ثقافة ومنوعات

عميلٍ أميركي: هكذا خطّط الإخوان لإغتيال حافظ الأسد

باريس- ميراي حدّاد 

في كتابه الحامل عنوان ” سقوط  “ CIA يكشف رجل الاستخبارات الأميركية السابق  روبرت بير  Robert Baer الكثير من أسرار عمله في الشرق الأوسط    خصوصا في لبنان والعراق والسودان وليبيا والمغرب وغيرها… وهو يفضح عددا من العملاء الذين انتهت مهمتهم،  ويندم لعدم قتل القيادي في حزب الله  “عماد مغنية “( اغتيل بتفجير سيارته لاحقا في دمشق) كما يفضح  كيف رفضت واشنطن تسهيل عملية للاخوان المسلمين لقتل الرئيس الراحل حافظ الأسد، ويلوم الاستخبارات الأميركية لأنها لم تسمح بإنقلاب عسكري على الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين إنطلاقا من شمال البلاد حين كان ذلك متوفّرا من خلال عملية ساهم هو نفسه بالتخطيط لها. 
روبيرت بيير الذي عرف طويلا باسم “بوب”  له باع طويل في المنطقة، ولعل الكثير من المسؤولين اللبنانيين يسارا ويمينا يعرفونه عن قرب (حتى ولو انه تجنب ذكر َاسمائهم)، وهم لا شك كغيرهم من صغار عناصر وضباط الأحزاب والتنظيمات اللبنانية والفلسطينية كانوا (عن قصد او غباء) أفضل مصدر لمعلوماته.
 يحتل لبنان مركز الصدارة في كتاب رجل الاستخبارات الأميركية، ذلك ان عمله هناك جاء بين عمليتي تفجير السفارة الأميركية في بيروت عام 1983 وخطف عدد من الأميركيين وبينهم رئيس فرع سي آي ايه في لبنان “بيل باكلي”، وهو يروي كيف تسلل الى بعلبك التي لم يكن أحد يغامر آنذاك بالوصول اليها وراقب عن كثب ثكنة الشيخ عبد الله وحضر لقاءات مع أقرباء حسين الموسوي بفضل مساعدة ضابط لبناني.

يقول إنه بعد مرور عام كامل دون معرفة مصير “باكلي”ورفاقه، فإن مسؤولا جزائريا هو الذي خرق  حاجز الصمت وقدم  الى واشنطن معلومات هامة حول تورط عماد بالعملية وانه كان يعمل لصالح الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
ووفق مذكرات روبيرت بير التي أصبحت فيلما سينمائيا في الولايات المتحدة” سيريانا” فإن صحافيا لبنانيا من المنطقة الشرقية  لبيروت (قصير القامة، نحيل، اصلع، مع شعر فيه بعض الشيب…) هو الذي تولى في ما بعد الحصول على كل المعلومات عن مغنية ومحمد حمادة (المتهم بخطف طائرة تي دبليو اي 847)، ثم استكملت تلك المعلومات من خلال “حسين”الذي جاء كان من تلقاء نفسه يعمل مع سي آي ايه ونجح في الانتماء الى “حزب الله” ثم التقرب من أحد ائمة المساجد المقربين من مغنية، لا بل انه صار سريعا أفضل تلامذة الامام.

يروي العميل الأميركي  ايضا كيف كانت مصالح الميليشيات تتخطى الحواجز والايديولوجيات في خلال الحرب، بحيث انه نسق مع  المدعو”جان” وهو احد مسؤولي الميليشيات المسيحية للاتصال بعصام المنتمي الى “حزب الله” مقترحا خطف عماد ، لكن عصام اوضح له ان الخطف عملية مستحيلة واقترح عليه بالمقابل قتله مقابل الحصول على 2000 دولار بينها ألف مقدما، وهو ما تم رفضه من قبل الأميركيين، وما يندم عليه بير حتى اليوم.
من الروايات الجديرة بالاهتمام في مذكرات رجل سي آي ايه تلك التي يشرح فيها كيف التقى أحد قادة الاخوان المسلمين السوريين في المانيا. فالشيخ الذي لم يكشف بيير عن اسمه اقترح التعاون مع سي آي ايه في حال سهلت للإخوان اغتيال الرئيس الراحل حافظ الأسد، وكانت الطريقة التي اعدت لذلك بسيطة، فالإخوان المسلمون كانوا قد خبأوا صاروخا قرب المطار السوري وأرادوا فقط ان تخبرهم الاستخبارات الأميركية متى تقلع طائرة الرئيس الأسد لنسفها، وهو ما رفضته واشنطن بناء على المرسوم 12333 الذي يمنع مثل هذه من الاغتيالات. (للتذكير فقط فإن المرسوم نفسه لم يستخدم حين حاولت الولايات المتحدة قتل العقيد معمر القذافي بتفجير العزيزية).

هنا أيضا يعبر بير عن مرارة خاصة لعدم قبول واشنطن قتل الرئيس الأسد، فهو يذكر بأن الأسد “كان أبرز عقبة أمام السلام”.
أما الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، فيبدو من خلال هذه المذكرات بمثابة المخطط لكل المؤامرات في المنطقة، من تفجير السفارة الأميركية في بيروت الى خطف الاجانب الى الاعتداء على الطائرات، وذلك عبر تقاطع مصالحه مع المصلحة الايرانية، لا بل هو ايضا قريب مفتي القدس الحاج أمين الحسيني  الذي ” وقف مع هتلر  وهو الذي وقّع مع الامام الخميني عام 1972 اتفاقا في النجف بالعراق لتدريب مقاتلين اسلاميين في مخيمات فتح في جنوب لبنان اعدادا للثورة الاسلامية….” وهو وهو….  الى آخر الرواية التي تؤكد ان فضح هذا العميل الأميركي لكل هذه الاسرار انما له هدف واضح لا يخفى على  احد.
  يروي روبيرت بير أيضا علاقته بأمير خليجي “كان يعيش في دمشق منذ تآمره على أمير آخر”. ويقول انه  علم  من أحد شركاء الأمير المذكور وهو ضابط في الجيش ان عملية كبيرة يجري الاعداد لها، وقدم لائحة بأسماء مئات الرجال المنتمين الى بن لادن ويقيمون في الخليج.
وفي شهر آب من عام 2001 التقى روبيرت بير أحد اعوان الأمير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي، لكن الرجل رفض الاطلاع على اللائحة او حتى ايصالها للأمير سلطان
كتاب يستحق عبارة واحدة بعد طي آخر صفحة فيه : ” من أسرارهم تعرفون أسباب ما يحصل عندنا”.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button