حيدر حيدورة-الجزائر
في ظل ازمة حادة تعرفها العلاقات الجزائرية الفرنسية لم تشهدها منذ الاستقلال حتى الان على مختلف المستويات، احيت الجزائر الذكرى المأساوية الخامسة و الستين لبدء التجارب النووية القاتلة و المدمرة الفرنسية في الصحراء الجزائرية بالتحديد في منطقة رقان في ولاية ادرار و ان يكر في ولاية تمنراست، و اللتين تبعدان حوالي 1500 كلم عن العاصمة الجزائرية.
حصلت تلك التجارب في 13 شباط 1960 و تواصلت على مدار ست سنوات حتى وصلت حسب الخبراء الى 57 انفجارا تفوق شدتها بمرات عديدة الانفجار النووي الذي حصل في هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية. و ان لم يعرف بالضبط حتى الان عدد ضحايا هذه الانفجارات بشكل مباشر فان سكان هذه المناطق يعانون حتى الان من مخلفات هذه التفجيرات حيث يتم سنويا تسجيل الاف حالات من امراض السرطان و تشوهات حديثي الولادة و اعاقة و عقم الى جانب الاضرار الكبيرة التي تهدد السلامة البيئية و الاقليمية و المناخية.
بعيدا من ارتفاع حدة التخاطب السياسي بين البلدين في هذه الايام و الذي يرتبط بالعديد من الاختلاف في وجهات النظر بين باريس و الجزائر و الذي تصاعد من ناحية الجانب الجزائري بعد الموقف المفاجيء للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حيال قضية الصحراء الغربية و تأييده وجهة النظر المغربية عكس مواقف الرؤساء السابقين، فان السلطات الجزائرية سلطت الاضواء على الجريمة النووية الفرنسية مؤكدة ان ما حدث في الصحراء في تلك الفترة هي جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي و ليست تجارب علمية و على فرنسا ان تتحمل مسؤوليتها القانونية و الاخلاقية منها و يجب عليها القيام بكل ما يلزم من عمليات تقنية من اجل تنقية الاجواء و تنظيف المنطقة كاملة من الاشعاعات النووية و الافراج عن الارشيف الخاص بالمخططات التقنية و اماكن دفن النفايات النووية.
و في اخر مقابلة للرئيس عبد المجيد تبون مع صحيفة فرنسية اكد ان تطهير مواقع التفجيرات النووية امرٌ الزامي من الناحية السياسية و الاخلاقية و العسكرية خاصة انه هناك اناسا يموتون و اخرين يعانون حتى الان وان الجزائر لا تطلب اموالا للتعويض و انما اعتراف بالجريمة و تطهير المنطقة من الاشعاع النووي.
البروفيسور عبد اللطيف يوروبي اكد ان التفجيرات النووية تذكر حتى الان بجرائم الاستعمار الفرنسي طوال 132 عاما مؤكدا ان السلطات الفرنسية اعترفت بجريمتها عندما قامت بحملة تعويضات لصالح الجنود و العمال الفرنسيين، عبر القانون المعروف بقانون موران و الذي اقر في 2010 و لم يستوعب العمال الجزائريين، الذين شاركوا في العملية و رفضت حتى الاعتراف بهذه الجريمة تجاه ضحاياها من الجزائريين و هي ترفض حتى الان التجارب و التعاون مع السلطات الجزائرية سواء في هذا الملف او ملف 11 مليون لغم مضادة للأفراد المزروعة على الحدود الجزائرية، و خاصة الشرقية منها و التي مازالت تحصد الارواح حتى الان و اخرها 3 ضحايا من عائلة واحدة قتلوا غرب ولاية الجلفة في شهر تموز من العام الماضي عند انفجار لغم تحتهم.
الخطاب السياسي الجزائري على مختلف اتجاهاته سلطة و معارضة يؤكد ان البدء في تحسين العلاقات بين باريس و الجزائر مرتبط بشكل اساسي بملف الذاكرة و التاريخ بين البلدين و على السلطات الفرنسية الاعتراف بجرائمها خلال فترة الاستعمار و تقديم تعويضات للضحايا و بإنشاء صندوق خاص يشمل الافراد الذين تعرضوا للإشعاع النووي و تمويل مشاريع لتنظيف المناطق الملوثة اشعاعيا إضافة الى تقديم دعم طبي و علاجي للضحايا الذين يعانون امراضا مرتبطة بالإشعاع و تنظيف التربة و المياه الجوفية من التلوث الاشعاعي و تعرف جيدا ان هناك دولا قدمت لحالات مشابهة تعويضات مالية للضحايا كمثال الولايات المتحدة الامريكية لضحايا تفجيرات هيروشيما و نكازاكي و ايضا بريطانيا التي قدمت تعويضات لضحاياها في استراليا و جزر المحيط الهادي و على فرنسا و قيادتها ان يعترفوا بشجاعة عن مسؤوليتهم في هذه المجازر بعيدا عن الخطاب اليميني المتطرف المعادي للإسلام و للعروبة و الذي ينجح في كل مرة في تخريب اي محاولة جدية لتحسين العلاقات بين البلدين و قد تم ملاحظة ذلك حين اعترف الرئيس ماكرون بعملية تعذيب و قتل المناضل الجزائري الشهيد العربي بن مهيدي من طرف ضباط فرنسيين تحت قيادة الجنرال اوساريس على الرغم من الرواية الفرنسية التي سوقت طوال الفترة الماضية انه انتحر و الذي لاقى معارضة يمينية فرنسية بهذا الاعتراف.
