آخر خبر

نيويورك تايمز: المباديء الستة للغباء…وإدارة ترامب

 بقلم الكاتب والمؤرّخ ديفيد بروكس  في نيويورك تايمز

ترجمة وتحرير :روزيت الفار

مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في 30 يناير 2025، يحمل عنوان ” مبادئ الغباء السّتّة”، حدّد الكاتب ديفيد بروكس مفهوم “الغباء” ولخّص مبادءه في ستّة نقاط أراد منها التّوصّل إلى القول بأنّ سلوك الرّئيس الأمريكي دونالد ترامب وأفراد إدارته؛ سلوك أخرق على المستويين الدّاخلي والخارجي، نافياً أن يكون لهذا أي علاقة بالصّفات الشّخصيّة لأيّ منهم. فكما يقول المؤرّخ الإيطالي كارلو تشيبولّا: إن إمكانيّة أن يكون الشّخص غبيًّا متعلّقة بصفاته الشّخصيّة.

يفتتح بروكس مقالته بالمقارنة بين ما أحرزته الصّين من تفوّق تكنولوجي بالأسبوع الّذي مضى وبين ذات المستوى من التّفوق الّذي برزت فيه الولايات المتّحدة الأمريكيّة لكن بمجال مناقض هو؛ “الغباء البشري”، واصفاً إيّاه بالسّلوك المُتسرّع الّذي يتجاهل العواقب الّتي قال بأنّها لا تؤذي صاحبها فقط، بل الآخر بالمثل.

اتّهم بروكس إدارة ترامب الحاليّة بارتكابها في الآونة الأخيرة عدّة حماقات في موضوع تجديد تهديداتها بفرض تعريفات جمركيّة هائلة على كندا والمكسيك، دون إدراك منها بما يعنيه ذلك من رفع لمستوى التّضخّم الأمريكي. إضافة إلى محاولة التّخلّص من أعداد كبيرة من القوى العاملة الفدراليّة دون السّؤال عمّا سيؤثّر ذلك على النّشاط الحكومي. كما الحال بالنّسبة لقرار تجميد النّفقات الفدراليّة على برامج المعونة والدّعم الّذي يهدف لوقف تمويل برامج “التّنوّع” و”المساواة” و”الاحتواء”، الّتي لا ترضي مزاج ترامب. وكما ذكر كيف أن ترامب يقوم بأحيان كثيرة بمراجعة قراراته المتسرّعة ويعدِل عنها.

صاغ الكاتب ما تعلّمه، حتّى الآن، حول مفهوم الغباء بستّة مبادئ هي:

