تقرير أممي يكشف كوارث غزّة وأطفالها
روزيت الفار-عمّان
تقرير أمميّ يكشف عن كمَّ الانتهاكات غير المسبوق ضدّ أطفال غزّة وفلسطين للكاتب جوليان بورجر Julian Borger من واشنطن؛ توثّقه جريدة الجارديان البريطانيّة.
بتقرير نشرته الجارديان البريطانيّة بتاريخ 12 حزيران 2024، يكشف بورجر، وهو محرّر الشّؤون العالميّة في صحيفة الجارديان البريطانيّة ومقرّه واشنطن، عن كمِّ الفظائع والانتهاكات غير المسبوق، بحقِّ أطفال غزّة وفلسطين. التّقرير الّذي اطّلعت عليه الصّحيفة وتحقّقت فيه من حالات جرائم حرب ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضدَّ أطفال غزّة وفلسطين، بصورة، أوضحت بأنّها تفوق لحدٍّ كبير، ما حدث في أيّ مكان آخر في العالم، بما في ذلك مينامار والكونغو الدّيموقراطيّة والصّومال ونيجيريا والسّودان.
وتطرّق الكاتب في مقاله إلى “التّقييم السّنوي” الّذي يقدّم تفاصيل، فقط عن الحالات الّتي تمكّن محقّقو الأمم المتّحدة من التّحقّق منها، والّتي قال بأنّها لا تمثّل سوى جزءاً من العدد الإجمالي للوفيّات والإصابات بين الأطفال خلال الحرب.
وقد أدرج هذا التّـقييمُ إسرائيَل لأوّل مرّة في الملحق الخاص بأسماء الدّول المسؤولة عن انتهاكات حقوق الأطفال، والّذي من المُقرّر أن يقدّمه الأمين العام للأمم المتّحدة، أنطونيو غوتيريس لاحقاً، إلى الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة. الأمر الّذي أثار حفيظة الحكومة الإسرائيليّة وجعل نتنياهو يتّهمها بالتّواطؤ مع “الإرهاب”.
وبالتّوازي مع هذا التّقرير، فقد نشرت صحيفة الجارديان البريطانيّة مقالاً حول هذا الموضوع للكاتبة أروى المهداوي، يظهر استهداف قوّات الاحتلال الإسرائيلي لأطفال غزّة وفلسطين -وحتّى الأجنّة منهم- وبأنْ أصبح هناك ما يقارب ال 21000 طفلاً في عداد المفقودين، من ضمنهم 15000 تمَّ قتلهم بسبب القصف المستمر على القطاع، وبأنَّ أكثر من 10 أطفال يفقدون أطرافهم يوميّاً.
ومع استحالة جمع معلومات دقيقة حول ما يخصّ الأعداد؛ في ظلّ ظروف الحرب الحاليّة من مدى القصف والكثافة والتّركيبة السّكانيّة في غزّة، غير أنّ تقديرات “منظمة إنقاذ الطّفولة” أفادت بأنَّ 5160 طفلاً لاقوا حتفهم ولا يزالون تحت الأنقاض، وكذلك تعرّض آخرون لأضرار لا يمكن التّعرّف عليها بسبب المتفجّرات، أو دُفِنوا في مقابر جماعيّة أو مجهولة، أو اختفوا في فوضى الصّراع. حيث أُثبِت قيام قوّات الاحتلال باعتقال وإخفاء العديد من أطفال غزّة، و أُلقت بعضهم في قبور لا تحمل أيّ عنوان أو معلومات.
والأسوأ من هذا وذاك، وحسب ما ورد بالمقال، بأنَّ قنبلة إسرائيليّة تم إلقاؤها على مركز التّلقيح الصّناعي في غزّة، تسببت بقتل 4000 جنين كانوا ينتظرون خروجهم للحياة.
تحدّث المقال عن السّرديّة المظلّلة للإعلام الأمريكي والإسرائيلي الّتي تنكر كلَّ الحقائق، الّتي ترد من الإعلام الذي يفضح زيف رواياتهم، وتصفها بالكاذبة.
