د. ريم منصور الأطرش (كاتبة ومترجمة).
تحية طيبة، وبعد،
كنتُ أنتظر استكمالكم لتطبيق “روشِتّة” صندوق النقد والبنك الدوليين، التي أتى بها السيد (ع. د.)، والذي كوفئ، في ما بعد بمنصب أمميرفيع، وها أنتم تتابعونها بخطى واثقة! لقد نويتُم رفع الدعم نهائياً عن الخبز ومازوت التدفئة والغاز المنزلي والماء والكهرباء… باختصار، نوت الحكومة التخلّي نهائياً عن مواطنيها! فهم لا يعنون لها شيئاً، على ما يبدو! وأنتظر الخطوة التالية منكم، وهي استكمال الخصخصة!
كان أبي، رحمه الله، من مؤسّسي حزب البعث العربي. وحين حكم حزب البعث العربي الاشتراكي لأقل من ثلاث سنوات، سنة 1963، قرّر الوزراء بالإجماع خفض رواتبهم من ثلاثة آلاف ليرة سورية، أي ما يعادل ألف دولار أميركي في ذاك الوقت، وقد كان راتب الوزير السوري في عهد الانفصال، إلى ألفيْ ليرة سورية! وأعادوا عن طيب خاطر ثلث معاشاتهم إلى خزينة الدولة حينذاك! وكان الوزراء البعثيون يدفعون نصف رواتبهم، الباقية، إلى الحزب أيضاً، لمساعدة الحزبيين المعسرين وعائلاتهم! لقد آمنوا بحقّ بمبدأ الاشتراكية والعدالة الاجتماعية.
واليوم، كيف ستبرّرون لنا كمواطنين ولحزبكم وللبعثيين الأوائل أفعالكم هذه؟!
أنتم تزعمون أن الدعم سيصل مادياً لمستحقّيه! طيب… تعالوا لندرس هذه المقولة ونفنّدها لكم!
شهرياً، إنْ لم أقل أسبوعياً، ترتفع الأسعار في سورية، فأنتم تركتم التجار يفعلون ما يرونه جيداً من أجل إثرائهم ومن أجل مصالحهم الخاصة، من دون الاهتمام بمصالحنا كمواطنين، في ظلّ حصار غربي خانق على الشعب السوري.
إذن، كم هو المبلغ الذي يمثّل هذا الدعم؟ هل سيبقى ثابتاً والتضخم يزداد؟هل ستقدرون على مواكبة ارتفاع الأسعار المستمرّ للرفع من قيمة الدعم المادي؟ أم أنكم، وضمن ظروفنا الحالية في سورية، ستقولون للشعب بعد فترة وجيزة: “إن الخزينة لم تعدْ تتحمّل دفع الدعم نقداً؟”، وهذا ما أنتظره بالضبط منكم، كما انتظرتُ منكم إلغاء الدعم عن السلع الأساسية في الحياة، ولم تخيّبوا ظنّي!
تطبيق الليبرالية، الذي تقومون به منذ حوالى العقدين من الزمن، يحتاج إلى أن تكون أجور العاملين في الدولة متناسبة مع الأسعار وارتفاعها. أما والحال عكس ذلك تماماً، فماذا سيفعل الشعب بعد رفع الدعم نهائياً؟! كيف سيؤمّن كلٌّ من الموظف والعامل المُياوِم، قوت عياله وتعليمهم واستشفائهم؟!
ما قمتم به إلى اليوم هو “معس” الطبقة الوسطى، فتحوّل الشعب إلى غالبية فقيرة، بل تحت خط الفقر، وأقليّة قليلة ثريّة ثراء فاحشاً، في ظلّ الحصار الخارجي الخانق!
فماذا تنتظرون من الشعب بعد ذلك؟! أترك لكم التفكير في الإجابة.
طيب… ما العمل إذن؟
بما أني تربّيتُ في بيت بعثيّ حقيقي، علّمني فيه أبي على عدم طرح المشكلة من دون محاولة طرح حلّ معها… لذلك، سأعيد على مسامعكم ما أرسلتُه لكم منذ أشهر (في آب 2023)، وإضافة بعض الاقتراحات الأخرى التي قد تساعدكم على إعادة النظر في قراركم هذا، السابق ذكره، لأجل العدول عنه!
يقول الفيلسوف الفرنسي هنري بينا – رويث: ” حرية المعتقد والمساواة بين الجميع، حقوقاً وواجباتٍ، وتحقيق العدالة الاجتماعية بهدف تأمين العيش الكريم للشعب، والتطلّع للصالح العام، هو المبرِّر الوحيد لوجو
في ظلّ الحصار الذي تعيشه سورية، ثمة حلول ممكنة في الداخل، وقابلة للتنفيذ، فيما لو صحّ العزم وصدقت النوايا وتوفّرت الإرادة، وهي حلول ممكنة بصرف النظر عن الحصار الخارجي، سوف أقدّمها هنا، كحلول إسعافية، فلم يعدْ لدى أحد ترف الوقت، علّها تجد آذاناً صاغية:
كلّ ما سبق، سوف يوفّر لخزينة الدولة إمكانيات كبيرة، تجعل الحكومة قادرة على رفع رواتب الموظفين والعمّال بنسبة أكبر من 600%.
إضافة إلى بعض الحلول التي قمتم بتطبيقها فعلاً لرفد خزينة الدولة، منها الربط المالي لكافة الشركات والمؤسسات ومنها ما يأتي من تحويلات هائلة من المغتربين السوريين، ومن العائدين في زيارات قصيرة لسورية… وغير ذلك…
كلمة السرّ، كي تكون كل تلك الإجراءات فعّالة، هو استغناء المسؤولين عن “رفاهيتهم”، لينضمّوا إلى معاناة الناس، في ظل الحصار الخانق الذي يعيشه الشعب… ولكم أسوة حسنة في البعثيين الأوائل!
أما الحلول على المدى المتوسط والطويل، فلن يستقيم لنا حال، بعد ثلاثةعشر عاماً ويزيد على حرب طاحنة، إلا بوضع كافة الأمور الحيوية على بساط البحث، وذلك بتنظيم طاولة مستديرة لحوار وطني جدّي، نطرح فيه مشاكلنا كافةً، وهي كثيرة جداً، لكنْ، إن توفّرت الإرادة لدينا جميعاً، نستطيع جميعاً الخلاص من كثير مما تعاني منه البلد من صعوبات! علينا طرح مشاكلنا على الحوار الوطني الجادّ، كي نقرّ معاً الحلّ السياسيالذي لا مفرّ منه: ومن شروط هذا الحوار، اعتراف جميع الأطراف المتحاوِرة بعضها ببعضها الآخر، والالتزام بتنفيذ مخرجات هذا ال
والسلام ختام.
مرح إبراهيم يتساقط الثّلج بصمتٍ خلفَ نافذة الصّباح، ويغزو الجليدُ أرصفةَ الشوارع. تستغرقُ سكينةُ التأمّلِ…
Et si le maquillage n'était pas seulement une affaire de femmes ! Nadine Sayegh-Paris Même si…
ترجمة عن صحيفة هآرتس لو جاء كائن من الفضاء وشاهد من فوق ما يجري، ماذا…
ناقش ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي الحادي عشر، الذي نظَّمه مركز الإمارات للسياسات، على مدار يومي…
Quand le changement de l’heure devient une affaire d’état ! Nadine Sayegh-Paris ‘Heure d’été’, ‘heure…
Guillaume Ancel ( كاتب فرنسي) ترجمة : مرح إبراهيم فاز دونالد ترامب فوزًا واضحًا،…