آخر خبرمقال اليوم

بوتين يحتل مناظرةَ ماكرون-لوبّن

مرح إبراهيم ـ ألمانيا

تواجَهَ الرئيس الفرنسي المُرشّح إيمانويل ماكرون والمرشّحة عن حزب “التجمّع الوطني” مارين لوبِن، المتأهّلان للجولة الثّانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسيّة، خلالَ المناظرة التقليديّة المتلفزة بين الجولتين، مساءَ أمس، الأربعاء 20 نيسان 2022.

استهَّلت مارين لوبن كلامها، قبل انتهاء الموسيقى التصويريّة الفاصلة بين التقديم والحوار، بالقول: “إن الميزة الأكبر لفرنسا تتمثل بشعبِها”. ابتدأ الحوار بهدوءٍ لا يخلو من التشنّج، حول محورٍ “القدرة الشرائية”، قبل أن يفتحَ مقدّما المناظرة (ليا سلامة اللبنانية الاصل، وجيل بولو) النقاش حول القضايا الدوليّة، انطلاقًا من الحرب الأوكرانيّة مرورا بالعلمانية والقدرة الشرائية والبيئة والإسلام وغيرها. 

  لا شك أن أوكرانيا كانت حجر الرحى في هذه المُناظرة، حيث وجد فيها الرئيس المُنتهية ولايته ضالّته الكُبرى لشنّ هجوم اتهامي أراده كاسحا لمنافسته الموسومة باليمن المتطرف مارين لوبن. تحدّث ماكرون عن تمدُّد الاعتداء الروسيّ نحو شرق أوكرانيا وعن دور فرنسا والبلدان الأوروبية في دعمها ماديَّا وتمكين استقبال خمسة ملايين لاجئ أوكراني في مختلف البلدان الأوروبيّة، مضيفًا أنه يجب العمل على تكثيف هذه المساعدات وتفادي تصعيد جديد. كما أشار ماكرون إلى أنه على فرنسا أن تعمل على توازن الأمم وأن تكون قوة توازن على المدى الطويل.

بهدوءِ المدركِ لحساسيّة المسألة، حيّت مارين لوبن جهودَ الرئيس ماكرون في مساعدة أوكرانيا، جهودٌ قالت إنها “تستحق المساندة”، معربةً بصوتٍ علت طبقته بعض الشيء عن دعمها المطلق للشعب الأوكراني وتعاطفها معه، لكنّها حذّرت رغم ذلك من العواقب الوخيمة التي ستترتب على فرنسا وأوروبا إثر العقوبات ضد روسيا وإيقاف تصدير البترول والغاز الروسيّين. كما أعربت عن قلق سابق من أن يصبح تحالف روسيا والصين قوةً اقتصاديَّةً وعسكرية عظمى، الأمر الذي يشكّلُ خطرًا على أوروبا وفرنسا.

أخذ الجوّ بالتوتر حينَ ردّ ماكرون على تصريحات لوبن، رغم مساندتها لدعمه، بنبرةٍ هجوميّة، قائلًا إنها “مرتبطة بالسلطة الروسيّة” وبـ”السيّد بوتين المتورّط بالحرب السورية”، مذكّرًا إياها بالمبلغ الذي اقترضته من البنك الروسيّ في العام 2014، قائلًا إنها تريد خدمة مصالح الفرنسيين، لكنّ مصالحها مرتبطة بالسلطة الروسيّة. أجابت مارين لوبن معترفةً بأنها لجأت إلى البنوك الروسيّة بعدما رفضت البنوك الفرنسيّة إقراضها”.

  ردَّ ماكرون: “عندما تتحدثين عن روسيا، تتحدّثينَ عن مُقرضِكِ، وهنا تكمن المشكلة يا سيدة لوبن”. العبارات التي سرعانَ ما احتلت عناوين التقارير المباشرة عن المناظرة المنتظرة.

واصل إيمانويل ماكرون التصعيد متّهمًا مارين لوبن بعدم تسديد قرضها، مما يجعلها “معتمدة على روسيا”، لكنّها ردّت بحزم، قائلةً: “لا أستطيع أن أدعك تقول إننا لا نسدّد القرض، نحن ندفع الأقساط كل شهر. الفترة طويلة، صحيح. نحن حزب فقير وهذا ليس عارًا”. ولم تتردّد لوبن في سياق الحوار بتذكير ماكرون بأنه قد استضاف الرئيس الروسيّ أيضًا في مكان عطلته.

لم ينتهِ النقاش حول محور أوكرانيا عند هذه التصريحات، فقد استمر إيمانويل ماكرون بمناقضة تصريحات منافِسَته، متهمًا إيّاها بأنها كانت من أوائل المسؤولين الأوروبيين المعترفين بانضمام القرم لروسيا. حينها، أخرجت مارين لوبن ورقةً تذكر بها بتغريدة نشرتها عام 2014 مصرّحةً فيها أنها تدعم أوكرانيا حرة، غير خاضعة لا للولايات المتحدة، ولا للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا، ليقاطعها ماكرون قائلا “لكن دون القرم”.

لا شكّ أن ترتيب المحاور على هذا النحو لم يأتِ عبثًا، إذ جاء موضوع الحرب الأوكرانية في أول نصف ساعة من المناظرة وبدا مُربكًا لمارين لوبن. كان لا بدّ للرئيسِ الحاليّ أن يلعبَ هذه الورقة الرابحة حتمًا أمامَ الرأي العام لإضعاف حجة منافِسته واستغلال موضوع القرض لدى البنك الروسي. لم يوفّر الرئيس-المُرشّح لولاية ثانية، وسيلةً لإظهار مارين لوبن أمام الشعب الفرنسي حليفةً لفلاديمير بوتن، في الوقت الذي تتوجه أنظار العالم بأسره نحو هذا الرجل المجسّد إعلاميًّا كالشيطانِ الأعظم. كانت تلكَ فرصةً ذهبيّةً لإظهار الخصمِ كمحامٍ للشيطانِ ومدينًا له بالملايين.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button