تقدير موقف صادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
شهد لبنان، في 15 أيار/ مايو 2022، أول انتخابات نيابية بعد احتجاجات تشرين الأول/ أكتوبر 2019 وانفجار مرفأ بيروت في آب/ أغسطس 2020. ومع أن المعسكر الذي يضمّ حزب الله وحلفاءه خسر الأغلبية التي كان يتمتع بها في المجلس السابق، فإن النتائج لم تسفر في المقابل عن أغلبية واضحة لأيّ طرف؛ ما قد يؤخر تشكيل الحكومة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية بدل الرئيس الحالي، ميشال عون، الذي تنتهي ولايته في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، ويُدخل البلاد في حالة من الشلل السياسي.
جرت الانتخابات النيابية في لبنان في ظل تغيرات مهمة جرت خلال السنوات الأخيرة، شملت انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر 2019 (انتفاضة 17 تشرين) ضد الفساد والنظام الطائفي، محمّلةً مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي وما خلّفه من تداعيات اجتماعية، وانفجار مرفأ بيروت لمن سمّوا بـ “الطبقة السياسية”. وإضافة إلى هذا كله، تأثر لبنان بالانعكاسات السلبية على أمن الطاقة والغذاء التي نتجت من غزو روسيا لأوكرانيا. وقد كانت هذه الانتخابات أول انتخابات تجري في لبنان من دون مشاركة تيار الحريري الذي برز مطلع تسعينيات القرن الماضي مع رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، ومن دون تيار “المستقبل” الذي تأسس عام 2007 برئاسة ابنه سعد الحريري. وقد ترك قرار تعليق العمل السياسي الذي اتخذه سعد الحريري في كانون الثاني/ يناير 2022 تداعيات مهمة، حيث تغيّرت الحسابات الانتخابية بناء عليه، وتسابق مرشحون لملء الفراغ الذي تركه تيار المستقبل الذي كان يتمتع بالأكثرية التمثيلية بين سُنّة لبنان. وجاءت هذه الانتخابات أيضًا في آخر ولاية الرئيس عون الذي انعكست سياساته سلبيًا على شعبية التيار “الوطني الحر” الذي أسسه عام 2005 ويقوده حاليًا صهره جبران باسيل، وكان هذا التيار يملك أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب السابق. وقد فرضت كل هذه العوامل، من الانهيار الاقتصادي وعدم مشاركة تيار المستقبل وانحسار شعبية التيار الوطني الحر ودخول مرشحي “الانتفاضة” على خط المنافسة، دينامياتٍ جديدةً على هذه الانتخابات. وقد مثّلت هذه الانتخابات اختبارًا أول للقوى والشخصيات السياسية التي برزت بعد “انتفاضة 17 تشرين” وقدرتها على إحداث اختراقات في جدار “الطبقة السياسية” الممسكة بمفاصل النظام السياسي اللبناني.
تنافس المرشحون للانتخابات النيابية على 15 دائرة انتخابية موزعة على خمس محافظات، هي: بيروت، وجبل لبنان، والبقاع، والشمال، والجنوب، وذلك لشغل 128 مقعدًا في مجلس النواب. وكان هناك 103 لوائح انتخابية و718 مرشحًا، مقارنة بـ 77 لائحة و597 مرشحًا في انتخابات عام 2018.
توزعت خريطة المرشحين عمومًا بين القوى التقليدية التي تمثّل جزءًا من نظام المحاصصة الطائفي، سواء أكانت مع حزب الله أم تُخاصمه، والقوى التغييرية التي تمثل الانتفاضة مع وجود اختلافات داخل كل من المعسكرين. ومن العوامل الجديدة التي أدت دورًا في هذه الانتخابات احتساب أصوات المقترعين من المغتربين خارج لبنان لأول مرة، وخاصة أن نسبة كبيرة منهم تقع خارج إطار الاصطفافات التقليدية، ولا تملك الطبقة السياسية قدرة على التأثير مباشرة في اختياراتها. وقد بلغ عدد المقترعين في الخارج 142000 ناخب من أصل 225000 مسجلين حسب الأرقام النهائية لوزارة الخارجية والمغتربين؛ أي إن نسبة اقتراعهم كانت 63 في المئة، ما يعكس حماسة انتخابية للتغيير لديهم، ولا سيما أن هذه الأصوات ساعدت مرشحي الانتفاضة على كسب مقعد إضافي في دوائر رئيسة مثل بيروت الأولى والثانية، والشوف – عاليه، ودائرة الجنوب الثالثة. أما نسبة الاقتراع في الداخل فقد تراجعت في كل محافظات لبنان، وبلغت نحو 41 في المئة من الناخبين المسجلين، مقارنة بنحو 49.7 في المئة عام 2018، وقد سُجّل هذا التراجع خاصةً في الدوائر ذات الأغلبية السُّنّية مثل صيدا والضنية والمنية.
