ثقافة ومنوعات

تخليص الجسم من السّموم  

 هل تخليص الجسم من السموم وتنظيفه مُمكن؟ وهل نحتاجُ لذلك فعلا؟ تلخيص لنظريات علمية في هذه المقالة  

روزيت الفار-عمّأن  :

حيث أصبحنا نعيش ببيئة تعجّ بآلافٍ من أنواع الملوّثات والمواد الكيماويّة السّامّة المختلطة بالهواء الّذي نستنشقه والماء الّذي نشربه وتدخل في تركيب معظم ما نتناوله من الأطعمة؛ وبتنا نلامس هذه المواد السّامّة ونتعامل معها في كل نشاطاتنا وجميع ما حولنا من مقتنيات وأدوات، كان لا بدَّ من إيجاد طريقة للتّخفيف من تأثير تلك السّموم أو تجنّبها. وهو ما أصبح مؤخّراً شائعاً كإجراء يلجأ إليه النّاس للمحافظة على صحّتهم وسلامتهم.

إنّ كلمة “السّموم” كلمة فضفاضة، فقد تشمل الملوّثات البيئيّة والمواد الكيماويّة المصنّعة (البلاستك) وما يُسمّى بالمواد الصّلبة الحيويّة Biosolids والّتي تُستخدم كأسمدة للنّباتات وغذاء للحيوانات المنزليّة والحيوانات الّتي نقوم بذبحها وأكلها؛ دون علمنا بأنّها عبارة عن نفايات الصّرف الصّحّي الّتي تحتوي على الآلاف من المواد عالية السّميّة المُعالجة والمُباعة باعتبارها مواد عضوية جيّدة (مذكور بكتاب Toxic Sludge is Good for you للكاتبين جون ستوبر وشلدن رامتن) كذلك المعادن الثّقيلة وجميعها تسبّب أضراراً هامّة في صحّتنا الجسديّة والذّهنيّة.

 كمعلومة علميّة؛ فإنّ تنظيف الجسم من السّموم Cleansing يتعلّق بالطّعام وبالجهاز الهضمي، بينما تخليصه من السّموم Detoxing يتعلّق بتنقيته من كافّة المواد السّامّة بواسطة أجهزته الخاصّة مثل الكبد والكلى والرّئات والجلد؛ إضافة للجهاز الهضمي.

وفي كلتا العمليتين (التّنظيف والتّنقية) يتمّ اتّباع حمية معيّنة بمساعدة منتجات ومكمّلات غذائيّة تدّعي قدرتها على القيام بذلك بطرق آمنة وتحقّق للجسم صحّة أفضل وتساعده على إنزال الوزن. وغالباً ما تحتوي في مكوّناتها على مليّنات معويّة تسهّل خروج الفضلات، وعلى مُدرّات للبول وفيتامينات ومعادن وأنواع من الأعشاب والشّاي الأخضر وأطعمة أخرى يُقال أنّها تفيد في تلك العمليّة.

بالحقيقة؛ لقد صُمّمِت أجسامنا لكي تقوم بذلك بنفسها وبطريقة طبيعيّة لا تحتاج لمعالجة. حيث لا يمكن لأيٍّ من تلك الحميات أن تقوم بما تستطيع أجهزة الجسم القيام به حين تكون سليمة وتعمل بشكل جيد. نضطّر للمعالجة فقط حين تعجز تلك الأجهزة عن القيام بوظيفتها لوجود مرض أو عطل فيها. فما علينا إذاً في الأوضاع العاديّة؛ إلّا تعزيز العمليّة الطّبيعيّة ومساعدة أنظمة الجسم على القيام بوظيفتها.

فكيف نحقّق ذلك بطريقة آمنة؟

للجسم آليّة ذكيّة تعمل لتحويل هذه السّموم إلى جزيئات حميدة؛ بعمليّة تسمّى التّحوّل البيولوجي Biotransformation يستخدم فيها الجسم أنزيمات فعّالة لتكسير هذه السّموم ويطرحها خارجاً بالبراز والبول.

