آخر خبرثقافة ومنوعات

الدماغ لا محدود، فكيف نستفيد من قدراته؟

 روزيت الفار-عمّان 

بعد أن أثبت العلم حقيقة مرونة الدّماغ   و” لامحدوديته”  وقابليّته للتّطوّر والتّغيير، أُجريت تجارب ودراسات نجحت في تعزيز قدراته وزيادة شحن طاقاته على التّعلّم؛ وجعله مصدراً لباقي طاقات الجسم الّذي يعمل على زيادة القدرات لدى الشّخص ويرفع مستويات أدائه وإنجازاته.

يذكر Jim Kwik، أحد أشهر مدرّبي الدّماغ في أمريكا والعالم، في كتابه الّذي يحمل عنوان “لا محدودLimitlessأهمّيّة “أساليب التّعلّم الحديث” -الّتي أصبحت تُعرف باسمه Kwik Learning Methods –وبأنّها باتت المهارة الأكثر ضرورة للتّركيز عليها في وقتنا الحاضر، ويعتبرها نقطة انطلاق لباقي المهارات.

لكن لماذا الآن؟

ربط كويك فكرة التّعلّم السّريع “بالرّقميّة”، وقال إنّ هناك أربعة (أشقياء رقميّين Digital Villains) دعته للقيام بوضع نموذج له؛ هي:

  • فيض المعلومات الرّقميّةDigital Deluge الّلامحدود بالنّسبة لمحدوديّة الوقت.
  • التّشتّت الرّقمي Digital Distraction وهو التّشتّت الذّهني الّذي يسبّبه استخدام الأشخاص المفرط لأجهزة التّكنولوجيا الحديثة، وهو ما يتسبّب في حرمانهم من التّفكير الواضح والتّعلّم السّريع والتّركيز المطلوب ويعيقهم عن العمل بكفاءة وفاعليّة ويمنعهم من الخروج والتّفاعل الاجتماعي، لكون جميع تلك الأمور ضروريّة لعمليّة بناء علاقات تفاعليّة عميقة داخل المجتمعات.
  • الخرف الرّقمي Digital Dementia حيث كان لسهولة وسرعة وصول الشّخص للمعلومة، تأثير في انحدار وظيفة الدّماغ الطّبيعيّة؛ إذ منعته من القيام بعمليّة التّذكّر واسترجاع المعلومات المخزّنة بداخلة. 
  • الاستنباط الرّقميّ Digital Deductionأي السّعي لاستخراج أو اشتقاق مزيد من الاستخدامات لهذه التّكنولوجيا لخدمة أغراض جديدة متعدّدة.

وقال أنّه بإمكان أيٍّ من هذه الثوابت الأربعة أو جميعها؛ تحدّي قدراتنا الطّبيعيّة وسرقة ذاكرتنا وانتباهنا؛ ما يؤثّر على الدّماغ ويتعبه ويُفشل عمله في التّعلّم السّليم.

ويتم تطبيق هذا الأسلوب باتّباع ما يعرف بنموذج F.A.S.T. إذ يمثّل كلُّ حرف بداية لكلمة تعني عملاً أو حالة يجب تطبيقها عند القيام بأيّة عمليّة تّعلّم مهما كان نوعها، ولجميع الأشخاص بغض النّظر عن الاختلافات بالسّن والتّحصيل العلمي والجنس والثّفافة والخلفيّة أو حالتهم الاجتماعيّة. فهذا نموذج يصلح لجميع حالات التّعلّم ولجميع النّاس. حيث أنّ

F=Forget. ينسى

A=Active. مُتفاعل

S= State. الحالة المزاجيّة للمتعلّم وظروف مكان التّعلّم.

T=Teach. يُدرّس.

وفي تفاصيل ذلك يقول التالي:

  1. ينسى F. Forget
  • تنسى الأفكار والمعتقدات السّلبيّة المتعلّقة بالشّخص أو بأمور حياتيّة عامّة؛ والمعيقة لعمليّة التّعلم -غالباً ما تكون خاطئة- نمت وتجذّرت بالعقل وأصبحت بمثابة مسلّمات نؤمن بها؛ كان يردّدها الأهل والمحيطون بنا على مسامعنا منذ الطّفولة. [لذلك على الآباء الانتباه لما يخرج من أفواههم من كلمات حين يتحدّثون لأبنائهم، فتلك الكلمات والعبارات تدخل لعقول هؤلاء الأبناء ويحدّثون بها أنفسهم طيلة حياتهم وتؤثّر على مستقبلهم. فاحرصوا أيّها الآباء على أن يكون كلامكم مع أبنائكم دافعاً ومحفّزاً ينمّي لديهم ثقتهم بنفسهم؛ وليس وسيلة لإحباطهم وفشلهم]. مثلاً: ذكاؤك محدود لا يمكنك أن تتعلّم بسهولة. أنت بطيء لا تصلح للسّباق. يعمل العقل في أقصاه بنسبة 20% من طاقته. الأخطاء إخفاقات. تعلّم الجديد عمليّة صعبة. حكم النّاس وانتقادهم أمورٌ مهمّة. الإنسان يُولد عبقريّاً، وغيرها.
  • تنسى أيّة مهام ليست ضروريّة أو مُستعجلة. فتعدّد المهام يخفض مستوى التّركيز.
  • تنسى كلّ ما تعرفه مسبقاً عن مادّة التّعلّم. فأكثر ما يعيق هذه العمليّة اعتقاد الشّخص بأنّه يعرف كل شيء.
  1. يكون مُتفاعلاً A. Active

وذلك بطرح أسئلة وتدوين ملاحظات حول الموضوع ومشاركة آرائه مع الغير. فجميعها أمور تساعد في سهولة الاستيعاب وسرعة الحفظ.

  1. يكون بحالة مزاجيّة إيجابيّة S. State

فحين تندمج المعلومة بالعاطفة يتم تخزينها بالذّاكرة طويلة الأمد (هذا ما يقوله العلم). لذلك لا يمكن لمن يكون بحالة ضجر وملل أثناء الدّرس أن يستوعب شيئاً. كذلك الاهتمام ببيئة أو مكان التّعلّم من حيث توفّر الضّوء الكافي والحرارة المناسبة والهدوء.

  1. تدريس ما يتم تعلّمه T. Teach

أن يتخيّل الشّخص بأن عليه تدريس أو نقل المعلومة للغير؛ ففي ذلك تعلّمٌ مضاعف.

جميعنا يسعى  باستمرار إلى التّغيير. وحيث أنَّ التّعلّم عمليّة ملاصقة لعمليّة التّغيير؛ وأنّ العلاقة بينهما طرديّة، فإنَّ تقدّمنا بأساليب التّعلّم وجعلها أساليب ذكيّة، يعني بالضّرورة؛ تغييراً للأفضلَ.

بالنّهاية، إنّ تحرير الذّهنيّة (طريقة التّفكير) وتصفية الذّهن من جميع معوّقات عمليّة التّعلّم أمور تقودك لأخذ المبادرة، وأنَّ التّحديد الواضح للهدف المُراد تحقيقه من التّعلّم، هو الدّافع الأهم لتلك العمليّة والّذي يمنحك الإلهام، وإنّ تبنّي الأسلوب المناسب للتّعلّم يؤمّن الوصول للنّتائج المرجوّة؛ وهي الخروج بإنسان لا محدود. لا نعني هنا الإنسان الكماليّ، بل المتكامل الّذي يستطيع الاعتماد على ذاته واجتياز الممكن.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button