آخر خبر

إسرائيل تغيّير مناهج التعليم والدين العربيّة..كيف؟ 

إسرائيل تغيّير مناهج التعليم والدين العربيّة..كيف؟  

روزيت الفار-عمّان

هذا ما تفعله رابطة عدم التّشهير المعروفة (ADL Anti-Defamation Link (League ومعهد طوني بلير للتّغيير العالميTony Blair Institute for global Change   TBI حول فرض تغيير مناهج التعليم العربية لصالح إسرائيل، ونعرض أيضًا هُنا لتقرير عن تغيير المنهاج التّعليمي في الدّول العربيّة.

تُعتبر ADL واحدة من أهم المنظّمات الأمريكيّة اليهوديّة. أُنشأت عام 1913 على أساس القِيَم اليهوديّة الّتي تهدف لوقف التّشهير باليهود والصّهيونيّة وللدّفاع عن سياسات إسرائيل في الشّرق الأوسط. وتبذل المنظّمة مجهوداً كبيراً لتغيير المناهج التّعليميّة في مدارس البلاد العربيّة بدءاً من رياض الأطفال وحتّى الجامعات، لخلق نشء عربي جديد يعترف بإسرائيل كدولة يهوديّة طبيعيّة في المنطقة، وتبديل عقليّته السّابقة عن حربها على فلسطين الّتي بدأتها منذ أكثر من قرن، بأخرى تحمل مفاهيم جديدة مختلفة، وذلك عبر رصد، ما وصفته، “بالتّطرّف” والتّصدّي له.

تعمل الرّابطة مع “معهد طوني بلير العالمي للتّغيير، الّذي أُنشأه ويمتلكه ويديره رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، طوني بلير، المعروف بمعاداته الصّريحة للعرب.

يشار إلى أنّ هذا المعهد يجني أرباحاً تتضاعف سنة بعد سنة منذ نشأته عام 2016، وصلت عام 2023 إلى 140 مليون دولار؛ مقابل بيع استشاراته لأكثر من 40 حكومة في 16 دولة إفريقيّة ودول الشّرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. وأشار بلير، الّذي يعمل حاليّاً مستشاراً خاصّاً للشّؤون الدّوليّة في الرّابطة، لوجود مشاريع عمل قائمة مع دولة الإمارات العربيّة والسّعوديّة والبحرين، وأعلن رضاه عن التّغييرات الّتي تحدث بعهد الأمير السّعودي محمّد بن سلمان بعد تسلّمه مهام ولاية العهد ورئاسة حكومة المملكة.

ينحصر دور بلير في المعهد على العمل مع قيادات العالم ورؤساء الحكومات فقط -ممّا يمنحه نفوذاً سياسيّاً مهمّاً على المستوى العالمي- وتساعده مجموعات أخرى في بحث ومتابعة الأمور التّفصيليّة.

بتاريخ 9/9/2021، نشر معهد TBI، وبالشّراكة مع ADL، تقريراً من 45 صفحة كتبه ديفيد أندرو واينبرغ، مدير الشّؤون الدّوليّة للرّابطة، بعنوان “التّطرّف والإرهاب، معاداة السّاميّة على مستوى العالم والتّعصّب”، يبحث ما تمَّ إحرازه من تقدّم في “الإصلاح التّعليمي” في الشّرق الأوسط وفي تعليم السّلام والتّسامح في العالم العربي، بعد عقدين من أحداث سبتمبر. (وكأنّنا بحاجة لمن يعلّمنا السّلام والتّسامح). واعتُبِر التّقرير بمثابة دراسة مشتركة رائدة تبحث في تأثير الإصلاحات التّعليميّة في المنطقة منذ 11 سبتمبر في مواجهة التّهديد المستمر الّذي يشكّله “المتطرّفون” مع التّركيز على مراجعة الكتب المدرسيّة المقرّرة في العالم العربي وتوثيق أفضل وأسوأ ما جاءت به عبر 5 مجالات:

– تعليم الدّين المُقارن.

– توجيهات حول كيفيّة التّعامل مع أتباع الدّيانات الأخرى.

– روايات وصراع الحضارات.