مدير مرصد الاسلحة الفرنسي باتريس بوفري و هو مؤسسة فرنسية مستقلة مختصة في التوثيق بخصوص التجارب النووية اعترف في لقاء مع وكالة الانباء الجزائرية ان طلب الجزائر بتنظيف المحيط و تطهيرها من الاشعاع النووي طلب مشروع تماما و للجزائر الحق في ذلك معربا عن اسفه لكون السلطات الفرنسية لا تتحمل نتائج افعالها و هناك غياب تام لإرادة سياسية فرنسية شجاعة في هذا المجال و هذا الموقف يؤيده العديد من السياسيين الفرنسيين الذين يعتبرون ان اداة الازمة الحالية من الجانب الفرنسي هي غير موفقة و يطغى عليها الجانب الانتخابي الداخلي و محاولة كسب عطف اليمين المتطرف على حساب مصالح الدولة الفرنسية و التي اضرت بمصالح الشركات الفرنسية في السوق الجزائري و تراجع التبادل التجاري بين الدولتين لصالح دول اوروبية اخرى مثل ايطاليا او حتى أسيوية مثل الصين و تركيا.
في جميع الاحوال عدم اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية خلال فترة احتلالها للجزائر في غياب رئيس فرنسي يمتلك الجرأة السياسية الكافية لتحمل المسؤولية بعيدا عن الحسابات الانتخابية الداخلية سيفتح المجال واسعا امام تراجع حاد للعلاقات بين البلدين و يزيد من الشرخ بين الموقفين الجزائري و الفرنسي تدفع ثمنه بشكل كبير الشركات الفرنسية التي كانت تعتبر السوق الجزائرية ساحة واسعة لبضائعها بدأت تتقلص لصالح شركات اخرى حتى وصل الامر لبعضها الى الاغلاق التام في السوق الجزائرية نظرا لتضييق الخناق عليها و تشجيع الشركات المحلية و الاجنبية المنافسة لدخول الاسواق الجزائرية.
في انتظار رئيس فرنسي جديد يملك الشجاعة في اتخاذ القرار خاصة بعد تصريح للرئيس عبد المجيد تبون مؤخرا ان الحديث مع الرئيس الحالي ماكرون هو تضييع للوقت و لا ينتظر منه اي نتيجة، تبقى العلاقات بين البلدين محكومة بشعرة معاوية فقط و تبقى السفارة الجزائرية في باريس بدون سفير و يبقى السفير الفرنسي في الجزائر ينتظر في اي لحظة استدعاءه من الخارجية للتعبير له عن تنديد الجزائر بالمواقف الفرنسية المختلفة التي تعتبرها معادية للجزائر و لشعبها، و يعتبر موقف ابن الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي و الذي يحمل ايضا الجنسية الامريكية عندما قال انه مع حرق السفارة الجزائرية في باريس و وقف التأشيرات للجزائريين و ايضا عندما طالب احد الصحافيين الفرنسيين على شاشة التلفزيون الفرنسي العمومي بحجز أبناء وزير الإعلام الجزائري الذين يدرسون في الجامعات الفرنسية ردا على اعتقال الكاتب الجزائري بوعلام صنصال و الذي تحصل مؤخرا على الجنسية الفرنسية اكبر مثال على تدهور العلاقات، ومستوى الخطاب الفرنسي اليميني المتطرف المعادي للجزائر و شعبها.
ديانا غرز الدين سؤال غريب ، من يصنع من؟ هل الواقع يصنعنا ام نحن نصنعه؟…
روزيت الفار-عمّان أنطونيو غرامشي الذي تأثر به كثيرون ومنهم المفكّر إدوارد سعيد؟ كيف يمكننا إسقاط…
Ce bouquet de mariée qui cacherait les mauvaises odeurs ! Nadine Sayegh-Paris L’idée de bouquet…
الداه صهيب - نائب موريتاني حين تسلم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئاسة الاتحاد الإفريقي…
طالع السعود الأطلسي الأستاذ أحمد التوفيق، الوزير المغربي للأوقاف والشؤون الإسلامية، وهو المؤرِّخ، العالِم والأديب،…
رغيد عودة فاجعة حلت على بورصة وول ستريت، حققت الصين ما لم تتوقعه الشركات الأمريكيّة…