حاكمُ الشارقة : لغتُنا هي الأصل منذ آدم، وكلمة عرب مرتبطة بالماء.
حاكمُ الشارقة : لغتُنا هي الأصل منذ آدم، وكلمة عرب مرتبطة بالماء.
الشارقة- ساندرا حدّاد
قدّم الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في الدورة الثانية والأربعين، من «معرض الشارقة الدولي للكتاب ” أمس الأربعاء، مُداخلةً حول تاريخ اللغة العربية وأولويتِها على لغات العالم، لكونها “لغة سيّدنا آدم”، مشيرًا إلى أن هذا ما سيتضمّنه ” قاموس لغات العالم”، وداعيًا لتصحيح الكثير من الأخطاء والخلل الذي وقع فيه علماء اللسانيات واللغات في العالم.
ويعمل حاكم الشارقة المعروف بثقافتِه الواسع والمتنوّعة، وبمواقفه اللافتة في عدد من القضايا العربيّة والإنسانية والتي طالما غلّفها بإطارٍ روائي أو فكري أو ثقافي، على مشروع:” المعجم التاريخي للغة العربيّة” الذي يضم جميع ألفاظ اللغة العربيّة، ويبيّن أساليبَها، وتاريخ استخدامها وتطوّر دلالاتها ومعانيها ومبانيها عبر العصور، كما يهتم بذكر المراجع والشواهد والمصادر بتوثيقٍ علميّ دقيق، في محاولة لكشف التاريخ الحقيقي للغة والأمّة العربيّتين، وتأثيرهما على لغات وحضارات العالم.
وهو بذلك يختلف عن الكثير من المعاجم السابقة بكونه يتخطّى مجرّد شرح معاني الكلمات إلى تقديم وصفٍ شاملٍ لها، وقال حاكم الشارقة في مقارنة بين هذا المُعجم و القاموس اللغوي لمملكة السويد الذي عمل عليه 137 شخصاً لمدة 140 سنة، وكان نتاجه 39 مجلداً و33 ألف صفحة؛ فقال إنّ «المعجم التاريخي للغة العربية» يعمل عليه 500 من العلماء والمدققين والمحررين، وعلى مدى 6 سنوات سينهون 110 مجلدات عدد صفحاتها 81 ألفاً.
وطرح مجموعة من الأسئلة ومنها: « هل هي لغة عربية؟ هل ما نتحدث به نطلق عليه اللغة العربية؟ من أين أتت كلمة «عرب» ؟ من أطلقها؟ وفي أيّ مكان؟” وأضاف :” الله سبحانه وتعالى جمع كثيراً من الناس الساكنين في منطقة مكة المكرمة وما حولها في مكانٍ واحد، فقالوا: الناسُ قَرشتْ، وهؤلاء قَرشُوا، أي تجمّعوا، وأُطلق عليهم «قُريش»؛ إذن نحن اسمنا قريش من أصل التسمية، ولكن قريش لديها بئر زمزم، وهو بئرُ نعرفُ أنه نَبَعَ في وقت سيدنا إسماعيل عليه السلام، فيقال بئرُ إسماعيل، ولكن لا يقال الماء، ويقولون عَرَب إسماعيل، وهو الماء وليس البئر. وفي التعميد يقولون «العرّاب» أي الشخص الذي يغطّس الطفل في الماء؛ إذن كلمة عرب معناها الماء. وتأتي كذلك دواليب الماء يقال لها عربة ويقال عربي أي طلع الماء. ومن هذا الدولاب أخذوا كلمة «العرّاب». هذه مشتقات في العمق التفسيري لكلمة «عرب»، وهي صفة أعطيناها للعرب ولكن نُسبت إلى اللغة التي تتحدث بها العرب”
وشرح الدكتور القاسمي :” أنّ كثيرًا من الباحثين الأجانب يقولون «اللغات الساميّة» ومنها الحبشية والبابلية والعِبرية.. إلخ، لماذا قالوا «ساميّة»؟ ومن أين استنبطوا هذه الكلمة؟ هذه اللغة هي لغة رب العالمين لآدم عليه السلام، وتقول الآية الكريمة {وعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلى الْملائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنتُمْ صادِقِينَ} ولكن الملائكة لم يستطيعوا أن يحصروها أو يتحدثوا بها، وبكمّ العلم الذي أودعه الله في آدم الذي نزل بقدر الله سبحانه وتعالى إلى شرق إفريقيا، وبالتحديد في هضبة الحبشة، ومن هناك انتقلت الأجناس البشرية، بعضها نزح إلى الشمال، وبعضها سكنَ الأرض نفسها والبعض الآخر نزح إلى الشرق والغرب، وبحسب نظرية العالم ماندل، فإنَّ آدم وحواء كانت ألوان بشرتيهما تميل إلى الرماد وهي سحنة أهل شرق إفريقيا، وهؤلاء إذا تزاوجوا وتوالدوا يخرج منهم ابن أبيض اللون وواحد داكن اللون وهكذا؛ الأبيض انتقل إلى الشمال، إلى أن وصل إلى أوروبا، أما ذو اللون الداكن فقد بقي في الأرض نفسها وهكذا صارت إفريقيا، أما البقية الأخرى فعبروا ما يسمى البحر الأحمر وأتوا إلى هذه الجهة (الجزيرة العربية)، ونتساءل: هل كل هؤلاء نقلوا اللغة معهم؟ وإذا استعرضنا هذه اللغات، نجد الذين انتقلوا إلى الشمال وصلوا إلى البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا وهناك اللغة اللاتينية، وهي أمّ اللغات الأوروبية، ولو أخذنا مقارنة بين أبناء الذين ذهبوا إلى الشمال وأبناء الذين أتوا إلى الجزيرة العربية عبر بعض الكلمات، فسنجد أن اللغات اللاتينية هي نفسها عربية وذلك يعني أنها لغة آدم”.
