حيدر حيدرة-الجزائر
بعيدا عن الخلافات الفرنسية الفرنسية بخصوص الوضع الداخلي الفرنسي والذي أدى إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي المؤسساتي والتغيرات التي طالت رئاسة الحكومة الفرنسية برزت في الأيام الأخيرة إلى الواجهة أيضا الخلاف الفرنسي الفرنسي بخصوص العلاقة مع الجزائر في مرحلة تشبه شبه القطيعة الدبلوماسية وغياب كل قنوات الحوار الدبلوماسية و الامنية بين باريس والجزائر وفي الوقت الذي يغيب فيه هذا الملف عن النقاش في أروقة السلطة الجزائرية وأحزابها و انشغال الطبقة السياسية الجزائرية وأيضا الدبلوماسية في ملف الصحراء الغربية وما صدر عن مجلس الأمن بهذا الخصوص فإن الوضع مختلف تماما في باريس إذ صوت مجلس النواب الفرنسي لصالح قرار يدعو لإدانة اتفاقية الهجرة الموقعة بين البلدين 1968 والتي تمنح بعض الامتيازات الخاصة للمهاجرين الجزائريين بخصوص الإقامة وفرص العمل والاستثمار في الشركات الفرنسية .
نواب اليمين المتطرف إضافة إلى بعض يمين الوسط تمكنوا من الحصول على 185 صوتا لصالح تأييد القرار بينما عارضه 184 نائبا يمثلون نواب الحزب الاشتراكي وفرنسا الأبية ونواب اليسار وفي الوقت الذي يعتبر فيه القرار غير إلزامي للحكومة الفرنسية لأن من صلاحيات الرئيس فقط إلا أنه يعبر عن أزمة داخلية فرنسية إذ يسعى اليمين المتطرف إلى استغلال ورقة الهجرة والذاكرة التاريخية للضغط على الحكومة والاستفادة من المشاكل الاقتصادية التي تعرفها البلاد محملين المهاجرين الأجانب مسؤولياتها في حين يفضل الاليزيه التمسك بلغة وخيار الحوار الهادئ وأعاده بناء الثقة مع الجزائر بنظر إلى أهمية التعاون في ملفات الأمن والطاقة والاستقرار الإقليمي.
وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز اعترف في لقاء صحافي أن سياسة لي الذراع مع الجزائر التي انتهجها سلفه روتايو لم تعط أي نتيجة و أبدى أسفه للظروف التي جرى فيها التصويت داخل البرلمان مضيفا أن هذه السياسة أدت إلى غياب أي تبادل للمعلومات في كافة المجالات بين البلدين معترفا أنه تلق دعوة من نظيره الجزائري لزيارة الجزائر في أقرب الآجال مما يفتح المجال لاستعادة العلاقات لمصلحة البلدين وأعاده فتح الملفات كافة.
موقف وزير الداخلية الجديد والذي بكل تأكيد تلقى تأييدا من الرئيس ماكرون فتح ثغرة كبيرة في ملف العلاقات الثنائية و أثبت بما لا يحمل أي شك أنه وزير الداخلية السابق روتايو الذي كان لتصريحاته العدائية ضد الجزائر و أبنائها المهاجرين في فرنسا بعدا انتخابيا فرنسيا داخليا خاصة وأنه يعتبر حتى الآن أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة واعتقاده بأن هذا الموقف سيمكنه من الحصول على أصوات اليمين الفرنسي المتطرفة المعادي للجزائر والإسلام. أما رئيس الحكومة الفرنسي لوكورنو فقال أن الامور لا تسير في هذا الاتجاه بل ربما نحو إعادة مناقشة الاتفاقية مع الطرف الجزائري بشكل هادئ وعاقل.
مضمون اتفاقية1968 :
تعتبر الاتفاقية التي وقعت بين باريس والجزائر عام 1968 هي تكملة وتعديل لاتفاقية إفيان المشهورة التي وقعت أشهر قليلة قبل انتصار الثورة الجزائرية في مارس 1962 والتي تمنح الجزائريين مجموعة من الامتيازات الخاصة والتي لا تحصل عليها الجنسيات الأخرى مثل تنظيم حركة الهجرة بين البلدين والسماح بدخول 35,000 عامل جزائري سنويا لمدة ثلاث سنوات و الحصول على بطاقة إقامة لمدة 10 سنوات إضافة إلى تسهيل ممارسة أي وظيفة مستقلة مثل فتح محلات تجارية ومطاعم والشراء الشقق و العمارات إضافة إلى تسهيل عملية لم الشمل العائلي واستفادة كل أفراد الأسرة الذين يأتون من الجزائر إلى فرنسا من بطاقة إقامة مدتها 10 سنوات.
