آخر خبرمقال اليوم
تركيا تتوسّع في افريقيا رغم ازماتها الاقتصادية

هادي جان بوشعيا

مع ارتفاع منسوب التنافس العالمي على الثروات والمعابر البرية والبحرية، يبدو ان افريقيا باتت ساحة فضلى لتجاذبات اقليمية ودولية عديدة، فبعد اوروبا والصين وروسيا واسرائيل، ها هي تركيا تتقدم خطوات صوب القارة السمراء .
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بدا جولة افريقية تشمل أنغولا وتوغو ونيجيريا. وكان سبق له أن وصف الزيارة، قبيل سفره، بأنها تندرج في إطار التأكيد على الشراكة الاستراتيجية مع إفريقيا. وبعض ما يقوله تؤكده الارقام ، ذلك أن حجم التبادل التجاري بين أنقرة والعواصم الإفريقية بلغ 25 مليار دولار أميركي، وإحصاءات الاستثمارات التركية في القارة تشير إلى إنجاز أكثر من ألف مشروع في خلال العقد الأخير.
الواقع أن الاقتصاد لم يكن الوجه الوحيد للحضور التركي، حيث يستأثر الأمن والدبلوماسية على حصة لا بأس بها من حراك أنقرة التي تقود قوة ناعمة من خلال البعثات الدبلوماسية، فضلاً عن رفع المساعدات الإنسانية والطبية ناهيك عن البرامج التعليمية.
أما على الصعيد العسكري، فقد سبق لتركيا أن تدخلت في أزمة ليبيا قبل نحو عام، الأمر الذي أسال الكثير من الحبر والتساؤلات والانتقادات الدولية والتي رافقتها مخاوف أوروبية من الأهداف التوسعية المبيّتة لأنقرة. وذلك بالتزامن مع التقدم باتجاه الصومال تحت الغطاء الانساني فيما كان العرب يتجاهلون ذلك البلد الشاسع والفقير
قد يكون صحيحًا أن ما حققته تركيا خارجيًا ينطوي على سياسة دفينة لتعزيز الخطط والاهداف التوسعية الرامية إلى إحياء ما بات يُعرف بالعثمانية الجديدة “نيو-أوتومان” Neo-Ottoman، لكن ذلك كلّه لم يفلح بتجنيب البلاد مشاكل داخلية تجلّت بأزمة مالية حادة دفعت بالليرة التركية إلى أدنى مستوياتها رافعةً بذلك التضخم إلى أكثر من 19%، كذلك بالنسبة لمعدلات البطالة التي فاقت ربع عدد السكان وفق اتحاد نقابة العمال التقدمي.
في المحصلة، فبين هذه المشاكل الدخلية وتلك الطموحات الخارجية تجد أنقرة نفسها أمام معركتيْن متوازيتين اي الطموح الخارجي الكبير والوضع الاقتصادي الخطير حيث ستكون المرحلة المقبلة كفيلة بتحديد قدرتها على تسييرهما.
ويبقى السؤال : هل ستنجح تركيا في الحصول على نفوذ سياسي واقتصادي وعسكري في القارة الإفريقية في ظل المنافسة الشرسة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والصين؟