إنتخابات فرنسا هزيمة لماكرون واليمن المتطرف

ميراي حدّاد-باريس

                        أكدت الدورة الثانية لانتخابات المناطق في فرنسا، هزيمة حزبي الرئيس إيمانويل ماكرون واليمن المُتطرف، وعزّزت فُرص الأحزاب التقليدية أي اليمين واليسار المعتدلين، وذلك وسط عدم اهتمام كبير من قبل الفرنسيين، حيث تقهقرت نسبة التصويت الى ما دون 35 %، أي تقريبا نصف ما كانت عليه الانتخابات المماثلة في العام 2015.

  ومع انتصار من أسمتهم صحيفة ” لوموند” المُستقلّة ب ” أحزاب العالم القديم”، في الدورة الثانية التي جرت أمس الأحد، يبدو أن طرفي اليمين واليسار التقليديين انتقما من حزبي ماكرون ومارين لوبن اللذين كانا يعدان الفرنسيين بالإطاحة بالأحزاب التقليدية، وهذه تُعتبر نكسة كُبرى قبل الانتخابات الرئاسية التي تطمح لوبن لأن تكون أبرز المنافسين فيها، ويأمل ماكرون أن يستعيد شعبيته قبلها.

 هو فوز جيد لكنه ناقص، اذا ما عرفنا أن نحو 66 بالمئة من الفرنسيين قاطعوا صناديق الاقتراع ليس بسبب جائحة كورونا أو لتفضيلهم التمتع بالحياة والشمس والطبيعة والبحر بعد الجائحة، وإنما لفقدان ثقتهم تقريبا بأي تغيير جدي، ما جعل المصوتين بينهم يعودون الى قديمهم.

 ووفق استطلاعات الراي فان 27% من الذين شملهم الاستطلاع يقولون إنهم أرادوا بامتناعهم عن التصويت التعبير عن استيائهم من الجماعة السياسية، و 23 % قالوا ان كل اللوائح لم تُعجبهم، و18 % لم يجدوا أي فائدة من التصويت، و17 % متقنعون بأن تصويتهم لن يغيّر شيئا.

يُذكر أن الرئيس إيمانويل ماكرون الذي قفز فوق كل الأحزاب التقليدية حين ترشّح وفاز في الانتخابات الرئاسية، كان قد شكّل أملا جديدا لقسم كبير من الفرنسيين بضخ دم شبابي جديد وروح سياسية جديدة ترفع مستوى معيشتهم وتغيير الأساليب التقليدية للأحزاب القديمة، لكن سوء إدارة جائحة كورونا والانهيارات الاقتصادية التي تبعتها، وبعض اجراءاته السياسية والأمنية جعلت شعبيته تتقهقر كثيرا في العامين الماضيين.

هذا الوضع المُقلق لماكرون جعل حزبه ” الجمهورية الى الأمام”، أحد أبرز الخاسرين، أما الخاسر الأول فهو حزب ” التجمّع الوطني” اليميني المُتطرف بقيادة مارين لوبن التي لم تحصل على مقعد واحد في هذه الانتخابات المناطقية .

فهل تُثبطُ هذه النتائج عزيمة الحزبين قبل الانتخابات الرئاسية، أم تزيد نشاطهما بغية حث ناخبيهما للتعويض لاحقا عن هذه الهزيمة النكراء؟ يبدو أن وضعيهما باتا صعبين حتى ولو ان مارين لوبن تبقى قادرة على استنهاض شعبيتها خصوصا ان هزيمتها في كل مرة كما هزيمة والدها جان ماري لوبن كانت وما زالت تتطلب تحالفات بين اليمين واليسار تناقض المنطق وتقفز فوق خلافتهما لمنع اليمين المتطرف من الوصول الى رأس السلطة. فاذا كان ماكرون قد استخدم خطابا شعبويا غير مرة لجذب ناخبي اليمين المتطرف وفرنسا العميقة خصوصا في القوانين الجديدة حيال الجمعيات الإسلامية وممارسة الإسلام في فرنسا، فان مناصرين هذه الاجراءات يفضلون العودة الى الأصل أي مارين لوبن في المرحلة المقبلة وليس البديل. هذا ما يجعل فرص لوبن رغم هزيمتها اليوم، أكبر من فرص ماكرون لاحقا.

lo3bat elomam

Recent Posts

غيمةَ العطر..اسكبيها

مرح إبراهيم يتساقط الثّلج بصمتٍ خلفَ نافذة الصّباح، ويغزو الجليدُ أرصفةَ الشوارع. تستغرقُ سكينةُ التأمّلِ…

3 days ago

Et si le maquillage n’était pas seulement une affaire de femmes !

Et si le maquillage n'était pas seulement une affaire de femmes ! Nadine Sayegh-Paris Même si…

5 days ago

هآرتس: لم نحقق شيئًا، ولم نهزم أحدًا، واقتصادُنا منهار وشبابُنا يهاجرون

ترجمة عن صحيفة هآرتس  لو جاء كائن من الفضاء وشاهد من فوق ما يجري، ماذا…

5 days ago

ملتقى أبو ظبي: وهم الاستقرار في عالم مضطرب ولكن….

 ناقش ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي الحادي عشر، الذي نظَّمه مركز الإمارات للسياسات، على مدار يومي…

6 days ago

Quand changer l’heure devient une affaire d’état !

Quand le changement de l’heure devient une affaire d’état ! Nadine Sayegh-Paris ‘Heure d’été’, ‘heure…

2 weeks ago

ماذا سيفعل ترامب في فلسطين واوكرانيا

  Guillaume Ancel ( كاتب فرنسي) ترجمة : مرح إبراهيم فاز دونالد ترامب فوزًا واضحًا،…

2 weeks ago