وقدم سلطان القاسمي مثالاً لبعض الكلمات اللاتينية مثل «road» وتعني «طريق» وفي العربية رود، يرتاد، مشيراً إلى أنه يؤدّي إلى المعنى نفسه.
وكشف أنّه يعمل في الوقت الحالي على مشروع جديد يستفيد منه العالم أجمع، قائلاً “أنا الآن أقوم على قاموس جديد اسمه “لغة العالم”، ويقيني أن مصدر كل اللغات واحد، ونعطي اسماً لهذه اللغة التي وضعناها في 110 مجلدات ونقول من أين أتت هذه التسمية لها؟ قيل إن هذه اللغات متشابهة، منها الحبشية والبابلية والعبرية، ولو أخذنا هذه اللغات وقارناها، فسنجد أن الكلمات مشتركة، وأن الفعل هو الأساس في الجملة لأنه مَركز الجملة، وقالوا تسميتها اللغات السّامية. من أين أتوا بهذه التسمية؟ فتسميتها الصحيحة لغة آدم”.
كان حاكم الشارقة قد تناول هذه التسمية سابقًا على نحو أوسع في كتابه
«تاريخ عُمان من الاستيطان البشري». ولذلك فهو دعا العلماء إلى عدم تداول هذه التسمية، متسائلاً :” كيف اشتبه الأمر على العلماء الغربيين؟ لأنَّهم لم يجدوا ما يفسّرون به ما حدث في تلك المرحلة عندما كتبوا عن هذه اللغات وجمعوها فيما سمي باللغات السامية، في سنة 1500 قبل الميلاد، وقد كان قوم «عاد» في الأحقاف، وخرج هود عليه السلام، من بينهم إلى عُمان، وهربَ منهم من خاف من الطوفان الذي غطى الأرض بالعاصفة، فأخذوا طريقهم؛ وكلّ المؤرخين كتبوا عن هذا الطريق الذي مرّ بالقطيف ومنها إلى الحناكية مروراً بالمدينة إلى طريق الشام، إلى أن وصلوا قرب دمشق، وفي هذه المنطقة وجدوا أرضاً ملأى بالأحجار الجيرية يقال لها «إرم» وهي كلمة عربية فصيحة فأخذوا ينحتون من هذه الصخور ويبنون منها مدينتهم”.
وتابع «الله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن الكريم قوم “عاد” ثم قال {عاد الأولى} إذاً هناك “عاد الثانية”، الذين خرجوا من الأحقاف هم قوم “عاد” ووصلوا إلى هناك وعمّروا مدينتهم وسمّوها على الأرض التي سكنوها “إرم” ومعناها الأرض التي وضعوا عليها الأعمدة. العلماء الغربيون عندما سمّوها بذلك لم يذكروا {إرَمَ ذاتِ العِماد} وإنما ذكروا” آرام بن سام بن نوح”، وهو ليس له علاقة بهذا الموضوع. وهنا نحن أمام تصحيح خطير يلغي كل ما كُتب وبُحث فيه. وكل حاضر بيننا الآن أرجو أن يصحح هذا المفهوم بأنَّ هذه اللغة هي لغة آدم عليه السلام. ولذلك أنا لا أقول اللغات متشابهة بل سأثبت ذلك في كتابي «قاموس لغات العالم»».
وختم «بدأت كتابة المعجم اللاتيني منه في 5 مجلدات، وكلما أمرّ على هذا القاموس ألاحظ الكلمات وكأنّني أتكلم العربية، وهذا ما سيوضع في قاموس يثبت أن اللاتينية واللغات الأخرى كلها من مصدر واحد، وهو التعليمات الإلهية لآدم التي نحن كلنا من أبنائها. وأتمنّى أن أوفق في حماية هذه اللغة؛ ومحبتي لها ليست لأنني ناطق بها، بل لأنها لغة تحدث بها رب العالمين، والأنبياء والرسل وتحدث بها الملائكة، وهي لغة الإيمان والدين والبشرية”.
وفي معرض الشارقة الشهير، كرّم د.سلطان القاسمي الكاتب العريق الذي يوصف بأنّه أحد أبرز من أرّخ الصحراء برواياته، إبراهيم الكوني، فاختير شخصية العام الثقافية في المعرض لهذه الدورة.
يُذكر أن حاكم الشارقة الذي لديه عشرات المؤلفات في الفكر والثقافة والتاريخ والحضارة، ساهم في جعل إمارته منارة ثقافية، حيث اختيرت سابقًا عاصمة للثقافة العربيّة، ويُعتبر من أكثر الحُكّام والمسؤولين العرب اهتمامًا بالكتاب والفكر والثقافة والتنمية المجتمعيّة.