“الفلسطينيّون يكذبون”. لازمت هذه العبارة جميع ادّعاءات داعمي إسرائيل والمتحدّثين باسمها، ومن بينهم الرّئيس الأمريكي جو بايدن الّذي قال “ليس لديَّ ثقة في الرّقم الّذي يستخدمه الفلسطينيّون”. وقالت إسرائيل بأنّها تعرّضت للتّشهير بسبب عدد القتلى المدنيّين المُزيّف والمُختلَق؛ الّذي تنشره حماس. فالجميع عندهم يكذبون، أساساً، باستثناء أمريكا وإسرائيل.
إنّ الحرب على غزّة ليست حرباً اعتياديّة، بل وُصِفت بأنَّها الأكثر تدميراً في هذا القرن. وقد أكّد الباحثون والخبراء أنّهم لم يروا مثلها من قبل. حيث اسقطت إسرائيل على غزّة وبعد شهر واحد فقط من الهجوم، أكثر من 25 ألف طن من المتفجّرات، وهو ما يعادل قنبلتين نوويتين بحسب المرصّد الأورومتوسّطي لحقوق الإنسان، وتتجاوز قوّة كلٍّ منهما ضعفي قوّة القنبلة النّوويّة التّقليديّة.
وبحلول أواخر نيسان 2024 كان الجيش الإسرائيلي قد أسقط 75 ألف طن من تلك المتفجّرات؛ كانت القنابل الأمريكيّة، التي تزن الفي رطل، مسؤولة عن أسوأ الهجمات على المدنيّين الفلسطينيّين. علماً بأنّ هذا النّوع من القنابل -طبقاً لتقرير نشرته نيويورك تايمز في ديسمبر 2023- يمزّق عند انفجاره، الأجسادَ البشريّة ويصل نصف قطر المساحة الّتي يغطّيها؛ الرّبع ميل.
ربّما يفسّر هذا السّبَبَ خلف وجود الكمِّ الهائل من الأشلاء المتناثرة على أرض غزّة، وهي الّتي تُعدُّ واحدة من أكثر المناطق كثافة بالسّكّان وأنَّ نصفهم دون سنِّ الثّامنة عشرة. ثمَّ هناك القنابل غير المنفجرة المختبئة وسط 37 مليون طن من الرّكام والّذي يحتاج لأكثر من عشرة سنوات، حسب التّقديرات، كي تتمَّ إزالته، إن توقّفت الحرب، والّتي على ما يبدو أنّها ستستمر ويستمر القتل معها والتّدمير.
وحسب تقرير صدر بالشّراكة مع الأمم المتّحدة حول مستويات الجوع، فإنّ 96% من سكّان غزّة، أي ما يعادل 2.15 مليون شخص، أصبحوا الآن جوعى ومهدّدين بالموت في ظلِّ انعدام الأمن الغذائي الحاد والمجاعة؛ جرّاء القصف والحصار. وقد أدانت منظّمتا “هيومان رايتس ووتش” و”أوكسفام” “Human Rights watch” and “Oxfam”، استخدام إسرائيل سياسة “التّجويع” كسلاح في الحرب.
وقد حذّر تقرير نشره مؤخّراً “التّصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي “IPC” “The Integrated Food Security Phase Classification” التّابع لمنظّمة الصّحّة العالميّة والخاص بتقييم الأمن الغذائي العالمي، من أنّ القطاع بأكمله سيواجه المجاعة خلال الأشهر الثّلاثة المقبلة وبأنَّ مَن لم يمت جوعاً، سيواجه عواقب سوء التّغذية بقيّة حياته. غير أنّ وكالتين تابعتين للأمم المتّحدة أفادت بأنَّ نصف سكّان القطاع سيواجهون الموت والجوع بحلول منتصف تمّوز الحالي.
إنّ تقرير “منظّمة أنقذوا الأطفال” هذا، والّذي أشار لاختفاء 21000 طفل وقتل 15000 لهو أمر مروّع، حيث تمّ محو مستقبل جيل كامل بأموال دافعي الضّرائب الأمريكيّين. وقريباً؛ وإن لم تتوقّف الحرب، سوف يبدو اختفاء هذا العدد الهائل من الأطفال وكأنّه “لا شيء”.