هذه مصلحة مصر والسعودية والامارات في الانضمام الى بريكس
د.نجاح زيدان-فرنسا
عُقدت القمّة الخامسة عشرة لمجموعة “بريكس” (Brics) في جوهانسبورغ الاسبوع الماضي ضمن مناخ عالمي يسوده التوتر والضبابيّة سبّبته الازمة الاقتصاديّة العالميّة والحرب بين روسيا وأوكرانيا. انعكس ذلك على أعمال القمة وبيانها الختامي الذي أُعلنت فيه الموافقة على انضمام كلّ من السعودية ومصر والإمارات وإيران والأرجنتين وأثيوبيا إلى مجموعة من أصل عشرين دولة طلبت الانضمام .
اعتبرت بريكس هذا التوسع قفزةً عملاقًة نحو المستقبل. لقد تأسّست مجموعة بريكس الاقتصادية في عام ٢٠٠٦ وضمّت البرازيل وروسيا والهند والصين، وعقدت مؤتمرها الأول عام ٢٠٠٩. وقد سميت بريكس بعد انضمام جنوب إفريقيا في عام ٢٠١١
أسَّست مجموعة بريكس بنكَ التنميةِ الجديد في العام ٢٠١٥ لمنافسة كلّ من صندوق النقد الدوليّ والبنك الدوليّ في تمويل المشاريع التنمويّة.
تهدف بريكس لمواجهة التحالف الغربي، و إيجاد نظام عالمي اقتصادي جديد متعدد الأقطاب، والحدّ من هيمنة الدولار. تشكّل مجموعة بريكس ٤٠٪ من سكان العالم و ٢٦٪ من الناتج الإجماليّ العالميّ ونصف الإنتاج العالميّ للسلع والخدمات. تحتكر الصين وحدها ٧٠٪ من الناتج الإجمالي للمجموعة.
من الملاحظ أن ثلثيّ الاعضاء الجدد من الشرق الأوسط وثلاثة منهم دول عربية. وحسب تصريحات وزير الخارجيّة الروسيّ سيرغي لاڤروڤ فإنَّ اختيار الأعضاء الجدد قد تم بناءً على الوزن السياسي والعلاقات على الساحة الدولية. وكان الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا قد صرّح سابقا “أن المجموعة ستدعو قريبًا مزيدًا من الأعضاء الذين تم اختيارُهم نظرًا لأهميتهم الجيوسياسية وليس الايدولوجية”. مما يوضح أنَّ اختيار دول من منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا يهدف لزيادة نفوذ المجموعة ليس فقط اقتصاديًّا وإنَّما ايضًا سياسيا”.
يدخل قرار الانضمام للاعضاء الجدد حيّز التنفيذ اعتبارًا من بداية ٢٠٢٤.فما هي الاسباب التي دعمت انضمام كلّ من السعوديّة ومصر والإمارات؟ وما الفائدة التي تعود على كلّ منها؟
بالنسبة لمصر فإن اقتصادها هو ثاني اكبر اقتصاد في القارة الافريقية حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي ٤٣٥.٦٢١ مليار دولار في العام الماضي كما بلغت قيمة التبادل التجاري بين مصر ودول مجموعة البريكس ٣١.٢ مليار دولار. وموقع مصر الاستراتيجي وقناة السويس يشكلان أهمية كبرى لمجموعة البريكس.
انضمام مصر إلى بريكس سيوفّر لها الحصول على قروض بفوائد منخفضة من بنك التنمية الجديد التابع للمجموعة والذي تأّسس عام ٢٠١٥، بدلاً من قروض البنوك الدولية عالية الفائدة. كما أنّه سيخفّف على مصر ضغطَ توفير الاحتياط النقديّ بالدولار وذلك باستخدام عملتها المحلية في التبادلات التجارية.
وكما صرّح وزير المالية المصري محمد معيط فإن انضمام مصر لبريكس سيساعد على زيادة صادراتها ويزيد فرص الاستثمارات بين مصر والدول الأعضاء.
