آخر خبرقالت الصحف

لوموند الفرنسية: بايدن ونتنياهو مختلفان على كلّ شيء

                  لوموند الفرنسية: بايدن ونتنياهو مختلفان على كلّ شيء 

                                    والسعودية لا تريد خروج الفلسطينيين خاسرين 

آلان فراشون ـ صحيفة لوموند

ترجمة مرح إبراهيم

لَم يعد الزّعيمان، الأميركيّ والإسرائيليّ، جو بايدن وبنيامين نتنياهو، متفقَين على شيء.

هل ينبغي أن نأخذَ الالتزام الأميركيَّ بإقامةِ دولةٍ فلسطينيّة على محمل الجدّ؟ للمرتابينَ حججهم الوجيهة، لكنّه من الحكمة عدم استبعاد أيّ احتمال: وعلى كثرة المتشائمينَ في الشّرق الأوسط، فهم ليسوا دومًا على حقٍّ.

 ها هيَ الحربُ على غزّةَ تدخلُ شهرَها الثّامن,و الحكومةُ الإسرائيليّة، بقيادة بنيامين نتنياهو، تشنّ هجومًا على الطّرف الجنوبيّ من الأراضي الفلسطينيّة، في جزء من مدينة رفح، مما أثار استياء واشنطن، بينما أعلنت حماس موافقتها على وقف إطلاق النار مؤقّتًا، مقابل إطلاق سراح نحو ثلاثين رهينة إسرائيلية، والإفراج عن مئات المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل .

يحاول رئيس الوزراء الإسرائيليّ المماطلة بكسب الوقت، إذ لا يرضيه هذا الاقتراح.  وهو يؤكد أنه يريد “نصرًا كاملًا” ضد حركة حماس الإسلاميّة، المسؤولة عن هجوم السّابع من أكتوبر/تشرين الأوّل 2023 في جنوب إسرائيل، الذي أسفرَ عن قتل نحو 1200 شخص.

في هذه المرحلة من الحرب، التي تدعمها الولايات المتحدة منذ البداية، لم يعد جو بايدن وبنيامين نتنياهو متفقين على شيء. وللمرّة الأولى، علّقت واشنطن تزويد الجيشِ الإسرائيلي بالذخيرة، رافضةً الهجوم على مدينة رفح.

صوملة” تدريجيّة

لجأ أكثر من مليون شخصٍ من سكّانِ غزّة، من شمال القطاع أو مركزه، إلى رفح، هرباً من القصف المكثّف،  “العشوائي” أحياناً، كما وصفه جو بايدن، وهم أنفسهم، بنسبةٍ لا يستهانُ بها، أبناء لاجئين من حرب  1948 وأحفادُهم. لقد أسفرت الحملةُ التي شنّتها إسرائيل عمّا يقاربُ 35 ألف قتيل، وفقَ حماس. لقد أصبحَ معبر رفح، الذي تحوّلَ إلى مخيّم مؤقت هائل، لا بنية تحتيّةً فيه، من مدارس ومستشفيات وإدارة، يرمز الآن إلى مستقبل قطاع غزّة المدمّر : “صوملة” تدريجيّة تُنشئُ جيلًا جديدًا من الجهاديين.

وفقَ صحيفتيّ نيويورك تايمز وفاينانشيال تايمز، تستنفرُ بعض الدّول العربيّة من أجل “اليوم التالي” (أيّ الحرب)، حيثُ يفكّر المصريّون والإماراتيّون والسعوديّون في تشكيل قوّة حفظِ سلام، بدعمٍ من الولايات المتحدة، هدفُها ضمان أمنِ غزّةَ وإعادة إعمارها لفترة مؤقتة، قبل تسليم إدارتها إلى السّلطة الفلسطينيّة. لكنّ هذه الدولَ، تضمّ شعوبًا فاقمت حربُ غزّة مشاعرَها المعادية لإسرائيل.