– دروس في السّلام والحرب والجهاد.

– دروس في التّربية المدنيّة وحقوق الإنسان.

ويضيف التّقرير بأنَّ هذا الوقت هو المناسب لإحداث التّغيير بعد مرور عام على اتّفاقيّات إبراهيم والسّلام التّاريخي (الحميم) بين إسرائيل وأربع دول عربية إضافيّة.

يفيد التّقرير إلى أنّه؛ بالرّغم من تسجيل تجاوب مهم في مناهج العديد من الدّول العربيّة؛ كالسّعوديّة ومصر والمغرب والإمارات والأردن، في إلغاء الآيات الّتي تدعو للجّهاد المسلّح والمواد المسيئة لليهود واستبدالها بأخرى تعزّز أواصر المودّة وتحترم الدّيانات المختلفة، غير أنّهم لا يعتبرونه كافياً ويحتاج للمزيد من التّحسين، حيث لا يزال هناك بقايا لبعض المحتوى “المعادي للسّاميّة” و”نظريّات المؤامرة” و”التّحريض على الإرهاب” وخصوصاً ضدّ الإسرائيلييّن، وهذا الأمر “لا يمكن قبوله أو تجاوزه”.

يقول بلير وجوناثون جرينبلات، الرّئيس التّنفيذي لرابطة ADL بأنَّ الغرب يفترض بأنَّ حكومات الشّرق الأوسط لم تفعل الكثير بعد؛ من أجل تأييد مبدأ القضاء على التّطرّف. لكنّ الواقع يثبت العكس، وتقرير التّنمية الإنسانيّة العربيّة عام 2002 خير مثال على ذلك إذ يمثّل اعتراف قادة الفكر العربي بضرورة الإصلاح التّعليمي لتعزيز التّنمية والاستقرار والاندماج وهي أمور تهدف جميعها لمحاربة التّطرّف. (ربما أسلوب إصلاحنا لا يناسب إصلاحهم)

ويوصي التقّرير بخطوات بنّاءة نحو الأمام مثل تضمين معلومات دقيقة حول الأقليّة المسلمة والتّقاليد الدّينيّة العالميّة واستبدال العداء الحضاري بالتّعاون الدّولي ومواجهة وإدانة الجهات الفاعلة غير الحكوميّة على نشر التّحريض على العنف، وترسيخ التّفكير التّعدّدي والتّثقيف في مجال حقوق الإنسان. (في واجهته يدعو تقريرهم للتّسامح، وفي ممارساتهم تُنفّذ سياسة عدم التّسامح. يدعو للتّسامح مع الصّهاينة ولعدم التّسامح مع كل من يعاديهم أو يختلف معهم).

يتبع المنظّمة جهات تقوم كلّ منها بمهام محدّدة. مثل:

  • مركز التّطرّف. ومهمّته كشف الأيدولوجياّت والجماعات المتطرّفة المعادية ورصد وتتبّع نشاطاتها وتعطيلها.
  • مركز التّكنولوجيا. ومهمّته الدّفاع الشّرس ضدّ كلّ ما هو معادٍ للسّاميّة وجعل المساحات الرّقميّة خالية من مظاهره.
  • مركز أبحاث معاداة السّاميّة. لاختبار وقياس وتحديد تأثير مكافحة الكراهيّة الموجّهة لليهود والإسرائيليّين.

كيف تخدم الرّابطة إسرائيل؟

تناول موقع “منتدى العلماء”   بتاريخ 13/12/2023 مقالاً حول “تقريرَ الرّابطة والمعهد”، ذكر بأنّ التّقرير تضمّن على ضرورة القيام بمراقبة العرب والقيام برصد تسجيلات وأقوال خطباء منابر الجمعة في دولهم، وبأن تُقدّم، وفقاً لذلك، التّوصيات لأجندة التّغيير في المناهج العربيّة من أجل:

  • إزالة الدّروس الّتي تتّهم الغرب بالغزو الفكري، وتوسيع تلك الّتي تعلّم الحوار.
  • المطالبة بإدراج إسرائيل على خرائط كتب الجغرافيا وحذف اسم فلسطين.
  • مراجعة المحتوى الّذي يشيطن إسرائيل.
  • تضمين كتب التّاريخ العربيّة دروساً عن الهولوكوست.
  • حذف كلّ الآيات الّتي تتعلّق بالجهاد وكلّ المواد الّتي تنتقد اليهود وإسرائيل.
  • رفع السّرد المختص بالصّراع مع إسرائيل.
  • إلغاء كتب التّربية الوطنيّة من المنهاج.

