آخر خبرمقال اليوم

زلزال المغرب محا قرى كاملة، وتضامن الناس ملحمة بطولية في الانقاذ

زلزال المغرب محا قرى كاملة، وتضامن الناس ملحمة بطولية في الانقاذ 

أيمن مرابط – الرباط 

لا تزال حصيلة القتلى والجرحى في ارتفاع مستمر بعد مرور يومين على الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة مراكش وأقاليم الحوز وتارودانت وورزازات، فحسب آخر معطيات وزارة الداخلية فإنه توفي 2122 إلى حدود الساعة الرابعة زوالا من يوم الأحد.

جهود الإنقاذ والإغاثة تسابق الزمن للوصول إلى أماكن معقدة، حال انقطاع الطرق المؤدية إليها دون ذلك، قبل أن تتدخل وحدات متقدمة من الجيش المغربي وفرق إنقاذ أجنبية وصلت هذا اليوم إلى بعض القرى المتضررة للمساعدة في انتشال الجثث من تحت الأنقاض.

وقد خلفت هذه الكارثة الطبيعية مئات من القصص الإنسانية المؤلمة لعائلات الضحايا وذويهم الذين نجوا بأعجوبة منها، وكما أوردت وكالات إخبارية دولية أن 300.000 شخص تضرروا جراء الزلزال، فإن الأحياء منهم سيظلون يروون الألم الذي يعتصر قلوبهم والصدمة التي عاشوها طول حياتهم بعدما فقدوا منازلهم وأفراد من عائلاتهم في رمشة عين.

جهود إنقاذ فردية على شفا حفرة الموت

“أنقذنا أرواح جيراننا بأيدينا، وانتشلنا جثث آخرين لقوا حتفهم بكل ما أوتينا من قوة، بمعدات بسيطة وبدائية”، يقول “حميد” القاطن بجماعة آسني التابعة لإقليم الحوز، مشيرا إلى أن “فرق الوقاية المدنية تأخرت كثيرا بعد وقوع الزلزال وقرر الناجون العمل لوحدهم”.

ويُضيف “حميد”  لموقع لعبة الأمم أن “المواطنين عرّضوا أنفسهم للخطر التام خلال قيامهم بإنقاذ آخرين، دون احتياطات لازمة ضد خطر انهيار الركام عليهم”، مردفًا أنه “تعرّض هو وآخرين لإصابات متفاوتة بعد انهيار حائط منزل متضرر أثناء قيامهم بإنقاذ عالقين تحت أنقاضه”.

وبالحديث عن خطر الانهيارات يفيد المتحدث ذاته أن “منازل كثيرة بالمنطقة انهارت بعد الزلزال بساعات طويلة جراء الهزات الارتدادية التي أدت إلى تعقيد عمليات البحث والإنقاذ”، وأن حالة وفاة لسيدة حدثت ببلدة آسني، جراء دخولها لمنزلها وانهياره بالكامل عليها”.

 يبيت حميد وعائلته ومئات المواطنين في آسني والبلدات المجاورة في العراء، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، حالهم كحال كل المناطق المنكوبة التي دمرت بالكامل، ويؤكد للموقع أنه “توجد دواوير بعيدة وقرى نائية لا يعرفها سوى أبناء المنطقة، لم تصلهم أية مساعدات أو فرق إغاثة إلى اليوم”.

كانت السلطات المحلية بكامل إقليم الحوز وأقاليم تارودانت وورزازات وحتى عمالة مدينة مراكش، قد أمرت السكان بعدم الرجوع إلى منازلهم أو الاقتراب منها، خشية وقوع هزات ارتدادية تزيد من شرخ التصدعات وتؤدي إلى انهيارها بالكامل، وباشرت في الوقت نفسه ببناء خيام في الأماكن المفتوحة لإيواء المتضررين.

حجم الفاجعة أكبر..عائلات أُبيدت بالكامل

لم يكن الاتصال الهاتفي مع المواطن “حميد” بالسهل، بسبب انقطاع شبكات الاتصال والكهرباء في كل إقليم الحوز لساعات طويلة، والأمر نفسه حدث لنا حين حاولنا الاتصال ب “صالح آيت لحسن ” مواطن آخر ينحدر من بلدة تانفكولت التابعة لإقليم تارودانت وتمكننا من التواصل معه بعد يومين من وقوع الزلزال.

