ثقافة ومنوعات

الإنسان مكان الكتاب لحلّ أزماتكم في ” المكتبة البشرية”

روزيت الفار-عمّان

إسمها بالانكليزية The Human Library  وهي باختصار تنظيم أو حركة عالميّة تطوّعيّة خدميّة، الهدف منها نشر ثقافة التّنوّع والشّمول Diversity & Inclusion وصولاً لتغيير المجتمع. وبدلا من وجود كتب فيها ، يتم الاستعانة عبرها بشخص بشري للحديث إليه والاستماع الى تجربته والتعلّم من تجاربه وكيفية حل مشاكله.

كان الدّنماركي روني آبرجل وشقيقه داني وزميلاهما أسمى مونى وكريستوفر إيريكسون أوّل من جاء بهذه الفكرة في ربيع عام 2000 لمعالجة قضايا الظّلم والتّحيّز والإقصاء الّذي يلحق بفئات المجتمع الّتي تختلف عن النّاس التّقليديين؛ مثال ذلك المختلفون عرقاً أو ديناً أو لون بشرة أو توجّهاً جنسيّاً أو ممّن لديهم إعاقات جسديّة أو خلل نفسي وما إلى ذلك حيث تُصبح هذه الفئات عرضة للتهكّم وإصدار أحكام مجحفة بحقّها من باقي فئات مجتمعها بشكل مُتعمّد ودون رحمة.

كيف تعمل هذه المكتبة؟
علينا أن نفهم أوّلاً أنّ “الكتاب المستعار” في هذه الحالة هو شخص بشريّ كان قد تمَّ تدريبه ويكون صاحب خبرة وقضيّة يشكّلان ما يريد القارىء المستمع التّحاور حوله والحديث عنه. يتمُّ ذلك بصراحة مطلقة وانفتاح تام يتلقّى فيها القارىء الإجابة على جميع أسئلته واستفساراته بكل موضوعيّة وأمانة وصدق وذلك في جلسة منفردة ولمدّة زمنيّة معينّة لا تتجاوز النّصف ساعة؛ حيث تقوم المكتبة بتوفير بيئة آمنة ومريحة لكلا الطّرفين كي تساعد في إنجاح تأثير الجلسة وفاعليّتها.

ولزيادة المقاربة بين المكتبة التّقليديّة والبشريّة؛ فإن لهؤلاء الكتب في المكتبة البشريّة عناوين وتصنيفات ومواضيع متنوّعة ومختلفة؛ تماماً كما هي الحال في المكتبة التّقليديّة. إذ نجد أشخاصاً لديهم خبرات بشأن التّحيّز العرقي “ناشط أسود” أو الدّيني “مسلم/مسيحي/يهودي/ملحد” أو “اكتئاب مزمن” أو “مثليّ  أو متحوّلي الجنس” أو المركز الاجتماعي وغير ذلك، وبإمكان القارىء اختيار مَن يريد منهم حسب حاجته.

تتكوّن هذه المكتبة البشريّة من متبرّعين كانوا قد مرّوا بتجارب التّحيّز في مواضيع خاصّة بهم شكّلت تحدّيات قاسية في حياتهم اليوميّة ، يشاركون تلك التّجارب مع القارىء ويشرحون له كيف كان باستطاعتهم معالجتها والتّغلّب عليها بهدف مساعدته.

الهدف الرّئيسي للمكتبة البشريّة يتلخّص في التّركيز على نبذ التّحيّز وتعزيز مفهوم الاحتواء، من خلال:

  1. الجمع بين المجتمعات المختلفة اجتماعيّاً وعرقيّا داخل المكان الواحد.
  2. التّغلّب والتّخلّص من ممارسات التّميير والانحياز.
  3. التّعلّم والتّثقيف والعمل على تغيير المواقف المتشدّدة.
  4. التّدريب على وقف إصدار الأحكام العشوائيّة على الغير المختلف.

انبثق عن هذه المكتبة مؤسّسات عالميّة كالحركة العالميّة للتّغيّر الاجتماعي التي تهدف الى مساندة برامج هذه المنظمة .

صارت هذه المكتبات منتشرة في القارّات الست وشملت ما يزيد عن ال70 دولة من بينها أمريكا وبريطانيا وكندا والهند وايطاليا. وتتم الدّعوة الآن للمزيد من المتطوّعين الّذين باستطاعتهم القيام بنشاطات بغية استضافة وإقامة فعاليّات في مجتمعهم كي يصبحوا “أصدقاء المجتمع”   ويستطيعون فهم أنفسهم من خلال معرفة وفهم الغير.

أجريت دراسات وبحوث بهذا الشّأن أظهرت نتائجها بأن هذة الجلسات تساعد القرّاء على فهم أوسع وأعمق لأهميّة الاختلاف والتّنوّع والاعتراف بأن “الاحتواء” لا يأتي فقط بالقبول بل يحتاج إلى مبادرة وعمل. وتقوم المنظّمة الان بتخصيص 8 بلايين دولاراً للتّدريب على برامجها من أجل تقليص العنف الموجّه لتلك الفئات والعمل على وقفه.

بالنّهاية، لدى كلٍّ منّا قصّته وتجربته الّتي يريد أن يخبرها ويشاركها دون خوف، قد تكون مصدر إلهام ومعرفة للآخرين. “فالمعرفة ” هي الشّيء الوحيد الّذي يزيد عند مشاركته تماما كالحب والتّعاطف.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button