إلى متى تستمرُ حربُ غزّة؟ وكيف ستنتهي؟
سامي كليب
إلى متى تستمرُ حربُ غزّة؟ وكيف ستنتهي؟ بات هذان السؤالان أكثرَ الحاحًا من أيّ وقت مضى، فبعد ثلاثةٍ وتسعين يومًا من الحرب الضروس واستشهادِ نحوِ ثلاثةٍ وعشرين ألفَ شخص، معظمُهم من المدنيين، ناهيك عن أكثر من ستين ألفَ جريح، في صفوف الفلسطينيين، وآلاف القتلى والجرحى والمعوّقين في صفوفِ جيش الاحتلال، يبدو الحسمُ العسكريّ للحرب مُستحيلاً. ولا بُدّ إذا من العمل الأميركي الحثيث لانزال حكومة نتنياهو عن الشجرة، بعد ان تكون قد استعاضت عن أهدافِها الكُبرى التي حددتها وهي سحقُ حماس وإطلاقُ سراحِ الأسرى بالقوّة، بتسويةٍ سياسيةٍ تعقُبُ عددًا من الاغتيالات الكُبرى التي يسعى الاحتلالُ إلى تنفيذها في غزّة ولبنانَ وسورية وغيرِها.
في تشرين الثاني/نوفمبر المُقبل تجري الانتخابات الأميركية، وقد بدأت تُرخي منذ الآن بوطأتها القاسية على السياسة الخارجية، ذلك أنَّ العاملَ الخارجيَّ هذه المرّة قد يلعبُ دورًا أكبر في الداخل، رغم الاهتمام التقليدي للأميركيين بشؤونهم الحياتية والمعيشية لتحديد مسارِ أصواتِهم.
هل يحتمل الرئيس جو بايدن في خلال هذه السنة الانتخابية، فشَلين أو ثلاثة في السياسة الخارجية، في أوكرانيا المستمرّة في نزيفِها وسط تقدّم روسي، وفلسطين التي بدأت توسّع مجالَ حربِها صوبَ لبنان والعراق واليمن وسورية وغيرها، والفشلُ الثالث في مواجهة الصين وتطويقِها؟
من على هذه الخلفية يجول وزير الخارجية الأميركية انتوني بليكن حاليًّا في المنطقة ، وفي جعبتِه ثلاثةُ أهدافٍ رئيسة:
ماذا في المعلومات؟:
هذا السؤال هو الذي سمعه في الواقع بلينكن أيضًا من نظيره الأردني أيمن الصفدي، ومن الملك الأردني عبد الله الثاني الأكثر قلقاً في هذه الفترة، والذي خصص وقتاً طويلاً من حديثه مع بلينكن للوضع في الضفة الغربية والتخوف من سعي إسرائيل لترحيل السكان الفلسطينيين من الضفة إلى الأردن.
مثلُ هذا الكلامِ تقريبًا يسمعه وزير الخارجية الأميركية في كلِّ جولته التي قادته حتّى الآن الى تركيا وقطر والإمارات ويُكملُها في السعودية ومصر. وذلك بعد أن كان وليُّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المُقبلُ على تولي عرش بلاده، قد استقبل في خيمته في المخيم الصيفي في العُلا وفودًا من الكونغرس الأميركي وفي مقدمهم رئيسُ لجنة الاستخبارات الخارجية.
الدول العربية في الواقع هي التي ستلعبُ الدور الأكبر في إعادة إعمار غزّة، ولذلك وبغض النظر عن موقفها من الحرب ومن حركة حماس تحديدًا، فهي معنيّةٌ تمامًا بمن سيقود غزّةَ بعد الحرب، وبكيفيّة تشكيل السُلطة الفلسطينية التي ستكون مقبولةً في الداخل والخارج.
وفي لُبنان سمعت الولايات المتحدة الأميركية وكذلك الدول الأوروبية بعد زيارة مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أنَّ لُبنان لا يرغبُ بتوسيع الحرب، ولكنَّ حزبَ الله يشترط لوقف عملياتِه أن تتوقف حربُ غزّة وبعدها لا مانع من مناقشة المسائل الأخرى المتعلقة بالترسيم البري وغيره. أي باختصار لا نقاشَ بشيء قبل وقف الحرب. لا بل أنّ أمينَ عامِ حزب الله السيّد حسن نصرالله كان قد أنذر بإمكانية التوجه نحو توسيع الحرب لتحرير ما بقي من أراضٍ لُبنانية محُتلّة بالقوة.
