ديانا غرز الدين
غالبا ما تكون العلاقات الاسرية معقدة وتحتاج بذل المزيد من الجهود من اجل انجاحها و الوصول بها إلى الاهداف المطلوبة. و لكن احيانا يحدث العكس، فبدلاً من بذل الجهود من اجل ايجاد الحلول للمشكلات الاسرية ، تتفاقم المشاكل لعدة اسباب . يشرحها لنا بتحليل عميق الكاتب الإيطالي البيرتو مورافيا في ثلاثية اخترت قراءتها لارتباطها المباشر بالتجارب التي تعانيها معظم الأسر، بغض النظر عن الفروقات الزمنية بين زمن مورافيا و زمننا الحالي. فإن الشكل العام للأسر و مشاكلها لا يتغير بمرور و تغير الزمن .
في كتاب” الانتباه “، يشرح مورافيا كيف ان عدم الانتباه الى الاسرة قد يكون له نتائج كارثية . و كيف ان ضعف التواصل، و التباين الاجتماعي او الثقافي بين الزوجين، و عدم التعبير بصدق عن المشاعر و المخاوف قد يقود الى مشاكل أعمق لا يعود هناك من سبيل الى حلها الا بصعوبة بالغة . يقول في روايته الشهيرة “الانتباه”:
” كانت محادثتي مع (بابّا) ابنة زوجتي قد ولدت في نفسي الشك بأنني ربما كنت المذنب و المسؤول الوحيد عن فساد عائلتي، لأنني بعدولي عن حب زوجتي و انفصالي عنها قد دمرت لديها كل فكرة عن النظام العائلي و دفعت بها دفعا على طريق مهنتها السرية…و لكن السؤال: لم توقفت عن حبها؟
لقد خلقت لي هذه السنوات العشرة من اللامبالاة ذكرى مبهمة متل الاشياء التي يشاهدها المرء او يفعلها و هو في حالة دائمة من اللاانتباه…. و بكلمة واحدة، لم يكن هذا اللاانتباه يكلفني اي مجهود، بل كنت اشعر اني مدفوع إليه..”
في كتابه الثاني” الاحتقار”، قصة زوجين بدأ احدهما باحتقار الاخر لأسباب تتكشف تباعا في سياق الرواية بأسلوب مورافيا الآسر و تحليله العميق، بدءاً من تحديد قضية الخلاف، مرورًا بالتعامل معها بنضج، ووصولاً إلى الحرص على عدم ترك المشاكل من دون حل، عن طريق التمرن على الإسماع الجيد للطرف الاخر بهدوء و تجنب الانفعال. قد تكون المشاكل المالية او مشاكل الثقة بين الزوجين احد اهم اسباب الخلاف . لكن في رواية مورافيا يصل الزوجان الى طريق مسدود بسبب سوء تفاهم بسيط ادى الى احتقار الزوجة لزوجها و اصبح غير قابل للحل، رغم محاولات الزوج المتكررة لإصلاح الخطأ.
” في الحب طاقة كبيرة، لا على الوهم و حسب، بل على النسيان. والواقع ان المرء ينسى بسهولة ما لا يريد ان يتذكره”
نصل الى رواية مورافيا الاخيرة،”السأم ” هناك احتمال ان تنتقل عدوى السأم اليك اثناء قراءتها، ليس لأنها مملة، بل لان الكاتب اجاد وصف شعوره بالسأم لدرجة يجعل القارئ يتماهى معه. سأم الكاتب من رسوماته و فنه، سأم من امه و من ثراءه، و هروبه من هذا السأم الى علاقة مضطربة مع مراهقة تافهة لا تريد شيئا من الحياة، جعله يسأم اكثر. بنظر الكاتب، فإن:
“التاريخ العام قائم على السأم، فإذن السأم كان في البدء، لقد سئم الرب فخلق الارض و السماء و الماء و الحيوان و النبات، ثم خلق ادم و حواء، و سئم هذان بدورهما في الجنة فأكلا الثمرة المحرمة ، و قد اسأما الرب فطردهما من جنة عدن، و سئم قايين من هابيل فقتله، و سئم نوح فاخترع الخمرة، سئم الرب من الناس فهدم العالم بالطوفان ،… و هكذا دواليك، من السأم كانت تنبثق الإمبراطوريات الكبرى ثم تنهار في السأم…”
قراءات ممتعة تضمنها لنا روايات مورافيا المعني بالدرجة الاولى بمناقشة قضايا الفساد الاخلاقي و الأسري. هو كاتب إيطالي ولد في روما عام ١٩٠٧ و توفي عام ١٩٩٠. و قد ترجمت اعماله الى لغات عديدة و تحول بعضها الى افلام سينمائية . صاحب قلم باهر و اسلوب ساحر بالإضافة الى موهبته في التحليل العميق.
نبيل عمرو _وزير الاعلام الفلسطيني السابق في واحدة من زيارات الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى…
رامي سيمني-صحيفة يديعوت احرونوت الأخبار واضحة؛ سورية دولة مصطنعة تفككت، ولم يكن لديها حق فعلي…
طلبتُ من الذكاء الإصطناعي أن يكتب عبارة معايدة تناسب وضع العالم قبيل حلول 2025، فكتب…
أجرى المقابلة Pierre Barbancey لصحيفة L’humanité الفرنسية ترجمة : نادين كرم-باريس يعتبر هيثم منّاع من…
سامي كليب: في ثلاثِ حالاتٍ تعرّضت شهرزاد الأدب اللُبناني لتحرّش جنسي، أولُها وهي طفلة عائدةٌ…
Les vitrines de Noël et leur mystère ! Nadine Sayegh-Paris Les vitrines de Noël parisiennes…