ثقافة ومنوعات

حدّث نفسَك،فيُهديك الدماغ حياةً افضل   

حدّث نفسَك،فيُهديك الدماغ حياةً افضل   

روزيت الفار-عمّان 

عنوان لواحد من عشرين كتاباً في “التّنمية الذّاتيّة” للدّكتور تشاد هلمستتر؛ أتت نتيجة تجارب وأبحاث استمرّت 20 عاماً؛ جمعها المؤلّف من علوم النّفس والأعصاب والفلسفة والدّين وإدارة الأعمال واستند لاستراتيجيّات أشخاص ناجحين في تبنّيه ووضعه لحلول يصنعها الشّخص لذاته عند رغبته في النّجاح.

تشاد هلمستتر، هو أوّل باحث سلوكي أثبت بأنَّ “للحديث مع النفس؛ القدرة على إعادة برمجة الدّماغ وتغيير سلوك الشّخص وإعادة توجيه مسارات حياته”.

يشرح الكتاب أساليب جديدة فاعلة لبرمجة أدمغتنا للاستفادة القصوى من طاقتها؛ بما يساهم بتحقيق الأهداف والنّجاح في الوصول للحياة المرجوّة. فهو وبعد أن جرّب مجموعة واسعة من حلول المساعدة الذّاتيّة؛ -كالتّفكير الإيجابي وتحديد الأهداف وإدارة الوقت والإيمان بالنّفس والأكل الصّحيّ وممارسة التّأمّل إلخ… قال بأنَّه لا يمكن لأيّ من هذه العوامل والمحفّزات أن تحقّق نجاحاً مستمرّاً نتيجة فشلها في معالجة كيفيّة عمل الدّماغ.

يتحكّم الدّماغ في كلّ ما نفكّر به ونفعله. وعليه؛ فإنَّه لا يمكننا إجراء تغيير دائم دون إعادة برمجة لهذا الدّماغ أولاً، وخاصّة أنّ أكثر من 75% ممّا يتمّ تخزينه في العقل الباطني يؤدّي لآثار عكسيّة ويعمل ضدّنا. فنحن مبرمجون على عدم النّجاح. 

كيف تعيد برمجة دماغك بالحديث الذّاتي؟ ممّا تتكوّن البرمجة العقليّة وكيف تعمل؟

لتسهيل استيعاب ذلك؛ يمكننا تشبيه الدّماغ بجهاز الكومبيوتر. ندخل البيانات أو التّعليمات بواسطة مفاتيح أو شاشة تعمل بالّلمس. يتمّ تخزينها على القرص الصّلب ثمَّ تظهر النّتائج على الشّاشة. بالمثل؛ يستقبل الدّماغ المدخلات بواسطة الحواس الخمسة. تُحفظ البرمجة بالعقل الباطني، أمّا النّتائج فهي مظهرنا وأفعالنا. فأنت بالتّالي تصبح حرفيّاً “ما ترى وتسمع وتلمس إلخ… فالعقل الباطني يعمل كمركز القيادة، فيه تُحفظ برامجنا ولديه عدد لامحدود من المفاتيح الكهروكيماويّة الّتي تتحكّم بكلّ شيء بدءً من الذّاكرة مروراً بالصّحّة والمواقف والانطباعات، الخوف والأحلام والمنطق والإبداع.

وعند استخدام استراتيجيّة نجاح جديدة؛ فهي، وإن أفادت في البداية، لكنّنا سرعان ما نعود للعادات القديمة الّتي تحكمها برامجنا القديمة. فالطّريقة الوحيدة إذاً لوقف ذلك؛ هي تصحيح أو استبدال البرنامج الأساسي السّلبي بآخر جديد واعٍ وإيجابي. وهذا هدف الكتاب الرّئيسي.