مسار لُبنان
ثمة اتصالات دبلوماسيّة حثيثة تجري الآن لبحث المسار السياسي بالنسبة للُبنان، ولعلّ وزير الخارجية اللُبناني عبدالله بوحبيب كان الأوضح في قولِه اليوم لممثلة الأمم المتحدة، بأنَّ الحل لا يمكن ان يكون الاّ سياسيّا ودبلوماسيًّا من خلال التطبيق الكامل للقرار 1701، أي عبرَ الانسحاب الإسرائيلي من كافة الأراضي اللُبنانيّة المحتلّة ووقف الخروقات البرّية والبحريّة.
وفي العراق جاءت صدمةٌ أخرى لأميركا بينما بلينكن يجول في المنطقة، ذلك أنَّه بعد استهدافاتٍ عديدة للقواعد الأميركية في العراق وسورية، وبعد ان قامت واشنطن باغتيال أحد قادة الفصائل ، أعلنت الحكومة العراقية بقيادة محمد شيّاع السوداني عن تشكيل لجنةٍ لتحديد ترتيباتِ انتهاء وجودِ التحالف الأميركيّ في العراق ، وقالت إنَّ هذا التزامَ لن تتراجعَ عنه الحكومة، ولن تُفرّط بكلّ ما من شأنه استكمالُ السيادة الوطنية على أرض وسماء ومياه العراق.
وكذلك فإن أنصارَ الله الحوثيّين دخلوا في عمق الاشتباك مع الاميركيين والغرب بعد حرب غزّة، ما جعل الجبهة تتوسّع ولو أنها حتّى الان ما زالت في إطار مدروسٍ جدا.
يُدرك بلينكن صعوبةَ مهمّته، ويعرف أنَّ حليفتهم إسرائيل قطعت كلَّ حدود المقبول والمعقول في هذه الحرب، وأنَّ الاستمرار في الحرب بات مُكلفًا جدًا ليس للاحتلال فقط، بل لصورة أميركا نفسِها التي تدهورت كثيرًا في الشهور الثلاثة الماضية بعد ان كانت في ذروتها مع توسيع عمليات التطبيع العربية الإسرائيلية.
السعوديّة وبايدن
وقد ألمح الصقر إلى أنَّ دولاً أُخرى تشارك في المنافسة الإقليمية، مثل الصين وروسيا وإيران، وكلَّ واحدة منها تسعى لترسيخ وتعميق نفوذها الاستراتيجي في المنطقة. وقال:
إنَّ على واشنطن أن تدرك أنَّها ليست اللاعبَ الوحيد في المنطقة، وإنَّ مصالحها لا تقتصر على ضمان أمن إسرائيل. وعليها المحافظة على علاقاتها مع السعودية ودول الخليج، ضمن إطار المصالح المشتركة بينهم. كما عليها أن تعرف أن دول المنطقة تعرف جيداً ما هي مصالحهُا، وهي قادرة على الدفاع عنها”
هذه رسالة سعودية إضافيّة وواضحة ومُكرّرة بأنَّ على واشنطن ان تذهب صوب حلٍّ سياسيّ فعليّ للقضيّة الفلسطينيّة على أساس حلّ الدولتين وإقامةِ دولةٍ فلسطينية مدعومةٍ جدًا من الصين وروسيا والدول العربية ،وأن تتعامل مع السعودية وغيرِها من موقع الشريك الحقيقيّ ، والّا فهي ستفقد الكثيرّ من دورها في المنطقة لصالح منافسيها.
هل ننسى ان بكين هي التي لعبت دور الوساطة بين الرياض وطهران وساهمت في استئناف العلاقات بينهما.
المشكلة الآن هي في حكومة نتنياهو، وهذا ما يعترف به الكثير من الاعلام الإسرائيلي نفسُه، فتقول مثلاً صحيفة هآرتس إنّ رفضَ هذه الحكومة، علناً، النقاشَ في الحل السياسي ومن سيحكم غزة لاحقا، يجعل دورَ واشنطن مُتقصرًا على سياسة إطفاء الحرائق.
