محمد محمود شحادة
لطالما مارست الولايات المتحدة الامريكية سلاح العقوبات الاقتصادية على خصومها في العالم من خلال حظورات مالية وتقييد في التجارة و الصناعة و حتى السفر احياناً كانت تفرض على دول بشكل كامل مثل سوريا وايران وحيناً على شخصيات مثل بوتين و اخرين والهدف من ذلك كان بعنوان عقوبات على عدم انضباطية هؤلاء الدول او اشخاص في الانتظام بالسياسات الخارجية للولايات المتحدة الامريكية.
اليوم يتفاجأ كل العالم بقرارات رئيس الولايات المتحدة الأمريكي دونالد ترامب برفع الرسوم الجمركية على كافة الدول سواء كانت صديقة او عدوة له، وهو ما يرى بذلك يمكن ان يحقق إيرادات عائدة للولايات المتحدة الأمريكية بشكل سريع.
فمنذ تنفيذ الرئيس الأمريكي لسياسات التعريفات الجمركية الجديدة في أبريل 2025، تم جمع إيرادات كبيرة من هذه التعريفات، وفقًا لبيانات مكتب الجمارك وحماية الحدود الأمريكي تم تحصيل أكثر من 4.8 مليار دولار من الضرائب على المنتجات الصينية، وأكثر من 2 مليار دولار على المنتجات المكسيكية.
بالإضافة إلى ذلك، تم فرض تعريفات بنسبة 25% على الألمنيوم والصلب، مما أدى إلى جمع أكثر من مليار دولار إضافية.
تتفاوت التقديرات حول الإيرادات المستقبلية من هذه التعريفات، على سبيل المثال، قدّرت مؤسسة الضرائب أن التعريفات قد تزيد من إيرادات الضرائب الفيدرالية بمقدار 206.6 مليار دولار في عام 2025، وهو ما يمثل 0.68% من الناتج المحلي الإجمالي.
على الرغم من اشارة العديد من الاقتصاديين إلى أن هذه التعريفات قد تؤدي في مكان ما إلى انخفاض في الواردات، مما قد يقلل من سقف الإيرادات المتوقعة، على سبيل المثال، قدّرت شركة كابيتال إيكونوميكس أن التعريفات قد تولد حوالي 700 مليار دولار سنويًا، وهو أقل من التوقعات الأولية.
من الجدير بالذكر أن هذه التعريفات قد تؤثر أيضًا على الاقتصاد الأمريكي بطرق أخرى، مثل زيادة الأسعار للمستهلكين وتقليل النمو الاقتصادي في وقت لاحق.
انما الحديث الان حول الشق السياسي من الموضوع فكانت الولايات المتحدة تضغط لضبط السياسات الخارجية للدول بالتلويح بالعقوبات او فرضها بشكل تلقائي فهي كانت تجني من ذلك ثلاثة مكاسب اساسية:
الأول يتمثل بايرادات اقتصادية خاصة في ظل حجز أموال مثل الأموال الإيرانية والاستفادة منها داخل السوق الامريكية والثاني تقييد للدول المعادية وحصارها، والثالث ضمان عدم دعمها والتعامل معها من دول اخرى وتطورها مستقبلاً .
فكانت بذلك تهتم اميركا بالشق السياسي اولاً والاقتصادي ثانياً، انما نظرية ترامب في الرئاسة تختلف عن اسلافه فهو يرى ان التوجه المباشر نحو الاقتصاد الريعي هو ما يحدد قوة السياسة الخارجية لاميركا لسببين :
اولاً: انه يجني العائدات بشكل مباشر وسريع جداً خلافاً لسياسة العقوبات البطيئة.
ثانياً : مطالبة معاكسة لالتزام الدول تجاه اميركا وليس العكس كما كانت عليه الحال حيث كانت اميركا بمكوكيتها الدبلوماسية مع القوة هي من تسوق لسياساتها و مطالبها، اما اليوم فجميع دول العالم بما فيهم الاتحاد الأوروبي والصين وحتى الكيان الصهيوني هم من يبادرو للسؤال عن مطالب اميركا بغية تخفيض الرسوم.
رغم الإيرادات الوفيرة في اللحظة الأولى الا انه قد يكون النظام الاقتصادي الأميركي خاسراً على المتوسط او البعيد وذلك اذا ما تعرضت سلاسل التوريد العالمية سيما الامريكية الى الوهن او الشلل الجزئي من خلال هروب الشركات من التوجه نحو أمريكا عندما تبدأ بالبحث على أسواق بديلة باسعر تنافسية ، ولكن ما فرضه ترامب هو اقرب للتعامل بالمثل مع الرسوم المتبادلة باستثناء بعض الدول التي لها سياسات حمائية فرضت عليها رسوم اعلى، ولكن شتان بين المواد الواردة الى اميركا التي هي مواد أساسية للصناعات وبين الصادرات الامريكية التي منتجات يوجد لها مثيل في كل العالم.
من ناحية الشكل ترامب يعمل لصالح أمريكا بحيث يقوي الصناعة المحلية في الاستهلال المحلي بدل الاستراد سيما في السيارات الأوروبية خاصة الألمانية، ولكن بالمضمون الاعمق فان الصناعة الامريكية تختاج الى مواد أولية مستوردة بنسبة تتجاوز 50% فهذا ما يعود و يرفع الأسعار بالنسبة للسلع المحلية إضافة الى الضرائب المرتفعة داخل اميركا.
الا ان الإدارة الامريكية رأت انها من الضروري ان تتعامل بمرونة تحاه الضرائب والرسوم بعض تصنيف الأولويات فقد تتجه الى الاعفاء الجزئي او الكامل عن هذه الأولويات سيما بالصناعة الإلكترونية لتبقى أسعارها بأفضل وضعيات المنافسة محلياً و عالمياً سعياً من ترامب لتحقيق التوازن التجاري مع أوروبا والصين.
أ.د ماريز يونس (أستاذة علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية ) في لحظة تاريخية يعيش لبنان…
صدر ت حديثاً عن دار نوفل / هاشيت أنطوان رواية "ما يحدث في دبي يبقى…
La gastronomie française, une révolution dans l’assiette ! Nadine Sayegh-Paris S’asseoir à une table, consulter un…
سامي كليب: افتتاحية : الصراحة أفضل. حين تُكشف وثائق وتحقيقات الانهيار العسكري الواسع للقسم الأكبر…
أ.د ماريز يونس ( أستاذة علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية) في ذلك الصباح، لم يكن…
Des salles d’asile à l’école maternelle ! Nadine Sayegh-Paris Evoquer l’école nous fait directement penser à…