برمجتنا العقليّة الحاليّة تتكوّن بالأصل من:

  • مجموعة ما أخبرنا به الآخرون مراراً وتكراراً منذ ولادتنا وحتّى الآن وصدّقناه.
  • وما نحدّث به أنفسنا وانطبع بعقلنا الباطن بوعي أو دون وعي بواسطة كلمات منطوقة أو أفكار صامتة، مشاعر وانطباعات أو ردود أفعال جسديّة عملت على تعزيز تلك البرمجة وأصبحنا نعيشها. فالعقل الباطن لا يفرّق بين ما يدخله، هو يقبل برامجنا تماماً كما نقدّمها له. وبدورها؛ تقوم برمجتنا بتشكيل معتقداتنا وتوجّهاتنا ومشاعرنا؛ منتهية بتشكيل ما نحن عليه.

هناك خمس مستويات تقدّميّة “للحديث مع النّفس”. في المستويين الأوّل والثّاني يكون الهدف هو التّوقّف عن الحديث الذّاتي الضّار. وفي الثّالث والرّابع؛ البدء بتبنّي الحديث المفيد مع الذّات. ومع مرور الوقت سيبدأ المستوى الخامس بشكل طبيعي.

الأوّل: التّقبّل السّلبيNegative Acceptance وهو التّحدّث للذّات بلغة سلبيّة وقبولها. كأن تردد في نفسك “لا أستطيع” ” لو كان بإمكاني” “لا يبدو بأنّي سأفعل” “لو كان بمقدوري أن أكون كذا وكذا…” إلخ….هذا الحديث هو الأسوأ؛ ولسوء الحظ هو الأكثر استخداماً.

الثّاني: الاعتراف والحاجة للتّغيير. Recognition and need to change وهو المستوى الخادع. ويسهل التّعرّف عليه  باستخدام الكلمات “I have to”, “I ought to”، “عليّ أن أعمل كذا وكذا”، “عليّ أن أخسر من وزني”، “عليّ أن أكون أكثر دقّة بمواعيدي”. بالرّغم من أنّ ظاهر هذه العبارات جيّد؛ غير أنّه بمضمونه سلبيّ؛ فهو يقرُّ بأنّ وزني زائد أو بأنّي غير دقيق بمواعيدي وهكذا. فهو يشير للمشاكل دون أن يعطي حلولاً. الأمر الّذي يزيد من الشّعور بالذّنب ويعمل على الإحباط.

الثّالث: القرار بالتّغيير.Decision to Change وهو المستوى الجوهري المفيد؛ كونه يمثّل أخذ القرار بالتّغيير. كأن تقول: “لم أعد أخلّ بالوعد”، “لم أعد أبداً أحتمل أن آكل أكثر ممّا يلزمني” ، “لم أعد قادراً على الهزيمة”، “I no longer”, “I never”، توضع هذه العبارات بصيغة الحاضر وكأنّ التّغيير قد بدء بالفعل. هذا يأمر عقلك الباطني بأن يتصّرف بالحال.

الرّابع: أنا أفضلThe Better Me وبأن تقدّم نفسك بشكل إيجابي. “أنا أكون” أو “أنا لديّ”. مثلاً: “أنا قادر على التّحكّم بنفسي”، “أنا غير محدود”، “لديّ ذاكرة قويّة” “لديّ الجرأة لأقول كذا…”.

إنّ هكذا عبارات تلهمنا بأن نكون الشّخص الّذي نريده وبها نرسم صورتنا المكتملة الجديدة الّتي نرغب؛ ونقدّمها لعقلنا الباطني ونقول له: “هذا أنا الّذي أريدك أن تخلقه”، “هذا برنامجك الجديد الّذي عليك أن تعمل بموجبه”.

الخامس. التّأكيد العالمي. Universal Affirmation تتماشى في هذا روحيّاً مع العالم كلّه. حيث تستخدم كلمات تصف الواقع. مثلاً: “الحياة جميلة ومليئة بالفرح والسّلام”. يرتقي هنا حديثك الذّاتي لمستويات أعلى؛ ممّا يعكس منظوراً أوسع ووعياً أعلى.

بعض الاقتباسات:

  • “إنّ الدّوافع الخارجيّة قد توقظك، لكنّها لا تبقيك يقظاً طول الوقت”.
  • “الحياة ليست مسألة حظ وثروة”.
  • “معظم ما يحدث لك يحدث بسببك”.

وأخيراً؛

  • “حديثك المستمر عن نفسك لنفسك هو المفتاح لكيفيّة إدارة نفسك ولكيف تعيش”.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button