ثقافة ومنوعات

“بنك الوقت” السّويسري.اختراعٌ غريب ولكن ضروري

روزيت الفار-عمّان 

إدّخر لنفسك ساعات خدمة، وبنك الوقت السّويسري يكافئك.

البنك الّذي يعتمد “ساعات الخدمة” كأساس لعمليّاته المصرفيّة و”الوقت” كعُملتِه الّتي يتداولها. كيف يعمل هذا النّوع من البنوك؟

يعتقد الكثير منّا بأنّ الوقت يساوي المال؛ لكن القليل يراه كذلك عند التّنفيذ.

كنّا بالسّابق نمنح الوقت من خلال العمل التّطوّعي الشّخصي غير المُنظّم أو كتفاهم مشترك نعقده مع من حولنا من أصدقاء أو جيران يهدف للمساعدة المتبادلة عند الحاجة لها، إلى أن جاءت التّكنولوجيا الآن لتعمل على إيجاد ما يعرف “ببنك الوقت”. ولأوّل مرّة أصبح بإمكان مجموعة كبيرة من النّاس ترشيد وقتهم وتحويله إلى عُملة تودع بالبنك ويتم صرفها أو استبدالها بما يرغبون من سلع أو خدمات تماماً كالنّقد العادي.

لقد تم إنشاء هذا البنك لفئة المتقاعدين، والّذين تتجاوز عادة أعمارهم الخمسين سنة، ولا تزال لديهم الرّغبة بالخدمة أو العمل.

آليّة عمل هذا البنك.

يقوم المودع بفتح حساب يودع فيه “ساعات” يقضيها بالعمل التّطوّعي وبالخدمة الاجتماعيّة عوضاً عن المال؛ بحيث يُحسب له الزّمن الّذي يقضيه في الخدمة الاجتماعيّة ويُسجّل لصالحه، خصوصاً خدمة كبار السّن والمرضى الّذين ليس لديهم في عائلاتهم من معيل يرعاهم ويساعدهم.

وكما في البنك التّقليدي؛ يستمر المودع بادّخار ساعات عمله هذا كلّما توفّر له ذلك؛ يستفيد منها هو الآخر عند حاجته إليها، ليس بالضّرورة في شيخوخته فقط، بل في أيّ وقت يحتاجها كأن يتعرّض لحادث معيّن مثلاً أثناء فترة خدمته.

واشترطت وزارة الضّمان على الرّاغب بالإيداع مواصفات محدّدة كي تتم الموافقة على قبوله ضمن قائمة المودعين، منها أن يكون:

  1. لائقاً صحّيّاً.
  2. قادراً على العطاء والتّواصل مع مثل هذه الفئات العمريّة ومع مختلف الحالات وبمختلف الظّروف.
  3. لديه الرّغبة وحب العمل التّطوّعي وقدرة التّحمّل بروح راضية وبإخلاص.

فحين يحتاج الشّخص أيّة مساعدة، يقوم البنك بإرسال متطوّع ممّن سبق اشتراكهم بهذا البرنامج، كي يخدمه، ويتم خصم عدد السّاعات الّتي يحتاجها من رصيده المتوفّر لدى البنك.

تُقدّم الخدمة حيث يكون المحتاج لها؛ سواء بمنزله أو بمستشفى أو إن كان بحاجة لمرافقته عند التّسوّق أو أخذه للتّنزّه أو حتّى للتّحدّث إليه إن احتاج أنيساً.

يؤيّد الشّعب السّويسري عمل هذا البنك ويدعمه نظراً لما يقدّمه من فوائد يعود مردودها على الأفراد والمجتمع والدّولة.

باختصار؛ وُجد هذا البنك لتبادل أو مقايضة خدمات اجتماعيّة بدلاً من الأموال وتدخل مفهوم الخدمة من باب العمل والمصلحة الاجتماعيّة.

إضافة لما يهدف له هذا البنك من تأمين الخدمة لكبار السّن؛ فإنّه يعمل على تمديد شبكة التّفاعل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد وتقويتها وخلق روح التّضامن والتّكافل فيما بينهم وتبادل الخبرات والمعلومات؛ ممّا يساهم في خلق مجتمعات صحّيّة سليمة.

نحن كشعوب عربيّة نتميّز بأخلاق هذا المفهوم (التّضامن والتّكافل الاجتماعي) وأشدُّ شعوب العالم نخوة وشهامة؛ لكن هل بمقدورنا أن نضعه بقالب منظّم ونديره بكفاءة قادرة على إنجاحه كي نستفيد منه جميعاً بشكل منضبط وعادل كما هو الحال بالمجتمع السّويسري أو بأيٍّ من الدّول المتقدّمة؟

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button