لقد أرسلت الولايات المتحدة الأميركيّة، بواسطة أصدقائها في المنطقة، تحذيرات، وحتى تهديدات، إلى إيران بمنع تدهور المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وانزلاقها إلى حرب شاملة؛ وهي تستخدم قوة مدروسة، في الأساس دفاعية، في الردّ على الحوثيين في البحر الأحمر؛ وتضغط على إسرائيل من أجل السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بأحجام أكبر، والتي مع ذلك، تبقى أقل بكثير من تلبية حاجات مليونَي نازح من القطاع، وهي تطالب إسرائيل بالعمل “الجاد” ضد المستوطنين الذين يهاجمون الفلسطينيين في الضفة.
وتختم هآرتس قائلة بينما لم تنجح واشنطن في بلورة حتّى حلّ تكتيكيّ للحرب الدائرة في غزة، فإنَّها تُرجّح كفّة الإنجازات لمصلحة إيران؛ فقد تحوَّلت هذه الأخيرة إلى دولةٍ محوريّة جوهريّة بسبب سيطرتها على حزب الله، والميليشيات الشيعية في العراق، وعلى الحوثيين في اليمن. وترى دول المنطقة أنّه بسبب قدرة إيران على تشكيل ائتلاف من التنظيمات التي تعمل بالتنسيق فيما بينها، فإنها قادرة على فرض سياستها على الدول التي تعمل فيها هذه التنظيمات. في المقابل، لم تنجح الولايات المتحدة، حتى الآن، في تشكيل ائتلاف لتأمين حرية الملاحة في البحر الأحمر، وليس لديها المكانة التي لدى إيران بشأن كل ما له علاقة بمعالجة الجبهة اللبنانية، ووجودها في العراق مرتبط بحسن نية الحكومة العراقية المرتبطة بالزعامة الإيرانية.
لذلك فإن واشنطن، تحتاج وأكثرَ من أي وقتِ مضى أكثر إلى صورة نصر من إسرائيل. وحاجتها إلى هذه الصورة جعلتها تعتمد على الخطوات العسكرية والسياسية الإسرائيلية.
الآن، أمام بلينكن مهمة مركزية واحدة، تتمثّلُ بكبح احتمال أن يفرض هذا الاعتماد على واشنطن تدخلاً عسكرياً مباشراً في الساحة الإقليمية. ومن غير المؤكد احتواءُ حقيبة سفره على الحاجات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف.
الخُلاصة
نحن إذا ، امام تكثيف الجهود الدبلوماسيّة التي لم تؤدِ إلى شيءٍ حتّى الساعة، وامامَ حاجة إسرائيل لنصرٍ ولو وهميّ، لذلك فهي ستكثّف الاغتيالات ومحاولات الاختراق في الداخل والخارج، بينما خصومُها تزداد عقيدتُهم في الداخل والخارج أيًا بأنَّ ثمّة فرصةً مؤاتية تمامًا لكسرها ورفع شروط التفاوض لاحقًا….
من سيسبق الآخر الدبلوماسية أم التصعيد وتوسيع الحرب؟ لا شيء مؤكد حتى الان سوى حاجة اميركا لضبط الوضع على وقع الانتخابات الصعبة، وانزال إسرائيل عن الشجرة بأقل خسائر مُمكنة. هذا بالضبط جوهر جولة وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن الى المنطقة. وفي خلال التفاوض غالبًا ما ترتفع حرارةُ المواجهات.
Dabké : quand la terre devient rythme ! Nadine Sayegh-Paris Parmi les danses traditionnelles du Proche-Orient,…
حيدر حيدورة بصمت و بدون صخب إعلامي وداخل المكاتب المغلقة في بيروت وكما يفضل الجزائريون…
سامي كليب لا تختلف الأجواء التي رشحت عن تصريحات واجتماعات المبعوث الأميركي توم بارّاك اليوم…
La piscine, une vraie histoire millénaire ! Nadine Sayegh-Paris De l’Antiquité aux temps modernes, la piscine…
Al-Hamidiyah, une identité crétoise au Levant Nadine Sayegh-Paris Al-Hamidiyah n’est pas un simple village sur…
Les roux, rares et flamboyants ! Nadine Sayegh-Paris La rousseur est bien plus qu’un trait physique.…