الفضائح الجنسية لنجومٍ فرنسيين، هل تصيب العرب ؟
باريس-ميراي حدّاد
قبل سنوات قليلة كان مُجرد ذكر إسم نجم الأخبار الفرنسي الشهير باتريك بوافر دارفور يثير الدهشة والإعجاب والحسد، فالرجل تربعّ لأكثر من عقدين من الزمن على عرش النشرات والبرامج الإخبارية من على شاشة TF1 التي انتقلت الى القطاع الخاص عام 1987، وصار ماليء فرنسا وشاغل ناسها، وارتفعت شهرته أكثر حين تم تقديم برنامج هزلي إقتبس شخصيته للتعليق بسخرية على الأخبار، أما اليوم فُلو ذُكر الاسم فهو سيثير حتما مع أسماء نجوم آخرين الاشمئزاز والقرف، ذلك أن هؤلاء متّهمون بالتحرش الجنسي والاغتصاب واستغلال السلطة المعنوية التي تمتعوا بها والحماية الكبيرة للاعتداء على نساء وبعضهم على شبّان وأطفال.
العدد الأسبوعي من صحيفة ” لوموند” العريقة، خصّص غلافه أمس لهذه القضية التي عادت الى الواجهة بعد شهادات جديدة لسيدات أعدن فتح الملفات في المحاكم، حمل العدد عنوانين لافتين، الأول :” TF1 الوجه القاتم للسنوات الذهبية” والى جانبه أسماء ثلاثة نجوم هم باتريك بوافر دارفور ونيكولا أولو ( مقدم برنامج مغامرات الرحلات الاستكشافية الصعبة Ushuaia) وجيرار لوفان (أحد أبرز مقدمي برامج المنوعات والموسيقى على الشاشة نفسها) . أما العنوان الثاني فكان :” TF1 السنوات الذكورية”.
جاء في المقدّمة:” باتريك بوافر دارفور، نيكولا أولو،جيرار لوفان، كانوا نجوماً لا يقارعون على شاشة TF1 منذ تخصيصها في العام 1987 حتى سنوات الألفين، بشهرتهم، وقوتهم ونجاحهم، صاروا بعيدين عن أي محاسبة. إن أصحاب المجد هؤلاء متّهمون اليوم بالاغتصاب والاعتداءات الجنسية. ذلك أن المال، والسلطة، والسباق على نسبة المشاهدة، بإشراف باتريك لولاي، واتيان موجوت، جعلت من هؤلاء الواجهة الإعلامية لمجموعة بويغ، فقولبوا التلفزيون لا بل وأيضا المجتمع الفرنسي . لكن منحَهم اليوم الحصانة ما عاد ممكنا بعد افتضاح أمرهم من قبل ضحاياهم”.
فبعد سلسلة الفضائح الأولى والشهادات التي بقيت سريّة، قرّرت محكمة نانتير إقفال الملف بسبب ” عدم توفّر أدلة كافية”، لكن في عصر التواصل الاجتماعي وسيل المعلومات وكسر المحرّمات، وفي عصر ما عادت الذكورية في فرنسا لها السلطة نفسها التي كانت حتى تسعينيات القرن الماضي، عادت المحاكم الى فتح الملفات تحت ضغوط الاعلام، فصحيفة ” ليبراسيون” اليسارية دقّت جرس الإنذار حيث نشرت في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، شهادات لثماني نساء، وهذه المرة بوجوههن المكشوفة يتهمن باتريك بوافر دارفور بالاغتصاب والتحرّش.
واذا كان النجم الشهير قال في آخر مقابلة متلفزة له بعد غياب طويل، إنه لم يكن يعرف الفتيات اللواتي اشتكين عليه وإن كل ما في الأمر قد لا يتعدى ” قبلة على العنق” ، واذا كانت زميلته النجمة الشهيرة سابقا كلير شازال قالت ” ان بوافر ( هكذا يُلقّبه زملاؤه) كان يحب اغراء النساء واثارة اعجابهن لكن ليس أكثر من ذلك”، فإن الشهادات الجديدة قطعت شوطا بعيدا خصوصا ان النقابات العمّالية وضعت يدها على الملف، ما اضطر إدارة التلفزيون الى الاعتراف بأنها لا تستطيع تجاهل ما جرى حتى ولو ان الإدارة تغيرت فهذا الإرث ثقيل الحمل، وفتحت هي الاخرى تحقيقات وستقدم برامج حول الأمر. وكذلك عرضت القناة الفرنسية الثانية France2 في 25 تشرين الثاني نوفمبر الماضي تقريرا حول نيكولا أولو يؤكد قيامه بعمليات اغتصاب واعتداءات جنسية، فتحت محكمة باريس تحقيقا جديدا واعيد فتح الملفات.
لا بل ثمة شهادات جاءت هذه المرة من أقرباء النجوم المغتصبين، فقد تقدم أوليفيه البالغ من العمر 49 عاما وهو أبن شقيقة لوفان بشهادة تؤكد ان خاله كان محاطا دائما بصبيان بعمر 14 عاما، ولم يكن أحد آنذاك يسأل ( أو على الارجح يجرؤ أن يسأل) لماذا؟ وذلك خشية ان يُتهم بمعاداة المثليين جنسيا.
هي فضيحة كُبرى تعقب الملف الخطير الذي تم الكشف عنه في فرنسا أيضا قبل نحو شهرين عن 250 ألف حالة تحرّش في الكنيسة منذ خمسينيات القرن الماضي.
صحيح أن بعض المديرين النافذين في قناة TF1 قد فارقوا الحياة، لكن لا شك ان هذه القضايا ستشغل المجتمع الفرنسي طويلا، ذلك أن ثمة صفحة من الشهرة والمال والسلطة فُتحت هذه المرة ليس للاعجاب وإنما لتكون درسا للآخرين.
ويبقى السؤال المتعلّق بنا كعرب، ماذا لو فُتحت ملفّات التلفزات العربية؟ كم فضية قضائية حول تحرّش جنسي ستُكشف، وماذا لو قرّرت بعض النجمات اللواتي ليست عندهن غير الجمال الفاقع للوظيفة، وغيرهن من الموظفات (او الموظفين) الحديث عن الاثمان التي عُرضت ( وعلى الأرجح قُبلت) ولماذا وكيف؟ لا شك أن الأمر سيُحدث زلزالا وليس فضيحة قضائية عابرة. فمن يجرؤ؟