أدّى سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024 إلى تغيّر جذري في طبيعة الوجود العسكري الروسي في سوريا. فبعدما كانت موسكو قد عادت بقوّة إلى الساحة الشرق أوسطية منذ تدخلها في خريف 2015، بما سمح لها بإنقاذ حليفها السوري وترسيخ موطئ قدم استراتيجي في شرق المتوسط، وجدت نفسها الآن أمام سؤال مصيري: هل ستتمكن من الحفاظ على قاعدتَي طرطوس البحرية وحميميم الجوية؟
هاتان القاعدتان تشكّلان العمود الفقري لقدرة روسيا على الانتشار غرباً وجنوباً، ونقطة عبور رئيسية لعملياتها في ليبيا والقرن الإفريقي والساحل.
بعد تولّي أحمد الشرع رئاسة السلطة الجديدة، حرص على إرسال إشارات براغماتية تجاه موسكو. وفي لقاءاته مع وسائل الإعلام العربية (14 كانون الأول/ديسمبر 2024)، وصف المصالح الروسية في سوريا بأنها «استراتيجية»، وأبدى استعداداً للاعتراف ببقاء الوجود الروسي، رغم العمليات العسكرية السابقة التي استهدفت مناطق سيطرة المجموعات التي كان ينتمي إليها.
ورغم أن السلطات الجديدة علّقت اتفاق كانون الثاني/يناير 2017 (الذي كان يمنح روسيا حق استخدام القاعدتين لمدة 49 عاماً)، فإنها لم تلغه، بانتظار إعادة التفاوض حول صيغة جديدة أقل التزاماً من حقبة الأسد.
كانت توفّر:
كانت تعمل كـمحور لوجستي إقليمي لنقل القوات والمعدات نحو:
ولذلك، كان الانسحاب الروسي المفاجئ بعد 2022 (مع تحويل قواتها نحو أوكرانيا) يهدد بتقويض هذه الشبكة كاملة.
ترى القيادة الجديدة فوائد في الإبقاء على روسيا:
لكنها في الوقت نفسه تسعى إلى:
تجلّى ذلك مثلاً في:
يتجه المشهد نحو احتمال كبير بأن:
بهذا المعنى، يبدو أن عصر الامتيازات المجانية الواسعة الذي حصلت عليه موسكو خلال فترة الأسد قد انتهى.
تستأجر روسيا فعلاً مواقع عسكرية لدى المشير خليفة حفتر.
لكن:
اتفاق 2019 لإنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان ما يزال معلّقاً بسبب الحرب الأهلية (منذ 2023) والضغوط الغربية.
تبقى سوريا موقعاً لا غنى عنه من الناحية الجيو-استراتيجية. ولا تبدو ليبيا أو السودان أو الجزائر قادرة على توفير بديل مكافئ من حيث:
تشير المعطيات إلى أن حجم الأسطول الروسي في المتوسط أصبح الأدنى منذ عقد:
كما تضطر موسكو إلى نقل سفنها نحو البلطيق وقناة المانش لمرافقة «أسطول الظل» الذي ينقل النفط الروسي تحت العقوبات الأوروبية.
خلاصة عامة
تسعى موسكو إلى الاحتفاظ بقدرات لوجستية في سوريا، لكن بصيغة جديدة أقل مساحة وسيادة وتأثيراً.
السلطات السورية الجديدة، التي تحتاج إلى التوازن بين روسيا والغرب والخليج وإسرائيل، ستمنح موسكو على الأرجح وجوداً رمزياً أو لوجستياً محدوداً، مع إنهاء الامتيازات شبه المطلقة التي تمتعت بها خلال عهد الأسد.
—————–
مقالة من صحيفة لوموند دبلوماتيك الفرنسية
إيمانويل أداماكيس، الذي مثّل طويلاً الكنيسة الأرثوذكسية، هو اليوم متروبوليت خلقيدونية، أحد أقدم الكراسي الأسقفية…
جان ماري غينو – موفد خاص لصحيفة لوفيغارو إلى أنقرة ذكّر البابا، أمام الرئيس التركي…
Le privilège du blanc. Rituel d’élégance et de diplomatie dans l’ombre du Vatican Nadine Sayegh-Paris…
Les « Pyramides » d’Idlib. Héritage oublié de la Syrie byzantine ! Nadine Sayegh-Paris Au cœur…
المعهد الإيطاليّ للدراسات الدوليّة والسياسة ترجمة: مرح إبراهيم يُمثّلُ اللقاءُ التّاريخيُّ بين ترامب والشّرع في…