بيروت-لعبة الأمم
بعد نشرِنا أمس لصورة طبق الأصل عن خريطة ترسيم الحدود بين لبنان وأسرائيل والتي حملها كبير مستشاري الولايات المتحدة الأميركية لأمن الطاقة المكلّف الوساطة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود آموس هوكشتاين، وصلنا اليوم من خبيرٍ دولي بترسيم الحدود ومتابع بدقة للملف اللبناني، نصيحة بتشدد لبنان قبل إعطاء جواب ايجابي على الخريطة المطروحة، خصوصا بعد تسريب معلومات عن رغبة بعض السلطات اللبنانية بالقبول مع تعديلات طفيفة، وذلك لاسباب سياسية داخلية أو لكسب الرضى الأميركي. ويقول إن على لبنان دراسة الخطوط بدقة واللجوء الى مصادر أكثر ثقة لمعرفة ماذا في باطن البحر كي لا يخرج بسلة فارغة تماما أو بفتات نفطي وغازي.
ويرى الخبير ان الخريطة المرفقة مع هذا المقال، مُقسّمة الى 3 خطوط هي التالية:
1- القسم الاول من الخط ١ الاسرائيلي،
2- القسم الثاني من الخط 23 اللبناني،
3- القسم الثالث من خط هوف الاميركي.
ويقول ان هذا الخط فيه ثلاث مصائب:
– المصيبة الاولى انه لا ينطلق من نقطة رأس الناقورة،
– المصيبة الثانية انه يتقاسم حقل قانا
– المصيبة الثالثة انه يقضم جزء من البلوك 8.
ويشرح أن لكل مصيبة تداعيات خطيرة أبرزها التالي:
1- بالنسبة لنقطة رأس الناقورة، في حال قبول نقلها من مكانها، وهي بداية الحدود البرية، هذا يعني القبول بمبدأ نقل اي نقطة من الحدود البرية، وهذه سابقة خطيرة كون الحدود البرية مرسمة منذ العام 1923 ويحفظها الدستور في مادته الثانية. وبالتالي ننتقل الى نقاش يبدأ ولا ينتهي بالنسبة للحدود البرية.
2- بالنسبة لتقاسم حقل قانا، يعني الدخول كذلك الامر في عملية نقاش تبدأ ولا تنتهي رغم كل الضمانات، وحقل افروديت المشترك بين اسرائيل وقبرص اكبر دليل على ذلك. هذا الحقل بدأ النقاش حول تقاسمه في العام 2012 وهو مستمر حتى الآن وهما دولتان صديقتان.
3- بالنسبة لقضم حزء من البلوك 8، من قال ان هذا الجزء لا يحتوي على كميات كبيرة من النفط والغاز؟ والدليل على ذلك مطالبة الاسرائيلي به، وهو الذي يملك المسوحات الخاصة به والتي لا نملكها نحن. ومن يتحمل مسؤولية التخلي عن مساحة مائية دون مبرر قانوني، حيث يمكن اكتشاف كميات كبيرة من النفط والغاز فيها مباشرة بعد الاتفاق على التنازل عنها؟
يعلم الاسرائيلي منذ البداية ان لبنان لن يقبل بهذا العرض المتمثل بالخط المتعرج الهجين، والهدف من هذا العرض ليس الرفض او القبول، بل حصر النقاش داخل ال 860 كلمترا مربعا بعيدا عن حقل كاريش. وبالتالي لا يكون للرفض اى قيمة ان لم يقترن بالتهديد بالعودة الى الخط 29 بتعديل المرسوم 6433 في حال المماطلة او فشل المفاوضات.
بالمقابل يقول مصدر لُبناني متابع أيضا بدقة لملف الترسيم، إن هوكشتاين حمل تحسينات مقبولة يمكن تطويرها، ولكن لبنان بحاجة الى التمسك بشروط أفضل خصوصا ان مسألة تعريج الخط 23 قابلة للتحسين اذا ما حصل اجماع لُبناني على ضرورة فصل الشؤون السياسية الداخلية والعلاقة مع المؤسسات المالية الدولية والعقوبات على بعض الاشخاص عن مسألة الترسيم. ولكن المصدر نفسه يعترف بأن الجهود الكبيرة التي بذلها الوفد اللبناني المفاوض كان قد بنى قلعة تفاوضية صلبة، وأن تراجع لبنان عن مضامينها واعلانه من جانب واحد أن الخط 23 هو قاعدة التفاوض، أضعف الموقف اللبناني، وجعل أسرائيل أكثر قدرة على المناورة .
فهل تفعل السلطات، أم تضيّع الثروات؟