يقول “صالح آيت لحسن” لموقع لعبة الأمم “فقدت شقيقي وزوجته وابن عمي جراء الزلزال، وفقدت زوجتي والديها وأزيد من إثني عشر فرد آخرين من عائلتها”، مضيفا أن “القرية التي ينحدر منها تدمرت بالكامل وتحولت إلى ركام وتوفي معظم قاطنيها”.

تحولت البلدات إلى ركام من الأتربة بعد انهيار كل المنازل الطينية العريقة وبعضها الآخر من الإسمنت إما انهار بالكامل أو تصدع وتشققت جدرانه، ملأت رائحة الموت جبال الأطلس الكبير، يستطيع أي عابر طريق عبر البلدات الصغيرة والدواوير والقرى أن يشتمّها، وفي دواوير معزولة بين الجبال لا أحد يقبض العزاء سوى الجبل والشجر والحجر.

“كنت في مدينة سلا لحظة وقوع الزلزال، وحين علمت بمركزه في الأخبار توجهت فورا لبلدتي حيث والدي وعائلتي وعائلة زوجتي” يشير المتحدث ذاته، ويُكمل في حديثه “وصلت في ساعات متأخرة من الليل وسط عتمة قاتمة في الطريق والبلدة، لأتفاجأ مع شروق الشمس بهول الدمار الشامل الذي لحق ببلدة تافنكولت، ونرجو وصول المساعدات إلينا وإلى القرى البعيدة التي لم يسمع بها أحد من قبل”.

ملحمة شعبية كبرى

على صعيد آخر، يرسم الشعب المغربي ملامح ملحمة بطولية كبرى من خلال المبادرات الشعبية لتقديم المساعدات من مختلف المدن والجهات بالمملكة، وتمكنت جمعيات عديدة من المجتمع المدني بالمدن الكبرى كفاس والرباط والدار البيضاء وآسفي خلال ساعات قليلة من جمع أطنان من التبرعات تشمل الأغذية والمياه والأفرشة والملابس والحاجيات الضرورية الأخرى، وكلها تبرعات لمواطنين ومحسنين من مالهم الخاص.

كما تقدّم المئات من المتطوعين  بسياراتهم الشخصية للتوجه نحو مختلف المناطق المنكوبة لإيصال التبرعات إليها رغم صعوبة الوصول إليها وارتفاع خطر انهيار الصخور في الطرقات الجبلية، بيد أن الواجب الإنساني والوطني جعل من إرادتهم قادرة على كسر كل الحواجز وإن كانت جبالا شاهقة.

جدير بالذكر أن الحكومة المغربية وافقت يوم الأحد على وصول المساعدات الدولية من دول إسبانيا وقطر والامارات العربية المتحدة والسعودية والتشيك وإيطاليا، وتنتظر عدة دول أخرى أبرزها فرنسا الحصول على موافقة الرباط على وصول طائراتها المحملة بالمساعدات  للمطارات المغربية، كما وصلت إلى جماعات إقليم الحوز طواقم طبية وإنقاذ إيطالية وبريطانية تقوم بمساعدة الجيش المغربي والوقاية المدنية على إغاثة العالقين تحت الأنقاض.

وكانت قوى الجيش المغربي والأجهزة الطبية العسكرية قد شرعت منذ صباح يوم الأحد في إقامة مستشفيات ميدانية وبناء خيام مزودة بالأغطية والأفرشة في عدد من مراكز الجماعات القروية والدوائر وبمدينة تاحناوت حيث مقر عمالة إقليم الحوز، وذلك لإيواء المشردين وتقديم العلاجات الأولية للجرحى والمصابين.

كما خصصت الحكومة المغربية بتنسيق مع بنك المغرب حسابا مفتوحا يمكن لكل المواطنين المغاربة داخل الوطن وخارجه وحتى الأجانب تزويده بتبرعات مالية لصالح ضحايا الزلزال، وأكدت أنه سيكون موجها لأجل إعادة إعمار الدواوير والقرى والجماعات بالأقاليم المتضررة بشدة جراء الزلزال

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button