ثقافة ومنوعاتشباب 20

المؤثّرون Influencers، كيف صاروا نجوما على وسائل التواصل؟

روزيت الفار -عمّان

“التأثير أوالمؤثّر” كلمة – بالرّغم من استخدامها منذ أواسط 1600 الّذي ارتبط  حينها بحركة المدارات السماويّة وبسياق علم الفلك بالذّات- إلاّ أنّها أُدخلت حديثاً وبالتّحديد بآذار من عام 2019 إلى قاموس اللّغة الإنجليزيّة كمسمّى وظيفيّ وجلب معه الكثير من المصطلحات والتّعابير الجديدة المتعلّقة بمجالات التّسويق وتحقيق الأرباح.

يُعرّف “المؤثّر” بمَن لديه القدرة على تغيير معتقدات وآراء الغير وسلوكهم تجاه أمر ما، ومن ثمَّ التّأثير بسير الأحداث بشكل عام. أمّا بالمفهوم التّسويقي؛ فهو الشّخص الّذي بإمكانه تحويل قرار المشتري المُحتَمل نحو الشّراء (التّأثير في قرار المشتري). فقد يكون من المشاهير أو الرّياضيين أو صديق تثق برأيه وأحياناً شخصيّة خياليّة.

اقتصرت مهمّة المؤثّر على أفراد الطّبقة الحاكمة والباباوات في العصور الوسطى من (500-1500) فكانوا هم فقط مَن يقوم بالتّرويج للأدوية حتّى مجيء الثّورة الصّناعيّة بين (1700-1800) الّذي شهد اندثار المجتمع الزّراعي واعتماد التّكنولوجيا والآلة في الصّناعة وتشكّلت من هناك نقطة تحوّل محوريّة بمفهوم “التّأثير”، فالمزيد من السّلع يعني المزيد من الإنتاج وهذا يحتاج للّدعاية والتّسويق. وفي أوائل القرن الماضي ومع دخول الرّاديو كان الخطيب الإذاعي هو المؤثّر الأوّل، وفي الثّلاثينات منه وُضعت صورة سانتا كلوز على علب الكوكا كولا؛ ما جعل المشروب ينجح في أن يصبح مشروباً عائليّاً، الأمر الّذي رفع مستوى مبيعاته. وبالأربعينات وبعد الحرب العالميّة الثّانية؛ كان التّركيز على صناعة الموضة والأزياء النّسائيّة بالذّات واعتبرت ريتا هاورث سيدة تلك الحقبة وأشهر المؤثّرين. اشتدّت الدّعاية ضد التّدخين والتّنويه لمضارّه الصّحيّة؛ ما جعل الكثيرين يقلعون عن هذه العادة، فخُلِقَت شخصيّة “رجل المارلبورو” الجذّاب بقبّعته وسيجارته لتكون أقوى المؤثّرين في استرجاع هذه العادة ورفع مبيعات تلك السّلعة من جديد. وبالسّتينات سجّل عدد الشّباب دون سن 25 حوالي نصف سكّان امريكا؛ فكان مشاهير الفرق الموسيقيّة والغناء أمثال “الرّولينغ ستونز والبيتلز” أهم المؤثّرين في التّرويج لصناعة الفن. ظهرت بعد ذلك شخصيّة مايكل جوردان بطل الNBA كأشهر المؤثّرين لتسويق أحذية “Nike”. ثمّ سندي كروفرد عارضة الأزياء العالميّة خلال التّسعينات بدعايات البيبسي. العام 2000 ظهرت “تلفزة الواقع” وكان أشهر وجوهها كيم كارداشيان. لكنّ النّقلة النّوعيّة كانت زمن دخول التّكنولوجيا الرّقميّة ومواقع التّواصل الاجتماعي خاصّة الانستغرام والظّهور البارز لما يسمّى “بالمؤثّرين” الّذي يحدّده أساساً عدد المتابعين. فهناك Mega Influencers وهؤلاء شخصيّات لديهم أعداد هائلة  تتجاوز المليون من المتابعين لكنّ هؤلاء مُقلّون بنشر خصوصيّتهم على تلك المواقع، كمشاهير السّينما ونجوم كرة القدم. وكلفة استخدامهم للترويج عالية جدا. Micro Influencers وهم مَن لديهم عدد متابعين أقل لكنّه يتزايد باستمرار، وتعتبر هذه الفئة عمليّاً أكثر فاعليّة. ينشر هؤلاء يوميّاتهم ومدوّناتهم القريبة من النّاس العاديين لكسب ثقتهم وولائهم. تعتمدهم الآن الشّركات الضّخمة لترويج منتوجاتها، فهم أقل تكلفة. بإمكان الشّخص العادي هنا أن يصبح من المشاهير وصاحب شخصيّة أكثر جدية بسرعة وعفويّة وسهولة إذا تمتّع بصفة الابداع والابتكار في رسم خطوط التّوجّهات العامّةTrends  وبشخصيّة كارزماتيّة وأجاد تسويق الذّات وقدّم محتوى يرغبه الأكثريّة. ظهر مؤخّراً ما يُدعى “بالمؤثّرين الصّغار” Nano Influencers فهؤلاء فئة تستخدم الانستغرام بعدد لا يتجاوز 5000 متابع دون مواقع وصور ومدوّنات برّاقة، لكنّهم الأقرب والأسرع لتنفيذ الخدمة والأكثر موثوقيّة عند متابعيهم. اصبحوا من المؤثّرين الأكثر جذباً للشّركات الرّائدة وكذلك للشّركات الصّغيرة والمبتدئة.

نرى أنّه بعد أن كان “العمل” على مختلف أشكاله -كمنتج سلعي أو خدمي أو فكري- أساساً للحصول على الدّخل واستمراريّة الإنسان وبقائه؛ أصبح ومع التّطوّر التّكنولوجي وامكانيّة وصول الفرد وتواصله مع أي شخص وأي مكان بالعالم ومشاركته لخصوصيّاته ويوميّاته وبشكل حيٍّ ومباشر -بات بإمكان الشّخص تأمين دخل كبير وسهل بعيداً عن ذلك المفهوم التّقليدي للعمل. فهناك جهات متخصّصة بمتابعة أسماء بعض الأشخاص وما ينشروه- باستخدام برنامج البحث “سبوكيو Spokeo– بمن ترى فيهم صفات الشّخصيّات المؤثّرة من خلال ما يعرضونه على مواقعهم  ورصد اعداد متابعيهم، تعمل على تشجيعهم بنشر المزيد من تلك المعلومات، ثمّ تقوم بتجميع وبيع هذه المعلومات لشركات الأعمال -مقابل مبالغ كبيرة- لغاية توظيف أولئك الأشخاص لرفع مستوى مبيعاتها وأرباحها. فأصبحت المعلومة الآن أو المعرفة مقياس الثّراء الفاحش لمن يمتلكها وقوّة العمل العظمى وعلى جميع الأصعدة سواء السّياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، وأصبح نموذج “المؤثّرين” أفضل مَن يمثّل تلك الظّاهرة.

————————————————————————–

المراجع:-Independent.Com

Dictionary.com

Brief History of Influencer. Brett Bermistien

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button