آخر خبرافتتاحية

قمة بغداد أهم من الصورة

بغداد سامي كليب : 

مجرّد أن يلتقي الإيراني والسعودي والاماراتي والتركي  والقطري والمصري على أرض العراق، هو إنجاز بحد ذاته. فقمة بغداد التي اختتمت أعمالها أمس بحضور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي ساهم في تنظيمها، تؤكد على الدور الذي تلعبه السلطات العراقية في الوقت الراهن تحت شعار الحوار والسلام وتبريد الجبهات وانهاء الحروب والتعاون  لما  فيه مصلحة دول المنطقة كافة.

بعد سنوات الحرب والدمار والارهاب، وقبل نحو شهر من الانتخابات التشريعية التي تجري في العراق في 10 تشربن/ الاول اكتوبر المقبل، قدّمت السلطات العراقية صورة مفرحة وسط الضباب الكثيف والقلق المتنامي في المنطقة، فاعطت قمة بغداد مؤشرات جيدة على أن العودة الى لغة الحوار والمنطق ممكنة، وان الشروع في التحول من الصراعات والنزاعات الى افق التعاون التجاري والاقتصادي وفتح المعابر البحرية والبرية والشروع في البنى التحتية لورشة اقليمية كبيرة باتا مطلوبين أكثر من اي وقت مضى  .

من السابق لاوانه توقع نتائج مذهلة ، لكن الأمر لن يتقصر حتما على الصورة التذكارية التي جذبت كثيرا من الاعلام ليس فقط بسبب اهمية هذه القمة وانما ايضا لان  وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان الذي زار فور وصوله الى بغداد موقع اغتيال اللواء قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي ابي مهدي المهندس، تعمّد الانتقال من الصف الثاني الذي كان مخصصا لوزراء الخارجية في الصورة الى الصف الاول المخصص  للرؤساء فتوسط الوقوف بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وحاكم دبي ونائب رئيس دولة الامارات محمد بن راشد.

سلط بعض الاعلام الانظار على ما فعله اللهيان، لكن الرجل تعمّد التحدث باللغة العربية في القمة، وذلك في اشارة الى ” مد جسور الحوار ” وفق ما قال أحد اعضاء الوفد الايراني .

لم تتاخر الامارات في الرد بلغة الحوار والانفتاح ايضا بعد اللقاء الذي جمع بن راشد باللهيان، فكتب نائب رئيس دولة الامارات  مخاطبا المسؤول الايراني الذي تولى منصبه قبل ايام : ” تمنياتي له بالنجاح في مهامه الجديدة بتطوير علاقات إيجابية مع دول الجوار وترسيخ علاقات تقوم على مبادئ الحكمة ومصلحة الشعوب ،وتحياتنا دائما للشعب الإيراني الجار والصديق”.

والى المناخات الايجابية التي شهدت لقاءات ثنائية على هامش القمة ، فان بغداد خلت من اي حادث او توتر امني ، وكان لنا نحن الاعلاميين الموجودين هنا، فرصة التجول حتى ساعة متقدمة من الفجر ، ولقاء مجموعة من الزملاء والسياسيين، حيث بدت العاصمة العراقية عروسا تستيقظ من سبات عميق، وتحاول ان تفتح عينيها مجددا لترى النور ، وذلك وسط حواجز امنية كثيرة لتأمين القمة  وبسبب حظر التجول المرتبط بجائحة كورونا .

كلما مررنا بشارع، يشرح لنا الزملاء العراقيون أماكن التفجيرات الدموية الاجرامية وامكنة سقوط قذائف وشواهد الاغتيالات، ولعل في هذا التاريخ القريب والقاتم ما يعطي مثل هذه القمة بعدا انسانيا آخر حيث يكون للحوار  في بلاد الرافدين التي يدميها الموت منذ سنوات طويلة، نكهة بداية الخروج من النفق .

لا شك ان المسار طويل، وما زال محفوفا بعقبات كبيرة، من الداخل والاقليم والصراعات العالمية، لكن الاكيد ان ثمة اجماعا لدى معظم العراقيين بضرورة البحث عن آفاق جديدة لان الانسان العراقي ضاق ذرعا بكل الصراعات . وفي هذا هو يشبه كل انسان عربي في معظم الدول .