تعديلات الاتفاقية
نتيجة للوضع الداخلي الفرنسي والخلافات بين باريس والجزائر طرأت تعديلات على اتفاقية 1968 والأولى كانت عام 1985 والتي أدت إلى فرض تأشيرة الدخول إلى التراب الفرنسي لكل جزائري يريد زيارة فرنسا وهذا ما وضع حدا كبيرا لتدفق المهاجرين الجزائريين الذين كانوا يدخلون فرنسا بدونها والتعديل الثاني وقع في عام 1994 أين تم فرض قانون جديد يمنع على الجزائريين المقيمين مغادرة فرنسا لمدة تتجاوز ثلاثة سنوات وإلا سيفقدون بطاقة إقامتهم وهذا التعديل تسبب بأضرار كبيرة للمتقاعدين الجزائريين الذين عادوا إلى الجزائر لإكمال بقية حياتهم مع عائلاتهم ويتم تحويل رواتبهم التقاعدية إلى البنوك الجزائرية والتعديل الثالث وقع في عام 2001 حيث تم التقريب بين القانون العام المفروض على جميع الأجانب فيما يتعلق بالحقوق والواجبات و القانون الخاص الذي كان يميز الهجرة الجزائرية.
مستشار الرئيس الفرنسي ماكرون المؤرخ بنجامين ستورا اعتبر أن التشكيك في اتفاقية 1968 يعتبر أحد أعراض الأزمة العميقة التي تضرب العلاقات الفرنسية الجزائرية مضيفا أن الاتفاقية فقدت الكثير من امتيازاتها و مضامينها خلال التعديلات التي تمت عليها لاحقا ولم تعد توفر أي أفضلية تذكر للجزائريين مقارنة مع باقي الأجانب المقيمين على الأراضي الفرنسية على عكس ما يروج له رموز اليمين المتطرف ومنابره الإعلامية لمصالح انتخابية بحتةً في محاولة الاستغلال الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعرفه المواطن الفرنسي السياسات المتعاقبة والتي أدت إلى تفاقم الدين العام إلى أزيد من 3500مليار اورو وما يفرض ذلك من سياسة التقشف ومراجعة للعديد من الضمانات والتقديمات التي تقدم فرنسيين.
رئيس الحكومة الفرنسي قال أن الامور لا تسير نحو إلغاء الاتفاقية بل ربما نحو إعادة مناقشتها مع الطرف الجزائري مضيفا أن ماكرون قال مرارا أن العلاقة مع الجزائر يجب أن تنطلق من جديد وعلى أساس مصالحنا الخاصة قبل كل شيء و بالاتفاق مع الجزائريين وهذا أيضا ما أكد عليه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في العديد من المناسبات بأن الجزائر مستعدة للنظر في هذه الاتفاقية شرط أن تضمن حقوق الجزائريين مظهرا في كل مرة البعد الإنساني الذي تربط العلاقة الجزائرية الفرنسية والروابط العائلية التي تحكمها مؤكدا أن التعديلات المتعددة على اتفاقية 1968 افرغتها من محتواها الإيجابي وأصبحت قوقعة فارغة.
الاكيد أن تصويت مجلس النواب الفرنسي لا فاعلية قانونية له وصاحب القرار الوحيد في هذا المجال هو الرئيس ماكرون وأثبتت الأسابيع الأخيرة أنه يؤيد إطلاق حوار مع السلطة الجزائرية من أجل تبريد الأجواء وإعادة السكة إلى مجاريها بين البلدين لما حملته الأشهر الماضية من تأثيرات سلبية على الشركات الفرنسية وتراجع تعاملاتها مع الشركات الجزائرية و إشارة أخرى إلى رسائل التهدئة بين البلدين هو حضور السفير الفرنسي في الجزائر و المتواجد في باريس منذ أشهر بعد أن تم سحبه مراسم إحياء ذكرى أحداث 17 أكتوبر 1961 التي أدت إلى رمي مئات الجزائريين في نهر السين لأنهم تظاهروا مطالبين بالاستقلال وتشير روايات مؤرخين فرنسيين و جزائريين عايشوا تلك المرحلة أن الشرطة الفرنسية بأمرة قائدها موريس بابون اعتقلت 12ألف جزائري تعرضوا للتعذيب والقتل.
الأسابيع القادمة ستحمل الكثير من الأخبار وربما تكسر الجليد بين البلدين الذي يدوم منذ أكثر من سنة وعدم التعليق سلبا على قرار التصويت مجلس النواب الفرنسي من قبل وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف واعتباره حدثا شأن داخليا فرنسيا يفتح ثغرة إيجابية في هذا المجال يمكن أن يبني عليها لاستعادة التوافق بين البلدين.
Quand les mots naissent de l’argile ! Retour sur le tout premier dictionnaire de l’humanité Nadine…
Le coq : de la basse-cour à l’emblème de la France ! Nadine Sayegh-Paris Il trône sur…
Sous le signe de l’éclat, l’humanité est parée depuis toujours ! Nadine Sayegh-Paris Avant même les…
سامي كليب حقّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب في جولته القصيرة أمس على الكنيست الإسرائيلي وشرم…
هذا هو النص الحرفي لوثيقة قمّة شرم الشيخ حول غزّة التي تم توقيعها أمس الاثنين…