آخر خبرقالت الصحف
لوموند: في الهند دعوات لتصفية المسلمين واعتداءات على المسيحيين

ميراي حدّاد-باريس
المتطرفون الهندوس يكثّفون دعواتهم للمجازر، دون أي رد فعل من حكومة مودي. هكذا تُعنون صحيفة ” Le monde” الفرنسية تقريرها الذي نشرته في عددها الصادر اليوم، وكتبه مارسلُها في نيودلهي رافي بينتو.
وفي ما يلي أبرز ما جاء في التقرير:
- عِبارات تُجمّد الدم في العروق، هي تلك التي تفّوه بها متدينون متطرفون هندوس، في خلال مهرجان كبير تم تنظيمه بين 17 و 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي في المدينة المُقدّسة هاريدوار شرقي مقاطعة أوتارأخند على بعد 200 كيلومتر من شمال نيودلهي. فأمام جمهور موالٍ بالكامل لقضيتهم، أقسموا على جعل الهند،الدولة العَلمانية والمتعددة الطوائف، مُجرّد دولة هندوسية، حتى لو أدى ذلك الى تصفية عشرات ملايين المسلمين الهنود ( والذين يشكّلون 15% من الميار هندي).
- بعد إيام ( على هذا المهرجان)، صدرت دعوات للتصفية العرقية ضد المسلمين، واجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي. قالت سيدةٌ اسمها بوجا شاكون باندي، عبر أحد الفيديوهات :” اذا كان بيننا 100 شخص مستعدين لقتل مليونين منهم، فنحن منتصرون اذاً وسوف نجعل الهند دولة هندوسية” ، وهي دعت في الشريط نفسه للصلاة من أجل ناتهورام جودسي، قاتل المهاتما غاندي، الذي يُعتبر أب الهند والذي كان يدعو للانسجام بين الأديان.
- رغم خطورة التهديدات،فإن رئيس الوزراء نارندرا مودي، المنتمي الى القوميين الهندوس من حزب بهاراتا جناتا ( أي حزب الشعب الهندي BJP) التزم الصمت. ويقول جيل فيرنييه بروفسور العلوم السياسية في جامعة آشوكا الخاصة في ضاحية نيودلهي :” إن هذه الأفكار قديمة، لكن التعبير عنها صار حاليا بلا أي عقاب، ولا إدانة من قبل أي عضو من الحزب الحاكم بتواطوء ضمني من الحكومة” .
- إن خطابات الحقد هذه تأتي قبيل عدد من الاستحقاقات الانتخابية التي تبدأ مطلع هذا العام وتجري في مناطق عديدة، وبينها تلك التي يقوم فيها ناريندرا مودي بحملة انتخابية بدعمٍ من قِبَلِ رجل الدين الهندوسي المتطرف يوجي آديتيانات، والذي اتُهم مرارا بمواقفه ضد الأقلية المُسلمة في أوتار براديش حيث يقطن 200 مليون شخض. ويقول الكاتب ديرندرا جها مؤلف عدد من الكتب حول الجماعات الهندوسية المتطرفة :” في كل انتخابات، يفكّر حزب الشعب بانه يستطيع ربح الانتخابات بإثارة المُجتمع عبر هذه الخطابات، وان ما يقوله رئيس الوزراء هو صيغة مُقنّعة من دعوات الحقد التي يُطلقها المتطرفون الدينيون في هاريدوار” . فرئيس الوزراء المنتهية ولايته كان قد أعرب عن احتقاره للامبراطور المسلم أورنكزيب الذي حكم البلاد بين 1658 و 1707 .
- بعد الموجة التي أثارتها فيديوهات هاريدوار، فتحت الشُرطة تحقيقا في 24 كانون الأول/ديسمبر الماضي أي بعد 4 أيام من المهرجان. وفي 31 من الشهر نفسه، وجّه 5 من قادة القوات المُسلحة السابقين ومعهم نحو 100 شخص آخر، رسالة مفتوحة الى رئيس الوزراء ورئيس البلاد حيال دعوات التصفية العرقية لمسلمين هنود” وقالوا إن على الحكومة اتخاذ إجراءات عاجلة لانه :” من غير المسموح القبول بهكذا دعوات للعنف”.
- في العام 2018 أحصت القناة التلفزيونية لنيودلهي NDT عدد التصريحات الحاقدة ، وقالت انها ارتفعت بنسبة 500% منذ وصول القوميين الهندوس الى السلطة، مقارنة بالحكومة السابقة، وأن 90 % من هذه التصريحات الدموية صدرت عن حزب الشعب الهندي. وترسخ هذا التطرف بعد إعادة انتخاب القوميين الهندوس على رأس البلاد منذ العام 2019 ،حيث اتُّخذت مجموعة من الإجراءات المنضوية تحت أيديولوجيا تفرض تفوّق الهندوسية على ما عداها، ومنها مثلا :
- بدأت الحكومة بالمصادقة على الحكم الذاتي الدستوري في كشمير، الدولة الهندية الوحيدة ذات الغالبية المُسلمة قبل أن تفرض على المنطقة إجراءات صارمة لتحكمها بالحديد والنار.
- تبنّت القانون المثير للجدل حول الحصول على الجنسية، بحيث يتم تسهيل ذلك للأشخاص الذين هربوا من دول مجاورة شرط الاّ يكونوا مسلمين. وحين أثار القانون ردود فعل مناهضة، دعا عدد من أعضاء حزب الشعب الهندي وحتى الحكومة الى ” اطلاق الرصاص على الخونة”
- منذ وصول مودي الى السلطة في 2014، انتقل العنف من الخطابات الى الشارع، وكانت الأقلية المُسلمة أولى ضحاياه. فباسم حماية البقر التي يقدّسها الهندوس، هاجمت ميليشياتٌ، المسلمين والداليت ( المنبوذين) بذريعة ارتباطهم بصناعة اللحوم، وعرفت البلاد عمليات سحل في الشوارع في السنوات الماضية. ولم يكن المسلمون وحدهم أهدافاً هذا العام، حيث اضطربت أعياد الميلاد بسبب هجمات متطرفين هندوس، بدأوا يهاجمون المسيحيين ( 2،3 % من السكان) ، حيث سُجّل فقط ما بين كانون الثاني وتشرين الأول الماضيين أكثر من 300 إعتداء ضدّهم وضد أماكن عبادتهم .
- يقول الباحث جيل فيرنييه :” ان حفنة صغيرة فقط من المسؤولين السياسيين في البلاد تجرؤ على الدفاع عن النموذج العَلماني الهندي، وبهذا يكون حزب الشعب الهندي قد ربح حرب ثقافته بفرضه الهندوسية كديانة وحيدة شرعية تستطيع التعبير والدفاع عن نفسها.
- مهما كانت نتائج الانتخابات المُقبلة بالنسبة للقوميين الهندوس، فان المُجتمع الهندي بات أمام خطر حملِ وصمةِ العار هذه طويلا.