire d’état !

Quand le changement de l’heure devient une affaire d’état ! Nadine Sayegh-Paris ‘Heure d’été’, ‘heure…

2 weeks ago

ماذا سيفعل ترامب في فلسطين واوكرانيا

  Guillaume Ancel ( كاتب فرنسي) ترجمة : مرح إبراهيم فاز دونالد ترامب فوزًا واضحًا،…

2 weeks ago