آخر خبرمقال اليوم
هل يُهاجم بوتين أميركا الكترونيا؟
هادي جان بو شعيا
شكّلت زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن لكل من بروكسل وبولندا، ولقاؤه قادة حلف شمال الأطلسي “الناتو” والاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع، تأكيدًا على وحدة الموقف والقرار وما ينتج عنها من إجراءات في وجه الغزو الروسي لأوكرانيا. ويتزامن ذلك كله مع تحذيرات لموسكو من مغبة اللجوء إلى أسلحة مدمّرة على غرار الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والسيبرانية وربما النووية لتحقيق ما عجزت عنه، على ما يبدو، حتى الآن.
وبرز تصريح لبايدن توجه به إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول فيه: ” يعلم بوتين أنه ستكون هناك عواقب وخيمة من طرف الجبهة الموحّدة والمشكّلة من حلف “الناتو”؛ إلا أن ما أريد قوله إن خطر استعمال هذه الأسلحة حقيقي (…)”.
فيما تسود الكونغرس الأميركي حال من الخشية لدى الديمقراطيين والجمهوريين من إقدام سيّد الكرملين على إعطاء الضوء الأخضر للقراصنة بغية شنّ هجوم سيبراني على البنى التحتية الحيوية للولايات المتحدة الأميركية، ذلك أن 13 عضوًا في مجلس الشيوخ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري أبرقوا برسالة إلى كل من وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ووزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس مفادها: “لقد تمّ حشر روسيا حاليًا في الزاوية بفضل العقوبات الشديدة التي فُرضت عليها، وهناك مخاوف من أن تشنّ هجمات على الولايات المتحدة عبر وسائل غير عسكرية”.
بيد أن الخبراء والمتابعين خرجوا بسلسلة تحليلات وتوقعات حيال ما يمكن أن يُقدِم عليه القيصر الروسي في المرحلة المقبلة، حيث غرّد الإعلامي الأميركي جيم شوتو على حسابه الشخصي على تويتر قائلا : ” إذا كان لديكم شك في أن روسيا ستهاجم حليفًا في الناتو. تذكروا أن موسكو شنّت ضد إستونيا ربما أكبر هجوم سيبراني ترعاه دولة ما. واستهدف مؤسسات حكومية ومصارف وغيرها. الهجوم السيبراني رافقته احتجاجات مفتعلة سعيًا لجعل البلاد تتعطّل برمّتها. لقد ادعى الكرملين وقتذاك أن المواطنين الناطقين باللغة الروسية داخل إستونيا تتم إساءة معاملتهم. هل يبدو الأمر مألوفًا؟ حينها خشي بعض مواطني إستونيا من أن تتعرض بلادهم لغزو روسي. ومنذ ذلك الحين عززت إستونيا دفاعاتها العسكرية والسيبرانية بشكل كبير. لكن الخوف يظل قائمًا”.
كما شهدت أروقة البيت الأبيض مناقشة التهديدات الروسية العلنية منها باستخدام الأسلحة النووية وتلك المبطّنة حول إمكانية استخدامها للسلاح الكيميائي والبيولوجي والسيبراني لتشكّل محورًا اساسيًا وجوهريًا لتحليلات توقفت عندها.
تثبت تلك الوقائع صحة ما قالته الاستخبارات الأميركية عن نوايا بوتين، ما يجعل تحذير بايدن من قيام روسيا بهجمات سيبرانية أمرًا مخيفًا. وتضيف أن فتح بوتين لجبهة سيبرانية، أو حتى التلويح بها، ينسجم مع استراتيجيته التصعيدية مثلما لمّح من ذي قبل إلى استعمال السلاح النووي والصواريخ التي تفوق سرعة الصوت. العقوبات الغربية التي تهدد بانهيار الاقتصاد الروسي وفشل موسكو في تحقيق نصر عسكري في أوكرانيا، فضلاً عن الرغبة في الانتقام من الغرب بسبب تزويد كييف بمضادات للدبابات والطائرات، كلها عوامل قد تدفع في اتجاه شن روسيا هجمات سيبرانية ضد أميركا.
في المحصلة، تشير المعلومات إلى تعرّض أوكرانيا مؤخرًا إلى أكثر من ثلاثة آلاف هجوم الكتروني، حيث كان الجيش الأوكراني الأكثر تضررًا من تلك الهجمات. لكن في حين لم تقم روسيا بعد بشن هجوم سيبراني كاسح على أوكرانيا؛ إلا أنها قد تكون تحتفظ باقوى أسلحتها في هذا المجال من أجل إمكانية استخدامها لاحقًا.
ليس من الواضح بعد الدور الذي ستلعبه الأسلحة السيبرانية في هذا الصراع أو حتى الصراعات المقبلة. لكن مما لا شك فيه أن الإنترنت ستتحوّل بدورها إلى ساحة معركة!