  1. الأيديولوجيّة تنتج الخلاف بينما الغباء ينتج الحيرة والتّخبّط. ويعطي مثلاً حول حالة الإرباك الّتي حدثت لمدّة يومين بين النّاس في المؤسّسات في محاولة فهم ما يجري بعد قيام إدارة ترامب بتجميد ما يزيد عن 3 ترليون دولاراً من الإنفاق؛ بمذكّرة، يبدو أنَّها من صنع طالب مُتدرّب، جاء محتواها منفصلاً تماماً عن الواقع.
  2. الغباء يأتي متأصّلاً بالمنظّمة وليس بالأفراد. فالمنّظمة الّتي يسيطر عليها شخص واحد ويضطّر جميع مَن فيها لاتّباع أفكاره الّتي وضعها، يكون نتيجة ما تقدّمه الغباء. وكما قال اللّاهوتي الألماني ديتريش بونهوفر: “بأنَّ سلطة الشّخص الواحد تتطلّب غباء الآخر”.
  3. السّلوك الغبي أخطر من السّلوك الماكر. حيث أنّ الإنسان الماكر يدرس أبعاد فعلتِه على مصالحه الشّخصيّة ويمكن أن يتوقّف، بينما الغبي يسترسل بسلوكه دون تحسّب لأيّ عواقب، فالغباء يجيب على جميع التّساؤلات.
  4. الغبي لا يدرك غباء أفعاله. تماماً كما أوضحه “تأثير دانينغ كروغرDuning Kruger Effectالّذي يقول بأنَّ الأشخاص غير الأكفّاء لا يمتلكون المهارات اللّازمة للاعتراف بعدم كفاءتهم. فمثلاً، تحاول إدارة ترامب التّخلّص من الموظّفين المدنيّين الّذين قد لا يكونوا تقدّميّين لكنَّهم يمتلكون كمّاً هائلاً من الخبرة والمعرفة في مجالهم، وتوظّف أشخاصاً يفتقرون لتلك المهارات، لا لسبب، بل لكونهم من الموالين والدّاعمين للرّئيس.
  5. مقاومة الغباء أمر شبه مستحيل. يستشهد الكاتب ثانية ب بونهوفر: “أنّنا أمام الغباء لا نملك أيّة وسيلة للدّفاع عن أنفسنا”. إذ أنّه لا يوجد معنى للأعمال الحمقاء كما وتأتيك بشكل مفاجئ، فلا يكون حينها للنقاشات المنطقيّة أو للرّأي المخالف أو للحقائق أيّة قيمة. فالغبي مكتفٍ بما لديه، وبالوقت ذاته يكون صعب المزاج ويمكن استفزازه بسهولة ممّا قد يخلق خلافاً أنت بغنى عن عواقبه.
  6. نقيض الغباء ليس الذّكاء، بل العقلانيّة. ويعرّف عالم النّفس الأمريكي، كيث ستانوفيتش، العقلانيّة؛ بأنَّها المقدرة على اتّخاذ قرارات تساعد الفرد على تحقيق أهدافه. موضّحاً بأنَّ أصحاب العقليّة الشّعبويّة يفتقرون للخبرة والحكمة والتّجربة وهي العناصر المهمّة للعقلانيّة. فنجد بعضهم يميل لتصديق نظريّة المؤامرة والرّوايات الّتي يعتقدها العامّة أو ما يقرأونه على شبكة الإنترنت كخطر المطاعيم على الأطفال مثلاً. فهم بعيدون عن العيش بإطار فكري منظّم بل بإطار من الفوضى مشوّهاً بالأحكام المسبقة.

يعتقد بروكس أنّه لا يزال أمامه الكثير ليتعلّمه عن موضوع الغباء في السّنوات الأربعة القادمة (ويقصد فيها فترة رئاسة ترامب وأعضاء إدارته). ويبدو أنّه قام بكتابة هذا المقال قبل أن يضيف ترامب سلوكاً غبيّاً آخر، أقام به الدّنيا دون أن يقعدها، وهو خطّتة أو قراره بترحيل سكّان غزّة إلى مصر والأردن وتملّكه للقطاع؛ زاعماً جعله “ريفييرا الشّرق”.

يذكر بأنّ الكاتب من خرّيجي كليّة التّاريخ من جامعة شيكاغو. تغطّي كتاباته مواضيع سياسيّة واجتماعيّة وثقافيّة، له فيها عدّة مؤلّفات، ناهيك عن العامود الخاص به بالصّحيفة المذكورة.

lo3bat elomam

Recent Posts

رواية من خلف خطوط القهر والأمل

ديانا غرز الدين سؤال غريب ، من يصنع من؟ هل الواقع يصنعنا ام نحن نصنعه؟…

3 days ago

غرامشي يشرح انقياد الجماهير طواعية الى عبوديتها

روزيت الفار-عمّان أنطونيو غرامشي  الذي تأثر به كثيرون ومنهم المفكّر إدوارد سعيد؟ كيف يمكننا إسقاط…

3 days ago

تدهور نووي في العلاقات الفرنسية الجزائرية، لماذا؟

 حيدر حيدورة-الجزائر في ظل ازمة حادة تعرفها العلاقات الجزائرية الفرنسية لم تشهدها منذ الاستقلال حتى…

4 days ago

Ce bouquet de mariée qui cacherait les mauvaises odeurs !

Ce bouquet de mariée qui cacherait les mauvaises odeurs ! Nadine Sayegh-Paris L’idée de bouquet…

5 days ago

الرئيس الغزواني والعبور بأفريقيا نحو المستقبل

الداه صهيب - نائب موريتاني حين تسلم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئاسة الاتحاد الإفريقي…

1 week ago

علماء الدين والدنيا في لقاء استثنائي في المغرب

طالع السعود الأطلسي  الأستاذ أحمد التوفيق، الوزير المغربي للأوقاف والشؤون الإسلامية، وهو المؤرِّخ، العالِم والأديب،…

1 week ago