حماس عند الأسد بين الواقعية والمبادئ
حماس عند الأسد بين الواقعية والمبادئ
دمشق- صالح صايل:
لم تمضِ أيامٌ على اتفاق الفصائل الفلسطينيّة في الجزائر على ورقة عملٍ موحّدة، حتى جاءت هذه الفصائل الى دمشق، تلتقي الرئيس السوريّ بشّار الأسد، وبينها حركةُ حماس ممثّلة بعضو المكتب السياسي د. خليل الحيّة.
لا ضرورة لمعرفةِ رأي الموالين السوريين لقيادتهم، فهؤلاء ما أرادوا يومًا أن يروَا حماس تعود الى سورية بعد كل التُهم التي سيقت ضدّها بالمشاركة في الحرب السورية وحفر أنفاق والانخراط في مشروع الاخوان المسلمين لتغيير النظام. لكنهم لن يعبّروا علانيّة عن هذا الاستياء، ذلك أن “الواقعيّة” السياسيّة التي يتبنّاها الأسد حاليًا لها ما يُبرّرُها في سياق إنهاء ما بقي من حرب سورية والقضاء على ما بقي من مُعارضة.
عودة حماس الى دمشق مرّت بثلاث طُرُق على الأقل، وهي إيران وحزب الله والجزائر، ولا شك في أنها تُعبّر عن تنازلٍ واضح من الحركة الاسلاميّة بعد أن انكفأ المشروع الإخواني من جهة، وسُدّتُ أبوابٌ كثيرة في وجهها، وفقدت الكثير من أجنحتها العربية، ولذلك فإن الحركة قبلت الشروط السوريّة التي كان حمل بعضها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في أثناء لقائه بالأسد قبل فترة.
ماذا تعني العودة؟
- أولاً هي تنفع الأسد في سياق تقليم أظافر الاخوان المسلمين في المعارضة. وأيضا في إطار استعادة الأسد لأوراق سابقة كانت دمشق تُحرّكها في سياستها الخارجية العربيّة والدوليّة، ثم في مواجهة إسرائيل من الداخل بعد أن غالت في قصف سورية على مدى السنوات العشر الماضية.
- ثانيا هي تنفع المحور الذي تقوده إيران، ذلك أن طهران التي بدأت منذ سنوات تكثّف دعمها لحماس والجهاد وفصائل فلسطينيّة أخرى، كانت وما زالت تُدرك أن عودة المياه الى مجاريها بين الحركة الإسلامية ودمشق مهمة جدًا في سياق الضغط على إسرائيل وأميركا وتعزيز دورها في المحيط العربي.
- ثالثًا هي تصبُّ في خانة ما بدأته الجزائر من محاولة لتوحيد الصف الفلسطيني، والعودة الى جوهر الصراع، وذلك بعد سنوات من ترنّح الموقف العربي والذهاب صوب اتفاقيات أبراهام والتطبيع. فالجزائر التي لها أيضا علاقة جيدة بالرغم من استمرار الحذر مع طهران، تسعى لاستعادة تفعيل جبهة رفض عربيّة بدأتها بدعم تونس وموريتانيا وتستكملها في إعادة سورية الى مجالِها العربي حتى ولو أنها لم تستطيع دعوتها الى القمّة العربيّة.
الرئيس الأسد استقبل حماس في اطار وفدٍ يضم عدداً من قادة وممثلي القوى والفصائل الفلسطينية، حيث جرى النقاش حول نتائج حوارات المصالحة، التي جرت بين الفصائل الفلسطينية في الجزائر خلال الأيام الماضية، وسبل تعزيز هذه المصالحات لمواكبة الحالة الشعبية المتصاعدة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه المستمرة في الأراضي الفلسطينية. وفق ما ذكرت وكالة سانا السورية.
اعتبر الأسد أن أهمية حوارات الجزائر تأتي مما نتج عنها من وحدة الفلسطينيين، وأن هذه الوحدة هي المنطلق في العمل لخدمة القضية الفلسطينية، مشدداً على أن وحدة الصف الفلسطيني هي أساس قوته في مواجهة الاحتلال واستعادة الحقوق، ومشيراً إلى أن كلّ المحاولات لمحو هذه القضية من وجدان وعقل الأجيال الجديدة في المنطقة العربية وخاصةً في فلسطين لم ولن تنجح، وما يحدث الآن في كل الأراضي الفلسطينية يثبت أنّ الأجيال الجديدة ما زالت متمسكة بالمقاومة.
وأكد الرئيس السورية أنه :” وعلى الرغم من الحرب التي تتعرض لها سورية إلاّ أنّها لم تُغيّر من مواقفها الداعمة للمقاومة بأيّ شكلٍ من الأشكال، وذلك انطلاقاً من المبادئ والقناعة العميقة للشعب السوري بقضية المقاومة من جانب، وانطلاقاً من المصلحة من جانب آخر، لأنّ المصلحة تقتضي أن نكون مع المقاومة، فالمقاومة ليست وجهة نظر بل هي مبدأ وأساس لاستعادة الحقوق، وهي من طبيعة الإنسان.” مضيفا : ” أن سورية التي يعرفها الجميع قبل الحرب وبعدها لن تتغير وستبقى داعماً للمقاومة.”
بدورهم أكّد أعضاء الوفد أنّ سورية ركن أساسي وهي واسطة العقد في قضية المقاومة، وكلّ أبناء الشعب الفلسطيني والفصائل الفلسطينية يُقدّرون أهمية سورية ومكانتها ودورها وتضحياتها، مشيرين إلى أنّ سورية هي حاضنة المقاومة تاريخياً وهي القلعة التي يتم اللجوء إليها في وقت الشدة.
واعتبروا أن سورية هي العمق الاستراتيجي لفلسطين، لذلك فإنّ جميع الفصائل والقوى الفلسطينية تقف مع سورية في صمودها في مواجهة العدوان الدولي عليها، وفي مواجهة المشروع الأميركي الصهيوني، منوهين إلى أنّ هذا اللقاء سيعطي معنويات كبيرة جداً للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وفي الشتات، لأنّ قوة سورية قوة للشعب الفلسطيني.
ضم الوفد الفلسطيني أمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة، وأمين عام الجبهة الشعبية-القيادة العامة الدكتور طلال ناجي، وأمين عام منظمة الصاعقة الدكتور محمد قيس، وأمين عام حركة فتح الانتفاضة الأستاذ زياد الصغير، ونائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر، ونائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فهد سليمان، والأمين العام لجبهة النضال الشعبي خالد عبد المجيد، والأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية يوسف مقدح، وعضو المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور خليل الحية، والسفير الفلسطيني في سورية الدكتور سمير الرفاعي.
ثمة سؤالان بعد، هل تسير الأمور بين حماس ودمشق على نحو إيجابي ولا تعيقُها تدخلات اخوانيّة أو عربيّة، ثم هل بعد عودة حماس الى دمشق، ستبدا عودة العلاقات اللبنانية السورية على مستوى أوسع وربما من بوّابة التعاون العسكري في الشمال اللبنانية ومن خلال اعادة النازحين؟ لننتظر ونر.