ان نجاح العراق في عقد هذه القمة ، بعد نجاحه في جمع السعودية وايران على ارضه، يعيد لبغداد دورا محوريا ويساهم في البحث عن حلول وتعاون اقليميين، لكن السؤال المركزي ، هل سيُسمح للعراق بدور كبير في المنطقة ، أم أن الهدف من بعض الاحتواء العربي له هو تخفيف الدور الايراني فيه وجذبه صوب خيارات استراتيجيه اخرى في المنطقة؟

العراقيون وحدهم يستطيعون تقرير مصيرهم لو توحّدوا ، فلم يدخل أحد الى بلادهم سوى بسبب فرقتهم التي يبدو أنهم يعملون منذ فترة غير قصيرة على تضييق هامشها. علّهم ينجحون لانهم يستحقون النهضة والسلام والرفاهية والفرح .

______________________________________

في ما يلي البيان الختامي للقمة كما ورد رسميا

اجتمع المشاركون في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة في ٢٨ اب ٢٠٢١ على مستوى الزعماء والقادة لدعم العراق والتباحث بشان التحديات والقضايا المشتركة والافاق المستقبلية.

وأعرب المشاركون عن شكرهم وتقديرهم لجهود جمهورية العراق بعقد ورعاية هذا المؤتمر بمشاركة زعماء وقادة دول المنطقة والصديقة، وعبروا عن وقوفهم الى جانب العراق حكومة وشعبا، وشددوا على ضرورة توحيد الجهود الاقليمية والدولية وبالشكل الذي ينعكس ايجابا على استقرار المنطقة وامنها. بدوره ثمن العراق الدور التنسيقي الذي لعبته الجمهورية الفرنسية لعقد وحضور هذا المؤتمر ومشاركتها الفاعلة فيه.

رحب المشاركون بالجهود الدبلوماسية العراقية الحثيثة للوصول الى ارضية من المشتركات مع المحيطين الاقليمي والدولي في سبيل تعزيز الشراكات السياسية والاقتصادية والامنية وتبني الحوار البنّاء وترسيخ التفاهمات على اساس المصالح المشتركة، وان احتضان بغداد لهذا المؤتمر دليل واضح على اعتماد العراق سياسة التوازن والتعاون الايجابي في علاقاته الخارجية.

جدد المشاركون دعمهم لجهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وفقا للاليات الدستورية واجراء الانتخابات النيابية الممثلة للشعب العراقي ودعم جهود العراق في طلب الرقابة الدولية لضمان نزاهة وشفافية عملية الاقتراع المرتقبة.

اقر المشاركون بان المنطقة تواجه تحديات مشتركة تقتضي تعامل دول الاقليم معها على اساس التعاون المشترك والمصالح المتبادلة ووفقا لمبادىء حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام السيادة الوطنية.

كما أثنى المشاركون على جهود العراق وتضحياته الكبيرة في حربه على الارهاب بمساعدة التحالف الدولي والاشقاء والاصدقاء لتحقيق الانتصار، ورحبوا بتطور قدرات العراق العسكرية والامنية بالشكل الذي يسهم في تكريس وتعزيز الامن في المنطقة، مجددين رفضهم لكل انواع واشكال الارهاب والفكر المتطرف.

ثمن المجتمعون جهود الحكومة العراقية في اطار تحقيق الاصلاح الاقتصادي بالشكل الذي يؤمن توجيه رسائل ايجابية تقضي بتشجيع الاستثمار في مختلف القطاعات ويعود بالنفع على الجميع ويخلق بيئة اقتصادية مناسبة ويعزز عملية التنمية المستدامة وخلق فرص العمل.

اكد المشاركون على دعم جهود حكومة جمهورية العراق في اعادة الاعمار وتوفير الخدمات ودعم البنى التحتية و تعزيز دور القطاع الخاص، وكذلك جهودها في التعامل مع ملف النازحين وضمان العودة الطوعية الكريمة الى مناطقهم بعد طيّ صفحة الارهاب.

شدد المشاركون على ضرورة استمرار التعاون في مواجهة جائحة فايروس كورونا من خلال تبادل الخبرات ونقل التجارب الناجحة بشان اليات التطعيم و دعم القطاعات الصحية وبناء تعاون فاعل لمواجهة هذا التحدي المشترك وتاثيراته الصحية والاجتماعية والاقتصادية الكبيرة.

كما تم الاتفاق على ضرورة تعزيز الجهود مع العراق للتعامل مع التحديات الناجمة عن التغيير المناخي والاحتباس الحراري وفق الاتفاقات الدولية ذات الصلة.

بدوره، عبر العراق عن امتنانه وتقديره لهذا الحضور الفاعل من قادة الدول الشقيقة والصديقة ووزراء الخارجية والمنظمات الاقليمية والدولية والبعثات الدبلوماسية المشاركة والمراقبة في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة.

**************

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button