يشار إلى أنّ الكثير من هذه الأهداف تمّ تنفيذها في العديد من دولنا العربيّة ولا تزال مصر على رأس أولويّات الدّول الّتي يتمّ الاهتمام بإحداث المزيد من التّعديل في مناهجها، لاعتبارها دولة كبيرة ومؤثّرة في العالم العربي إذ يفوق عدد الطّلبة فيها مجموع سكّان 4 من دول الخليج بمن فيهم العمالة الوافدة.

يُذكر أنَّه وفي خطوة استباقيّة لمعرض القاهرة للكتاب، أثارت الرّابطة مع السّفارة المصريّة في واشنطن مسألة الكتب المعادية للسّاميّة وطلبت عدم إدراجها في المعرض وبعثت رسالة احتجاج للرّئيس المصري بشأن ما وصفته “بالمواد البغيضة” الّتي كانت مسموحة بالمعرض.

  التّقرير السّنوي لوزارة الخارجيّة الأمريكيّة عن معاداة السّاميّة واليهود يعتمد على أخبار ومعلومات منظّمات وجماعات الضّغط اليهوديّة تلك.

تقوم معظم دولنا العربية بتنفيذ مطالب المنظّمة وخاصّة في عدم إدخال القضيّة الفلسطينيّة في مناهجها، تحسّباً للتّأثيرات والضّغوط الدّوليّة، والأمريكيّة بالتّحديد، والتّخوّف من العواقب السّلبيّة الّتي قد تدفع بها تلك القوى لزعزعة الأمن والاستقرار الدّاخلي. ناهيك عن القلق بشأن توقّف منظّمات المعونة الأمميّة والبنك الدّولي عن تمويل عدد كبير من المشاريع التّنمويّة لدينا، ومنها، التّعليميّة، وذلك على منطق “مَن يُعطي؛ يأمر “Qui Donne; Ordonne”.

بقي أن تعي الدّول العربيّة حقيقة أهداف هذه الحملة وتقوم بواجبها في بناء سلوك معرفي يعتمد البحث والتّحليل النّقدي للقضية لدى الطّلبة للتّصدي لتلك الأهداف وإبقاء فلسطين حيّة في عقولهم وذاكرتهم.

lo3bat elomam

Recent Posts

غيمةَ العطر..اسكبيها

مرح إبراهيم يتساقط الثّلج بصمتٍ خلفَ نافذة الصّباح، ويغزو الجليدُ أرصفةَ الشوارع. تستغرقُ سكينةُ التأمّلِ…

4 days ago

Et si le maquillage n’était pas seulement une affaire de femmes !

Et si le maquillage n'était pas seulement une affaire de femmes ! Nadine Sayegh-Paris Même si…

5 days ago

هآرتس: لم نحقق شيئًا، ولم نهزم أحدًا، واقتصادُنا منهار وشبابُنا يهاجرون

ترجمة عن صحيفة هآرتس  لو جاء كائن من الفضاء وشاهد من فوق ما يجري، ماذا…

5 days ago

ملتقى أبو ظبي: وهم الاستقرار في عالم مضطرب ولكن….

 ناقش ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي الحادي عشر، الذي نظَّمه مركز الإمارات للسياسات، على مدار يومي…

6 days ago

Quand changer l’heure devient une affaire d’état !

Quand le changement de l’heure devient une affaire d’état ! Nadine Sayegh-Paris ‘Heure d’été’, ‘heure…

2 weeks ago

ماذا سيفعل ترامب في فلسطين واوكرانيا

  Guillaume Ancel ( كاتب فرنسي) ترجمة : مرح إبراهيم فاز دونالد ترامب فوزًا واضحًا،…

2 weeks ago