مساعدون في الكونغرس يناهضون اسرائيل الكترونيًّا
روزيت الفار
قامت مجموعة من الموظّفين الشّباب العاملين داخل الكونجرس بإنشاء نظام رسائل إلكتروني على غرار ذلك الّذي تستخدمه وزارة الخارجيّة الأمريكيّة، بهدف إيجاد مخرج لدعوات الأمريكيّين المُطالبَة بوقف الحرب على غزّة.
فمنذ بدء هجوم إسرائيل العسكري الشّرس على غزّة في الخريف الماضي، قام المئات من مساعدي أعضاء الكونجرس بالتّعبير عن احتجاجهم على ما تقدّمه الولايات المتّحدة الأمريكيّة من دعم لإسرائيل في هذه الحرب، وصل في بعض الأحيان لقيام العديد من هؤلاء الموظّفين بوقف العمل مع رؤسائهم من النّوّاب.
وحرصاً على الاحتفاظ بمواقعهم الوظيفيّة في الكابيتال هيل، قام هؤلاء الشّبّان بأعمال احتجاج مختلفة؛ ككتابة رسائل وتوزيع التماسات والتّدوين على منصّات التّواصل الاجتماعي، دون الكشف عن أسمائهم أو هويّتهم. بل أنّ البعض منهم ترك وظيفته بهدف الضّغط من أجل وقف إطلاق النّار وإيقاف شحن السّلاح الأمريكي المتدفّق لإسرائيل. وقالوا بأنَّ رؤساءَهم من أعضاء الكونجرس؛ رفضوا الاستماع إلى الاحتجاجات والاعتراضات المُقدّمة من الشّعب الأمريكي -والّتي وصلتهم عبر مئات آلاف المكالمات والرّسائل والإيميلات وحتّى الزّيارات الشّخصيّة لهم في مكاتبهم- المناهضة للحرب وللممارسات الإسرائيليّة خلالها.
قامت مؤخّراً مجموعة تتألّف من 12 فرداً من هؤلاء الشّباب بتصعيد معارضتهم للحرب؛ عبر إطلاق موقع إلكتروني يمكنهم من خلاله، هم ومَن يوافقهم الرّأي، نشرَ مذكّراتٍ مجهولة المصدر؛ تنتقد السّياسة الأمريكيّة تجاه إسرائيل والحرب على غزّة بما في ذلك مواقف رؤسائهم المؤيّدة للحرب، دون اعتبار لإمكانيّة تعرّضهم للانتقام جرّاء عملهم.
وأفادت المجموعة الشّبابيّة المنظّمة للمنصّة والّتي أُخذت اسم “قناة المعارضة في الكونجرس“، بأنَّهم أنشأوها على غرار قناة معارضة سرّيّة تابعة لوزارة الخارجيّة الأمريكيّة خاصّة بالعاملين في الخدمة الخارجيّة، الّتي كانت قد أُنشأت خلال حرب فييتنام وشكّلت صراعاً آخر سمح بحدوث انقسامات سياسيّة مؤلمة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة ومهّد لحركات معارضة؛ وخصوصاً بين فئة الشّباب الأمريكي.
لكن؛ وفيما صُنّفت تلك القناة (التّابعة للخارجيّة) كنظام حكومي سرّي داخلي يقدّم من خلاله، موظّفون بأسماء معروفة، آراءً معارِضة تُوزّع بعناية وسريّة تامّة، نجد بأنَّ الموقع الإلكتروني الجديد يقدّم خدمة مغايرة تماماً. فهو منصّة عامّة يقوم من خلاله الموظّفون ومساعدو النّوّاب، كأشخاص مجهولين، بعرض انتقاداتهم وبتسليط الضّوء على مواقف رؤسائهم المخالفة لمواقفهم.
وقد سبق لهذه المجموعة بأن قامت بتنظيم إضراب في الكابيتال هيل (أي الكونجرس) مؤيّد للفلسطينيّين سُمّي بِ”الخروج من العمل” “A Pro-Palestinian staff walkout” في الكابيتال هيل. حدث ذلك عندما عقد نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، اجتماعاً مشتركاً مع أعضاء الكونجرس. كما وقاموا بالتّخطيط لما عُرِف “باعتصام الزّهور” “Anonymous flower vigil” خارج الكابيتال هيل في نوفمبر، المُطالب بوقف الحرب على غزّة.
وببيان حول ما تريد القيام به، وصفت المجموعة أعضاءَها بأنّهم “مساعدون في الكونجرس ملتزمون بتغيير النّموذج الأمريكي الدّاعم لحرب الإبادة الجماعيّة الّتي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيّين في غزّة.”
كان ذلك النّشاط هو الأحدث الّذي قامت به هذه المجموعة لتعزيز أصوات أعضائها ومطالباتهم في الكابيتال هيل. علماً بأنَّ الشّروط الوظيفيّة لأعضائها توجب بأن يكون عملهم مرئيّاً، لكن؛ دون الالتزام بالاستجابة لمطالبهم، وأن تكون مواقفهم وأصواتهم متوافقة مع سياسات ومواقف رؤسائهم المُنتَخبين.
كما وذكر التّقرير بأنّه لا يتوفّر للموظّفين في الكونجرس أيّة وسيلة يمكنهم بواسطتها التّعبير عن مواقفهم المعارِضة لمواقف رؤسائهم، ومن يجرؤ على فعل ذلك علناً؛ يكون قد عرّض نفسه لعقوبة الطّرد المؤكّد.
ويفيد ميشيل سوشيكي، المُتحدّث بإسم العاملين بالمجلس التّشريعي التّقدّمي، والّذي كان قد قام مراراً بدعم الجهود المعارِضة للحرب منذ السّابع من أكتوبر 2023، بأنّ المجموعة المشاركة في “القناة الجديدة المعارضة” تُبلي بلاءً حسناً من موقعها داخل الكابيتال هيل. وقال بأنّنا وكعاملين داخل الكونجرس وموظّفين لدى الولايات المتّحدة الأمريكيّة فإنّ مسؤوليّتنا تقضي علينا بألّا نحنث بالقسم الدّستوري الّذي أقمناه على أنفسنا وبأن نفعل شيئاً حين نرى اختلافاً واضحاً بين مواقف رؤسائنا من أعضاء الكونجرس؛ وبين ما يصلنا ونسمعه من ملاحظات المواطنين الّذين وُجدنا لخدمتهم داخل دوائرنا.
تقرير مايا س. ميللر Maya C. Millerصحفيّة متخصّصة بتغطية أخبار الكونجرس من الكابيتال هيل. 29 تمّوز 2024.