فهم لا يستطيعون الالتزام إلّا بشرط واحد: على واشنطن أن ترعى مفاوضاتٍ تهدف، خلال أجلٍ مسمّى، إلى إنشاء دولة فلسطينيّةٍ إلى جانب إسرائيل.

لن يؤيد الائتلاف البرلمانيّ، الذي يضمّ اليمين الأكثر تطّرفًا، ويضمن بقاء بنيامين نتنياهو في السّلطة، أبدًا هذا الحلّ، إلا إذا تبدّدت آماله السياسيّة.  ومن ثمَّ دور المحادثات التي تجريها الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية. 

الضوء الأخضر الإقليميّ

 مشروع الدبلوماسيّة الأمريكيّة الرئيسُ في الشّرق الأوسط : على الرياض إقامة علاقاتٍ دبلوماسيّة مع إسرائيل ، الأمرُ الذي سيكون جوهر منطق “اتفاقيّات أبراهام”. وبالتّالي، قد يمنحُ زعيم العالم العربي السّنيّ، حامي الحرمين، الدولةَ اليهودية ضوءًا إقليميًّا أخضرَ، ممّا سوف يزيد جمهورية إيران الإسلامية، زعيمة الإسلام الشيعيّ، عزلةً.

 لكن، خلافًا للتطبيع الذي حدث في العام 2020 بين الدولة اليهوديّة، من جهة، والإمارات العربية المتحدة والبحرين من جهة أخرى، يعتزم السعوديون ألا يخرج الفلسطينيون خاسرينَ في نهاية المطاف.  فهي تشترط مقابل إقامة علاقات رسميّة مع إسرائيل، إنهاءَ استعمار الضفّة الغربيّة والتفاوض بشأن الدولة الفلسطينية ـ وهي المحادثات التي تجري الآن مع السلطة الفلسطينية المتجددة (فتح، المنافسة لحماس).

يبدو كلُّ ما في هذه المبادرة غيرَ مقبول لليمين الإسرائيلي، إذ يفضّل الائتلافُ الحاكم ضمَّ الضفّة الغربية بدلًا من التطبيع مع السعودية. وإنّه لاحتمالٌ صعبُ التصوّر لبيني غانتس، زعيم المعارضة الوسطي، والفائز المحتمل في حال إجراء انتخابات جديدة، والمعادي لإقامة دولة فلسطينيّة. بمعنى آخر، يفترض مشروع بايدن، في ما بعد الأقوال، أن تستعدّ واشنطن لممارسة أقصى الضغوطات على الدولة اليهودية. لكن لا شيء في سلوكِ الرّئيس يشيرُ حتى الآن إلى مثل هذا الاستعداد.

لقد قدّمت أميركا المساعدات العسكريّة خلال حرب غزّة دون قيد أو شرط، وقد كانت فرصة الولايات المتحدة سانحةً، في 18 نيسان/أبريل، لتلميع صورة فتح والسّلطة الفلسطينية من خلال التصويت لصالح إقامة دولة فلسطينية في الأمم المتحدة، ولم يفعلوا، كما يأسفُ السّفير الإسرائيلي السّابق إيلي بارنافي، ضمنَ مقال في صحيفة لوموند، في الرابع من مايو/أيار.

كان رصيد السّلطة المزعومة،  الذي يشهدُ أدنى مستوياتهِ، سيتعزّز في ما لو تراجع جو بايدن عن اثنين من القرارات التي اتخذها دونالد ترامب: إلغاء القنصليّة الأميركية في القدس، التي تقوم مقام «السفارة» في كنف الأراضي الفلسطينيّة ، وإغلاق مكتب منظمة التّحرير الفلسطينية في واشنطن،  إلّا أنه لم يفعل شيئًا من ذلك.

 فماذا تبقّى لنا، إثرَ المأساة الراهنة، لنتصوّر آليّةً مواتية لإنشاء دولة فلسطينية؟ الأمل. فالاحتمالُ الآخر لن يسفر سوى عن توليدِ العنف إلى ما لا نهاية.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button