آخر خبرثقافة ومنوعات

الطريقة الحديثة لمعالجة الذاكرة والدماغ

 روزيت الفار-عمّان 

 ما هو النسيان؟ ومتى يكون مفيداً؟.

تعتبر الذاكرة، بأبسط صورها، مستودعاً لحفظ ملفات المعلومات والذكريات التي واجهتنا وتواجهنا على مدى  سنوات العمر؛ نرجع إليها حين نحتاجها، وتساهم إلى حدٍّ كبير في تشكيل مَن نكون وكيف نتعامل مع عالمنا الخارجي  بجميع نواحيه.

أمّا علميّا، فهي عمليّة عصبيّة معقّدة جداً تحتوي على عدد هائل من الأجزاء والوظائف التي تشكّل الدماغ.

قد تكون الذكريات واضحة وقويّة وتستمر لوقت طويل وتُدعى “الذكريات طويلة المدى” أو ضعيفة سريعة النسيان وهي “الذكريات قصيرة المدى”.

في مقال لصحيفة نيويورك تايمز نشر   في  12/1/2022 بعنوان ” هل يمكن تحسين الصحّة العقليّة والتحكم بعمل الدماغ من خلال تتبّع  أمواجه أثناء نشاط ما؟؟

تبدو معالجة الأمر ممكنة باستخدام ما يسمّى ب  Neurofeedback thyrapy. وهي جلسات علاجيّة  يقوم بها أطبّاء ومختصّون مدرّبون لأشخاص يعانون من حالات خلل ذهنيّ أو نفسي وذلك بتدريب أدمغتهم على اتّباع أنماط صحيّة معينّة موجودة لدى أولئك المرضى بالأصل، تؤدي بنهايتها لتحسين أو علاج أوضاعهم واسترجاع أشياء من ذاكرتهم، وتعتبر آمنة إذ لا يحتاج فيها المُراجع لأخذ أيٍّ  حبوب أو أدوية علاجيّة. وقد نجحت هذه التجربة في كثير من الحالات؛ شملت التوتر العصبي، فرط الحركة وعدم التركيز، الاكتئاب والخوف، اضطراب ما بعد الصدمة وصعوبات النوم والزهايمر والذّاكرة الضّعيفة وغيرها.

كيف تجري الجلسات؟

يتم تركيب أسلاك ذات أطراف كهرومغناطيسيّة على جمجمة المريض؛ تتصل بجهاز كومبيوتر يهتم بقراءة وتحليل أمواج الدّماغ؛ وتسجيل تفاصيل انعكاساتها بدقّة بواسطة مجسّات Sensors   تتحرّى وتتابع سير تلك الأمواج – دون التدخّل بنشاط الدماغ أو تحفيزه. وتظهر نتائج القراءة بشكليها المرئي والمسموع على شاشة الكومبيوتر أو عبر سماعات الأذن. ثمّ يُطلب من المريض التركيز على الأنماط الذهنيّة السليمة التي ظهرت أو تمَّ سماعها؛ والقيام بتكرارها، تماماً كعمل المدرّب الرّياضي الشخصي حين ينصح المتدرّب القيام بتكرار حركة معيّنة تفيده ببناء عضلاته وتشكيل جسمٍ رياضيّ سليم وجذّاب. والقسم الأهم إذاً هو التعرّض المتكرّر للأنماط الصحيّة المفيدة وتدريب الدماغ عليها؛ ما يؤدّي بنهايته إلى التّخفيف من شدّة الحالة أو معالجتها بالكامل إذا ما تمّت المتابعة.

رغم بعض الشكوك حول مدى نجاعة هذا العلاج، إلاّ أنه قد أُدخل مؤخرا ضمن برنامج التأمين الصّحّي لموظفي كثير من الشركات الكبيرة.

إنّ استخدام هذا الأسلوب في تدريب الدماغ يحسّن قدرة وأداء الذاكرة وعمل” الثيتا” theta  (نوع النشاط المرتبط باليقظة والتركيز بالدماغ والاحساس بالاتجاهات )، الأمر المفيد لمرضى الزهايمر في تحرّي الاتجاهات وطريق العودة للبيت بعد خروجهم.  

يقول جيم كويك المدرّب الأمريكي ومؤسس طريقة “كويك” لتحسين الذاكرة وأداء الدماغ والذي عانى بطفولته من اعتلال ذهني جعل اساتذته يرون أن لا مستقبل لديه، ويقوم حاليّاً بتدريب مشاهير الفن والسياسة ورجال الأعمال ومنهم إلون ماسك مؤسس شركة تسلا، يقول: “لا يوجد ما يسمّى بذاكرة جيدة وذاكرة سيئة، بل ذاكرة مُدرّبة وأخرى غير مُدرّبة، وأن الذاكرة ليست حالة ورثناها أو خُلقت معنا، بل عملاً نصنعه بنفسنا يكون قابلاً للتّغيير والتّطوير في كل الأوقات”.

أسباب النسيان أو العجز عن استرجاع معلومة:

1- قلة الرجوع إليها لعدم الحاجة لذلك، مما يجعلها مُهملة ويساهم في تلفها مع الزمن.

2- تداخل المعلومات ببعضها والتنافس فيما بينها. مثال ذلك حين تختلط أسماء الطّلّاب على أستاذ المدرسة فيصبح ينادي أحدهم باسم طالب آخر.

3- انشغال الدماغ وتركيزه على نشاط آخر أهم أثناء قيام الشخص بعمل ما.  فكم من مرة انتقلنا لنحضر شيئا من مكان آخر وحين وصلنا إلى المكان نسينا لماذا أتينا لذلك المكان وماذا نريد، أو كنّا نفكر بأمر مهم حين وضعنا مفاتيح السيّارة بمكان معيّن نسينا لاحقاً أين وضعناه.

4- عدم حفظ المعلومة بمكان متقّدم أو إعطائها أولويّة، سواء بقصد أو دون قصد.

5- ننسى الأشياء أحياناً لعدم وجود معلومات تشبهها داخل أدمغتنا نربطها بها. لذلك نحتاج لقراءة المعلومة الجديدة أكثر من مرّة كي يسهل حفظها وتخزينها. ويقال بأن عملية إجراء اختبار للمعلومات تمكّن من حفظها داخل الدماغ أكثر مما لو تركت دون اختبارات.

6- والأهم هو الناحية البيولوجيّة التي تتأثّر بتقدم العمر وتشمل عمل الدماغ وجميع أنشطة الجسم.

 أثبتت نتائج الأبحاث بأنَّ “نسيان” بعض المعلومات الضعيفة وإسقاطها يوفّر مساحة أكبر للمعلومات الأهم ويساهم في تثبيت لأخيرة وحفظها.

 بالرغم من فضل التكنولوجيا الحديثة بمساعدة الكثيرين من المرضى، غير أنّ لها دوراً مهمّاً في إضعاف الذّاكرة أو دفعها الى الكسل لدى الأشخاص العاديين، وذلك بتوفيرها للمعلومات على اختلافها بشكل سريع وسهل عبر تطبيقات البحث المختلفة التي أصبحت بمتناول الجميع؛ مما يحرم الدماغ من القيام بنشاطه الحيوي الطبيعي في التفكير والبحث والحفظ.    

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button