زفافٌ صاروخيّ في دمشق
د. ريم منصور الأطرش
ليلة الخميس/الجمعة، في ٢٢/٢٣ آب ٢٠٢٤، استيقظنا في دمشق على أصوات مرعبة من الانفجارات، حسبناها هجوماً صاروخياً مُعادياً على عاصمتنا. فنحن نعيش حرباً لأكثر من عقد من الزمن! وفي صباح اليوم، الجمعة، علمنا من النت أنه حفل زفاف “صاروخي”، أقيمَ في قلعة دمشق! إذ تمّ فيه إطلاق ألعاب نارية، وهي ممنوعة عادةً، عند نزول العروسين من “قمّة” القلعة!
تحدّث أهل دمشق عن الرعب الذي شعروا به وعن خوف أطفالهم وذعر كبارهم من هذا الحدث!
تُرى، هل سيتمنّون، بعد ذلك الرعب، المباركة للعروسين؟! أترك جواب هذا التساؤل لذكاء العروسين وأهاليهم!
يقول المَثَل العامي الشامي “يللي معه يرشّ ع المخلوطة”! ومعناه: يستطيع المقتدر مادياً صرف ماله كيفما يشاء. طبعاً، هذا من حقّه، ولكنْ… بعد أن أصبحنا في سورية يعيش معظمنا في فقر مدقع، وبعد حرب الإبادة والتجويع في غزة، جنوب سورية، وهي قلبنا وفيها أهلنا، هل يرتاح السوريون لمشاهدة مثل هذا التبذير والإسراف؟! لا أظن…
للأسف، أضحت مظاهر البذخ في الأعراس السورية وغيرها من الاحتفالات، في الفنادق الفارهة، لا علاقة لها لا بالأخلاق العامة ولا باللياقة! فالمقتدرون، في معظمهم، أضحوا في غاية الأنانية… وليس هكذا تكون المجتمعات…
ثم إنّ الأماكن الأثرية يمكن لها أن تكون متاحة للنشاطات الاجتماعية والثقافية، ولكن من دون المخاطرة بإمكانية تأذّيها، فالألعاب النارية قد تسبّب الأذى للناس والمكان والأشجار فيه، وهذا أمر أضعه بين أيدي المسؤولين عن تلك الأماكن!
يقول السيد المسيح: “لأني جعتُ فلم تطعموني. عطشتُ فلم تسقوني”، (متى، ٢٥: ٤٢)؛ فيحتجّ تلاميذه بأنهم لم يفعلوا ذلك، فيجيبهم المسيح قائلاً: “بما أنكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الصغار، فبي لم تفعلوا”، (متى، ٢٥: ٤٥).
يا أيها السوريون! أتريدون التبذير والإسراف وشعبنا جائع؟! لكم ذلك… لكنْ، ليس من حقّكم إرعاب الناس وإزعاجهم وإخافة أطفالهم بعد منتصف الليل!
أستذكر هنا وأحيي شباباً وشابات من الجزائر قاموا بتخصيص مصاريف حفلات زفافهم لشراء الطعام وأرسلوه إلى أهلنا في غزة.
وأعود لتذكير أهل الشام بأجدادهم: كانوا يرفضون مظاهر البذخ خارج بيوتهم، ويتمتّعون بما منّ به الله عليهم في داخل بيوتهم، لذلك نجد جدران دمشق القديمة موحّدة، ولا نعرف مستوى السكان المادي إلا حين ندخل بيوتهم!
ألا فليتّعظ العقلاء!