تحتاج نتائج الانتخابات إلى التدقيق في تفاصيلها حتى يمكن تقييم أثرها، سواء في معسكر حزب الله ونفوذه السياسي داخل لبنان، أو في معسكر المعارضة. ونظرًا إلى تعدد اللوائح والتكتلات، فقد جرى تقسيم الفائزين بحسب الانتماء السياسي والموقف من سلاح حزب الله:
حصل المعسكر المؤيد لحزب الله على 61 مقعدًا، موزعّة على النحو التالي:
يضم المعسكر المناهض لحزب الله 51 نائبًا، موزعين على النحو التالي:
تضم كتلة الانتفاضة 16 نائبًا موزعين على النحو التالي:
يشكّل الموقف من حزب الله وسلاحه الاصطفافات المشار إليها سابقًا، إلا أن هذه الاصطفافات تتغير حيال قضايا خلافية أخرى، مثل انتخاب رئيس الجمهورية أو تشكيل الحكومة، حيث ستكون حركة “أمل” على سبيل المثال أقرب إلى الحزب التقدمي الاشتراكي منها إلى التيار الوطني الحر. أما القوات اللبنانية فقد ألمحت إلى أنها لا ترغب في الانضمام إلى حكومة “وحدة وطنية” مع حزب الله، وكذلك يرى حزب “الكتائب” أن بقاءه خارج السلطة أفضل من دخولها في هذه المرحلة، كما لن يتحمّل نواب “الانتفاضة” شعبيًا تبعات انضمامهم إلى حكومة يقودها أحد أركان الطبقة السياسية. وفي هذه الحال، لا يتمتع حزب الله وحلفاؤه بالأكثرية الكافية لتشكيل حكومة، وعليهم إعطاء الحزب التقدمي الاشتراكي حصةً وازنة لينضم إلى الحكومة، لا سيما بعد سقوط منافسيه التقليديين من الدروز في الانتخابات الأخيرة، وعلى رأسهم طلال أرسلان الذي فقد مقعده في دائرة جبل لبنان. والواقع أن المعسكرين الكبيرين منهمكان تمامًا بانقساماتهما الداخلية، ولا يلتقيان على أجندة موحدة ولديهما مصالح متناقضة. ومع ذلك يبدو حزب الله أقدر على ضبط إيقاع معسكره على عكس التحالف المناهض له الذي خسر تيار المستقبل، في حين أن “القوات اللبنانية” غير قادرة على القيام بالدور الوطني في قيادة هذه المعارضة.
هناك عدة مؤشرات لا بد من قراءتها في نتيجة هذه الانتخابات، وهي:
أ.د ماريز يونس ( أستاذة علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية) في ذلك الصباح، لم يكن…
Des salles d’asile à l’école maternelle ! Nadine Sayegh-Paris Evoquer l’école nous fait directement penser à…
سامي كليب افتتاحية-الصراحة افضل الاستقبال الاستثنائي الذي أحيط به الرئيس جوزيف عون في السعودية، والذي…
Du natron au sapo, pour arriver au savon ! Nadine Sayegh-Paris Le savon, produit d’hygiène et…
مرح إبراهيم ثلاثة أشهر مرّت على اللحظة النفسيّة التي جسّدتها ليلة الثّامن من كانون الأوّل…
سامي كليب: كتب عالِم النفس الشهير سيغموند فرويد منذ عقودٍ طويلة : " إن الإنسانَ…