ثبت أنّ جميع أصناف الخضراوات الكرنبيّة الّتي تشمل البروكولي والقرنبيط والملفوف والكرنب، تعمل على تحفيز عمليّة التّحوّل البيولوجي المطلوبة.

كذلك تناول الأملاح الصّفراء Bile Salts الشّبيهة بالأملاح الّتي يفرزها الكبد وتُخزّنها المرارة والّتي تساعد في هضم الدّهون وامتصاص الفيتامينات منها، حيث أنَّ تناولها قبل البدء بعمليّة التّنظيف يساعد في تحضير الجسم ونجاح العمليّة.

إضافة للثّوم وإكليل الجبل والزعتر وكبش القرنفل، فجميعها يحتوي على الأنزيمات المطلوبة لعمليّة طرد السّموم.

لحسن الحظ أنّ الجسم يفرز هذه الأنزيمات وهي ما يسمّى بمضادّات الأكسدة الدّاخليّة Indigenous antioxidants عند الصّيام. فالتّوقّف عن تناول الطّعام ل8 ساعات أو أكثر؛ يحثّ الجسم على إفراز هذه الأنزيمات ما يزيد في توسيع شبكة مضادّات الأكسدة وتقوية جهاز المناعة لديه وإصلاح الضّرر الّذي تسبّبه المواد السّامّة الدّخيلة، ويعزّز أيضاً عملية طردها للخارج قبل أن تتسبّب له بالمرض.

أمّا بالنّسبة للدّماغ؛ فهو الآخر يحتاج لتفريغ سمومه وتطهيره. ويكون له ذلك من خلال النّوم. فهو الشّيء المجّاني الوحيد الّذي تتمّ خلاله عمليّة الإصلاح والتّجديد وإزالة السّموم. فهناك ما يسمّى بموجات نوم خفيفة وأخرى عميقة تتناوب كل 90 دقيقة. والتّنقّل بين تلك الموجات هو المرحلة الّتي تحدث خلالها عملية طرح السّموم (Dr Berg، الطّبيب المتخصّص بالصّحة العامّة والتّغذية وانقاص الوزن). تتميّز هذه الآليّة المتعاقبة في الخلايا العصبيّة بزيادة الأكسجين وتدفّق الدّم تارة؛ يتبعها انخفاض بالأكسجين وبتدفّق الدّم تارة أخرى؛ ما يزيد بكميّة السّائل الّذي يمرّ حول الدّماغ ويدفع به للتّخلّص من سمومه ، الأمر الّذي يساهم بدوره في تجنّب أمراض الجهاز العصبي كالزّهايمر والخرف. فكلّما تخلّصت من سموم الدّماغ؛ كلّما تحسّنت ذاكرتك وقدرتك على التّركيز والاستيعاب. فإن أردت المحافظة على صحّة دماغك فاحرص على أخذ قسط كاف من النّوم الجيّد لا يقل عن 7 ساعات للبالغين.

ينصح الأطبّاء والمعالجون بالذّهاب للنّوم بمعدة فارغة حيث يقوم الجسم والدّماغ بوظيفتيهما على أفضل وجه. وهذا يختلف عن الجوع. حيث تفرغ المعدة من محتوياتها بعد حوالي 3 ساعات من تناول الطّعام؛ بينما مرحلة الجوع هي التي تنخفض عندها مستويات الطّاقة في الجسم. وهو الشّيء الّذي لا نريده.

ويبقى أن نقول بأنّ اتّباع العادات الصحّيّة كأسلوب حياة؛ يفيد بتخليص الجسم من سمومه -وخصوصاً بأنّ لاتّباع الحميات وأخذ المكمّلات أضراراً وجوانب سلبيّة كالإعياء والغثيان وزغللة النّظر وغيرها- فشرب الماء بكميات كافية و أكل الأغذية الطّبيعيّة غير المعالجة والحرص على التّباعد بين الوجبات وزيادة النّشاط البدني والتّمارين الرّياضية والخروج للطّبيعة؛ جميعها يعزّز وظائف أجهزة الجسم وبالتّالي صحّته العامّة ونشاطه الذّهني ويجعلنا نتجاوز أيَّ تهديد للأمراض في المستقبل.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button