آخر خبرمقال اليوم

العراق ينهض ولبنان ينهيار..لماذا؟

بغداد، بيروت- نعيمة الفضلي   

من حق رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن يزهو هذا السبت وهو يستقبل زعماء ومسؤولين كثيرين من العالم الغربي والشرقي ومن الدول المتنافسة إقليميا والمتصالحة على أرض العراق. فالرجل نجح حتى الآن في فرض لغة جديدة يسير فيها بين الألغام الكثيرة المحلية والإقليمية والدولية، تقول نحن لا نريد أن نكون طرفا في صراع المحاور، بل أننا سنحوّل عراق التاريخ والحضارات والجغرافيا والخير إلى ساحة للمصالحات والحوار ومد جسور التعاون الحقيقي.

هذا السبت سيأتي زعماء كثيرون وفي مقدمهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي خذله المسؤولون اللبنانيون بينما نجح في تعميق التنسيق مع الكاظمي، حتى ليكاد البعض يقول إن هذا المؤتمر الدولي العراقي هو ثمرة التعاون العميق والتنسيق الدقيق بين الرئيسين .

العراق الذي استضاف مؤخرا قمة ثلاثية على أرضه ضمّته إلى جانب مصر والأردن، شرع في استراتيجيات تعاونية إقليمية ودولية تهدف إلى بناء جسور تعاون اقتصادي و تجاري وبنيوي ونهضوي، خصوصا أن للاتفاق بين دول المنطقة وسط درس توازنات دولية جديدة، من شأنه فتح طرق برية وبحرية كبرى ووضع مشاريع وبنى تحتية هائلة.

الواقع إنه مع الاستعدادات الأميركية الجدية لسحب القوات من العراق، يرفع الكاظمي مستوى التعاون مع دول المنطقة والعالم مع الاحتفاظ بعمق العلاقات العراقية الأميركية.  فقد أكدت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن الدولي ليندا توماس  قبل يومين إنه بحلول 31  كانون الاول/ ديسمبر المقبل لن تبقى قواتٌ أميركية ذات دور قتالي في العراق .

يُلاحظ أنه بالتزامن مع هذه التصريحات الأميركية، يستمر الكاظمي في تعزيز علاقاته مع بكين وموسكو، فقد وقعت حكومته مع إحدى أكبر الشركات الصينية Power Chima هذا الأربعاء اتفاقا لإنشاء محطات طاقة شمسية على معظم الأراضي العراقية بمعدل طاقة يصل الى 2000 ميغاواط، وذلك فيما كان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين يزور موسكو ويعلن من هناك “أن سياسة العراق الخارجية مبنية على التوازن في علاقاته مع محيطه الخارجي وأنه استطاع تأسيس أرضية وأدوات الحوار “، وذلك فيما المسؤولون  اللبنانيون يتصارعون حول جدوى أو لا جدوى التوجه شرقا.

لا يتحدث الوزير العراقي من منطلق الأوهام وإنما من الواقع، فمناخات الحوار أدت إلى نجاح العراق في جمع إيران والسعودية على أرضه في لقاءين معلنين وربما لقاءات أخرى لم تعلن. هذا كان مستحيلا في السنوات الماضية حين كانت الأراضي العراقية مسرحا للتفجيرات والدواعش والدماء والانقسامات.

اذا كان البعض يقول ان عدم دعوة سوريا الى مؤتمر بغداد، سيثير مشكلة مع دمشق وطهران، وان هذا خضوعا لاملاءات غربية الا ان الصحيح يكمن في ان بغداد كانت من أكثر الدول العربية التي وقفت الى جانب سوريا منذ بداية نكتبها الجديدة، وهي  ارسلت وفدا الى دمشق وستزورها قريبا وفود سياسية واقتصادية وفكرية واعلامية عراقية وان القيادة السورية التي عززت علاقاتها مع العراق مع كل ما اثمر ذلك من مساعدات عراقية عبر الحدود، تتفهم الاحراج العراقي، والجانبان يدركان ان ثمة فصلا كاملا بين العلاقة العراقية السورية من جهة وبين ضرورات انجاح المؤتمر من جهة ثانية .

كذلك انعكست مناخات التعاون والحوار على الداخل، فرأينا رئيس الحكومة السابق نوري المالكي  للمرة الأولى منذ سنوات في اربيل يلتقي القيادي الكردي الكبير مسعود بارزاني رئيس الإقليم وذلك  في سياق الإعداد للانتخابات المقبلة .

أين لبنان من كل هذا، فهو ساحة لصراع المحاور والفقر والانهيار والتناحر ، وبدلا من تنويع التحالفات الدولية والإقليمية ينقسم ناسه بين السعودية وإيران وبين أميركا والصين وروسيا، وتفشل فيه المبادرات الدولية ويغرق بالعقم السياسي والانهيارات الاقتصادية والمالية .

لا شك أن في العراق ظروفا اقتصادية مستمرة على صعوبتها، وأن فيه أوضاعا أمنية ما تزال صعبة، وفيه انقسامات سياسية حادة، لكنه حتما نجح في وضع نفسه على طريق الخلاص والاستعداد لمواجهة ما بعد الانسحاب الاميركي والدخول إلى عصر التوازنات الدولية ، وهذا بحد ذاته يبث الأمل بأن الغد سيكون اجمل . فأين لبنان من كل هذا وهو ينتظر على قارعات طرق الأمم أن يأتيه بعض نفط عراقي .

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button