كوبا وفلسطين: أصالةُ الموقف
كوبا وفلسطين: أصالةُ الموقف
كمال جاب الله-الأهرام المصري
كل كلمات الشكر والامتنان لا توفي جمهورية كوبا – شعبًا وحكومة وقيادة – حقها المشروع بالثناء والتبجيل، لموقف هافانا النبيل، وإدانتها العلنية لجريمة الإبادة الجماعية، التي يتعرض لها الشعب العربي في فلسطين، على يد هولاكو العصر.
في تدوينته اليوم – الأربعاء – على حسابه بمنصة “إكس” الإلكترونية، كتب رئيس كوبا، ميجيل دياز كانيل: “إن الإبادة الجماعية في غزة، التي ترتكبها إسرائيل الإرهابية، إهانة للإنسانية.. إلى متى الإفلات من العقاب وتتواصل جريمة القتل؟”.
وفي تدوينه مماثلة كتبها الرئيس الكوبي يوم 19 ديسمبر الحالي: “فلسطين حرة وحكومة إسرائيل الإرهابية تتحدى المجتمع الدولي، بتصعيد انتهاكاتها وجرائمها وذبحها لشعب عربي بلا رحمة وبلا حدود، إلى متى سيستمر الإفلات من العقاب”.
في يوم 23 نوفمبر الماضي، قاد الرئيس ميجيل دياز كانيل – بنفسه مرتديًا الكوفية الفلسطينية – مسيرة لآلاف الكوبيين، وهم يحملون الأعلام الفلسطينية، توقفت أمام السفارة الأمريكية في هافانا، وردد المشاركون هتافات داعمة للنضال الفلسطيني، ومنددة بالجرائم الإسرائيلية، وحملوا لافتة بعنوان “هذه السفارة ترعى الإرهاب”.
في يوم 20 ديسمبر الحالي، وافق البرلمان الكوبي – بالإجماع – على بيان لدعم قضية الشعب الفلسطيني وإدانة الجرائم الإسرائيلية، وقرأ رئيس لجنة العلاقات الدولية بالبرلمان، رولاندو جونزاليس، البيان – بحضور جنرال الجيش الكوبي راؤول كاسترو ورئيس الجمهورية ميجيل دياز كانيل – الذي يدين مقتل الآلاف.
لأهمية ودلالة بيان البرلمان، أستأذن القارئ بنشر مقتطفات معبرة جاءت فيه:
صادق النواب الكوبيون على استنكارهم للإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يسلط الضوء على فشل النظام الدولي في منع المذبحة، وأدان مقتل الآلاف، 70% منهم من الأطفال والنساء، نتيجة للقصف العشوائي.
أكد البيان أن الوضع الحالي هو نتيجة 75 عامًا من الممارسات الإسرائيلية للاحتلال، وأدان هجمات النظام الصهيوني ضد المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين ومراكز الأمم المتحدة والبنية التحتية المدنية، فضلا عن الحرمان من الماء والغذاء والكهرباء وحصار المساعدات الإنسانية للسكان.
أدان البيان القتل المتعمد للعشرات من العاملين في مجال الصحافة، وأكد أن كل هذه الأعمال تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي، وتعد جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.
انتقد النواب الكوبيون مسئولية حكومة الولايات المتحدة وتواطؤها في هذه الإبادة الجماعية، من خلال عرقلة عمل مجلس الأمن، من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) غير الديمقراطي، الذي عفا عليه الزمن، لحماية تجاوزات الحكومة الإسرائيلية.
شدد البيان على أن “الإفلات من العقاب الذي تصرفت به إسرائيل تاريخيًا لا يمكن تفسيره إلا من خلال ثقتها في أنه لن تكون هناك عواقب بسبب دعم حكومة الولايات المتحدة”.
دعا البرلمانيون الكوبيون إلى وقف فوري لإطلاق النار، وبدء المفاوضات، وأكدوا الحاجة إلى حل شامل وعادل ودائم للصراع، على أساس إنشاء الدولتين، مما يتيح للشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير، وأن تكون له دولة مستقلة ذات سيادة، على حدود يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس.
بقي أن أشير إلى أن الموقف الكوبي المتضامن –بلا حدود- مع القضية الفلسطينية ليس وليد اليوم، ولم يظهر فجأة، ورأيت –بعيني- جانبًا منه، خلال أول زيارة قمت بها إلى كوبا في عام 2006، وقد تزامنت مع العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان.
وقتها، وتحديدًا في يوم 3 أغسطس 2006، كتبت في “الأهرام” عن مشاهداتي لخطب الزعيم كاسترو الحماسية، وعن اللافتات والتجمعات الرسمية والشعبية التي جرى تنظيمها بأكبر الميادين الكوبية، تضامنًا مع قضية العرب المركزية، نصًا: “إن مفردات التعاطف الكوبي مع الموقف العربي للتنديد بالعدوان الإسرائيلي تتضمن: الإجرامي، اللاإنساني، البربري، إرهاب الدولة الوحشي، غير أن مشاعر الألم والحسرة كانت من نصيبي، عندما أفقت على الحقيقة المرة، بأنني في عاصمة دولة كوبا الشقيقة، ولا أجد مثيلا لهذه المشاعر القومية الجياشة في بلداننا”!!