والسعودية التي تمتلك اقتصادا قويًا تعتبر الشريك التجاري الاكبر لمجموعة البريكس ففي عام ٢٠٢٢ تجاوز حجم الاستثمارات ١٦٠مليار دولار. وأكدت بعض المصادر أنَّ انضمام السعودية لبريكس يزيد من حجم اقتصاد المجموعة بأكثر من ١١٠٠ مليار دولار.
يفتح انضمام السعودية إلى بريكس فرصها للشراكة الاقتصادية مع دول المجموعة ذات الاقتصاد الناشئ وتنويع علاقاتها الاقتصادية وعدم الاقتصار على الكتلة الغربية.
أما الإمارات فإن انضمامها إلى بنك التنمية الجديد التابع لبريكس في تشرين الأول عام ٢٠٢١ قد سبق عضويتها لمجموعة بريكس.
تُُعدّ الامارات مركزًا عالميًا للتنمية الاقتصادية والتجارة، وهي تسعى دائمًا الى التنوع والانفتاح بالشراكات الاقتصادية.وانضمامها الى بريكس يحقق لها ذلك. فلقد صرح وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان :” أن بريكس جزء من عالم يسعى للتعددية بعيدًا عن أحادية النهج والفكر والايديولوجية”.
إنَّ أهمية انضمام كلّ من السعودية والإمارات لمجموعة البريكس بالاضافة للشراكة التجارية مع دول المجموعة يكمن في توفير النفط خاصة للصين والهند أكثر دول المجموعة استهلاكًا للطاقة هذه. ومؤخراـ تمّ الاتفاق بين الإمارات العربية المتحدة والهند للتداول بالدرهم الإماراتي والروبية الهندية بدلاً من الدولار. دون أن ننسى أهمية موانئ دبي للمجموعة.
تمثل السعودية والإمارات بالإضافة لروسيا في المجموعة ثلث صادرات النفط بالعالم.
يأتي انضمام الدول العربية لبريكس في مرحلة مهمّة من تغيير موازين القوى الاقتصادية العالمية وخاصة أنَّ هذه الدول ستتزعم في المستقبل القريب إنتاج الطاقة النظيفة مثل الهيدروجين الاخضر والامونيا الخضراء.
إن انضمام الأعضاء الجدد سيتيح لمجموعة بريكس السيطرة على ٤٢٪ من انتاج النفط في العالم و ٣٨٪ من انتاج الغاز و ٦٧٪ من الفحم.
كانت التوقعات بأن البريكس ستسيطر على ٤٢٪ من اقتصاد العالم في ٢٠٤٠، أما الان بتوسع العضوية فإن هذه التوقعات يمكن أن تتحقق في وقت أقرب. مع العلم أن كل من مصر والسعودية والإمارات تمثّل ٦٠٪ من اقتصاد العرب .
أما أمريكا، وكما كان متوقّعًأ، فقد سارعت إلى تقليل من أهمية مجموعة بريكس بعدم اعتبارها منافسا جيوسياسيا، وصرّح مستشار الامن القومي في البيت الأبيض: ” هذه مجموعة متنوعة من الدول…لديها اختلاف في وجهات النظر بشأن القضايا الحاسمة”.
بعيدًا عن الجدل الغربيّ مع دول “بريكس” فلا شكّ في أنّ انضمام الدول الجديدة الى المجموعة، يُمهّد لتحوّل كبير في موازين القوى العالميّة، ويطرح أكثر من علامة استفهام حول قدرة الغرب الفعليّة على الوقوف في وجه هذا القطار العملاق.
مرح إبراهيم يتساقط الثّلج بصمتٍ خلفَ نافذة الصّباح، ويغزو الجليدُ أرصفةَ الشوارع. تستغرقُ سكينةُ التأمّلِ…
Et si le maquillage n'était pas seulement une affaire de femmes ! Nadine Sayegh-Paris Même si…
ترجمة عن صحيفة هآرتس لو جاء كائن من الفضاء وشاهد من فوق ما يجري، ماذا…
ناقش ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي الحادي عشر، الذي نظَّمه مركز الإمارات للسياسات، على مدار يومي…
Quand le changement de l’heure devient une affaire d’état ! Nadine Sayegh-Paris ‘Heure d’été’, ‘heure…
Guillaume Ancel ( كاتب فرنسي) ترجمة : مرح إبراهيم فاز دونالد ترامب فوزًا واضحًا،…