اكتشاف أقدم أثر آشولي في المغرب عمره مليون و300 عام

أيمن المرابط-الرباط 

اكتشاف تاريخي علمي مهم في تاريخ البشرية شهدته مدينة الدار البيضاء المغربية، إذ توصل فريق من الباحثين من جنسيات عدة إلى اكتشاف أداة حجرية من المرحلة الأشولية بموقع أثري  في أطراف المدينة ، وهي تُعتبَر الأقدم بين هذا النوع من الأدوات الأثرية في شمال إفريقيا، إذ تعود إلى 1,3 مليون سنة، حسب ما أفاد به باحثون مغاربة شاركوا في البرنامج البحثي.

كان علماء الآثار يعتقدون حتى الآن أن الحضارة الآشولية التي تميزت بابتكار الأدوات ذات الوجهين خلال العصر الحجري القديم السفلي، قد نشأت قبل 700 ألف عام في هذا الجزء من شمال إفريقيا. لكن عالم الآثار المغربي عبد الواحد بن نصر أكد أن الأداة المكتشفة تعود إلى حقبة أقدم بنحو الضعف، مما يعزز موقع المغرب  في هذا المجال “على نطاق القارة” الإفريقية، إذ تظهر الاكتشافات الموثقة أن الآشولية في شرق إفريقيا تعود إلى نحو 1,8 مليون سنة، وأنها وُجدَت في جنوب القارة قبل 1,6 مليون سنة.

أما المدير المشارك لبرنامج “ما قبل تاريخ الدار البيضاء” الفرنسي المغربي عبد الرحيم محب فقد اعتبر خلال مؤتمر صحافي في الرباط أن هذا الاكتشاف “المهم” يساهم “في إثراء النقاش حول ظهور الأشولية في إفريقيا”.

وذكر بيان  للمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث المغربي أنه تم اكتشاف أقدم الشواهد المادية المتعلقة بالثقافة الآشولية في المغرب بمنطقة الدار البيضاء وبالضبط في الطبقات الأثرية المعروفة بالمستوى الأركيولوجي لموقع (ل) طوما 1 (طوما1- ل1) والتي تعرف حفريات وأبحاثا منتظمة منذ 1985 من طرف فريق بحث مغربي – فرنسي.

وقد مكّن الموقع الذي كان يؤرخ سابقا بحوالي مليون سنة من العثور على مجموعة جد غنية من الآثار تضم أدوات منحوتة وحصى طبيعية وبقايا حيوانية متحجرة. وكان الهدف الأساسي خلال فترة الآشولي الأول بموقع طوما 1 موجها نحو صنع أدوات قطع وفؤوس يدوية كبيرة الحجم ذات وجهين أو ثلاثة على حصى طبيعية أو فوق شظايا كبيرة مستخلصة من صخور المرويت (الكوارزيت) والتي يتم اقتناؤها من المناطق المجاورة مباشرة.

وحسب المصدر ذاته، تتميز مجموعة الأدوات الحجرية، بإنتاج العديد من الشظايا صغيرة ومتوسطة الحجم انطلاقا من صخور المرويت والصوان. ولابد من الإشارة إلى أن دراسة الأدوات المعدلة من حجارة وحصى الصوان، مكن من تحديد نظام تقني موجه نحو صناعة شظايا صغيرة شبيهة بالشفرات صغيرة الحجم عن طريق “تقنية الطرق ثنائية القطب على السندان”.

وأضاف البلاغ أنه بناء على الدراسات المغناطيسية/الاستراتيغرافية والجيوكميائية المنجزة مؤخرا في طبقات السلسلة الجيولوجية البلايستوسينية لموقع( طوما 1)، واعتمادا على المعطيات والدراسات الليثوستراتيغرافية والبيوستراتيغرافية وكذا التأريخات التي توصل إليها البحث خلال السنوات السابقة، تمكن فريق علمي مغربي – دولي متعدد الاختصاصات ولأول مرة بشمال إفريقيا من اقتراح إطار كرونو-استراتيغرافي عالي الدقة وتأريخ الأشولي القديم (أي الطور الأول للثقافة المادية الأشولية) بمليون و300 ألف سنة.

وعرف هذا البحث المنشور في مجلة “نيتشر ريبورت” البريطانية مشاركة 17 باحثا مغربياً وفرنسياً وإيطالياً، كما مكن  اكتشاف “أقدم استيطان بشري في المغرب”، وفق ما أكد المدير المشارك، موضحا أنهما “متغيرات من الإنسان المنتصب”.

يذكر أن فريقا من علماء الآثار والأركيولوجيا كانوا قد اكتشفوا عام 2017 في موقع جبل ايرهود  قرب مدينة آسفي(جنوب غرب المغرب) العائد إلى حقبة ما قبل التاريخ  رفات إنسان معاصر أو”إنسان عاقل” يعود إلى 300 ألف عام، وهو الأقدم في العالم حتى الآن.

وكان هذا الاكتشاف قد ساهم في تغيير جذري في النظرة إلى التطور البشري، فيما لا تزال أسرار بشرية أخرى مختبئة  تنتظر الكشف عنها سواء في المغرب أو في دول أخرى.