كيف تُصبح ثريا برمزٍ وهمي لممتلكات افتراضية؟
روزيت الفار-عمّان
الرّموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) وهي اختصار لِ Non-Fungible Tokens.
قبل الشّروع بكيفيّة عملها؛ لا بدّ من معرفة ما هي هذه الرّموز وكيف نستفيد منها.
كما شرحها الخبير الاقتصادي الأردني الدّكتور معن قطامين، فإنّ هذه الرّموز تمثّل ممتلكات للشّخص لكنّها ممتلكات غير ملموسة، بل رقميّة -Digital Assets- يتمّ تشفيرها حفاظاً على سلامتها وخصوصيّتها؛ وتُسجّل باسمِهِ على منصّات البلوك تشين -Blockchain- شبكة نظام لسجل الكتروني وقاعدة بيانات مشفّرة آمنة تسمح للمشاركين بإنشاء سجل موثوق لبياناتهم دون الحاجة لطرف ثالث كالبنوك مثلاً- فلا يمكن استبدالها. ويحمل كلٌّ منها رقم تسجيل معروفاً ومُحدّداً خاصّاً به، ويعتبر هذا التّسجيل بمثابة حق ملكية لصاحب الأصل الرّقمي.
في حال كان للشّخص ممتلكات ملموسة كالعقارات، أو قطع أرض، أو سيّارات أو أسهم؛ فإنّه عادة يقوم بتسجيلها لدى دوائر رسميّة أو جهات خاصّة؛ يحصل بواسطة ذلك على حق ملكيّتها ويكون الوحيد القادر على التّصرّف بها. تنطبق القاعدة ذاتها على الرّموز الرّقميّةNFTs لكن هنا تُسجّل على منصّة البلوك تشين.
ما هو الأصل الرّقمي؟
هو عبارة عن أي صورة رقميّة أو رسمة عاديّة أو متحرّكة (animation) رقميّة أو معزوفة قمت بتلحينها وجعلتها رقميّة، أو تسجيل صوتي أو فيلم رقمي، تستطيع تسجيلها كأصل غير قابل للاستبدال NFT. وهذا يعني أنّك أصبحت تملكه. وفي غياب إمكانيّة تسجيله في النّظام التّقليدي؛ يستطيع أي شخص أن يأخذه وينسخه ويتصرّف به. لكن حين يكون مُسجّلاً كأصل رقمي على منصّة البلوك تشين؛ فهو يأخذ رقماً مُشفّراً يثبت أنّك وحدك مَن يملكه، وبذلك تحميه من إمكانيّة سرقته أو تبديله وحتّى لو نجحت محاولة التّبديل -وهذا مستحيل- فيكون الرّمز البديل له شيفرة مختلفة أي لا يمكن أن يكون هو ذاته.
يُذكر أنّ جاك دورسي Jack Dorsey مؤسّس موقع تويتر قام بتصوير أوّل تغريدة له وكانت “Just set up my Twitter” وسجّلها كرمز NFT وباعها في 21/3/2006 بمليونين و900 ألف دولار أي ما يقارب ال 3 ملايين دولار.
كذلك الّلوحة “Everydays: The First 5000 Days” الشّهيرة للفنّان الرّقمي مايك وينكلمان المعروف بBeeple والّذي أخذ صوراً رقميّة يوميّة منذ عام 2007 وحتّى 2020 جمّعها بصورة كبيرة واحدة وطرحها بمزاد علني أدارته شركة “كريستيز العالميّة بتاريخ 11/3/2021. بيع بمبلغ 69 مليون و3 مئة ألف دولار.
ومنحوتة الرّجل ثُلاثيّ الأبعاد ذات الخلفيّة المتحرّكة الّتي تتغيّر وراءه باستمرار “هيومان ون” Human One الّتي بيعت بمزاد علني ب 25 مليون دولار.
أمّا الفيلم الّذي لا تتجاوز مدّته الدّقيقة الواحدة “تشارلي عضّ إصبعي”؛”Charlie bit my Finger” والّذي حقّق أكثر من 80 مليون مشاهدة؛ فقد تمّ تسجيله وبيعه ب 760 ألف دولار.
وصورة “فتاة الكارثة” Disaster Girl”” والّتي كانت تمرّ بالقرب من حريق مُفتعل؛ ابتسمت فيها ابتسامة غريبة كانت عدسة والدها في تلك اللّحظة جاهزة لأخذ صورة لها، فظهرت بالصّورة وكأنّها هي مَن قام بعمليّة الإشعال. تمّ بيعها بنصف مليون دولار. وكذلك رسم القطّ الوردي المتحرّك “Rainbow” فقد بيع ب 590 دولاراً.
أمّا صورة كلب “الشّيبا إنو” الّتي على عملة الدّودج كوين Dodge coin -والّتي يعرفها جيّداً الّذين يتعاملون بأسواق العملات الرّقميّة- فقد كسر سعرها حاجز ال 4 ملايين؛ تمّ دفعها بعملة الإيثرEther في الوقت الّذي كانت تكلفته 1696 إيثر فقط.
ماذا يستفيد مَن يشتري هذه الرّموز؟
هناك ثلاثة نظريّات:
- تقول النّظريّة الأولى: بما أنّ الرّمز أو الصّورة كان قد حقّق مشاهدة عالية جدّاً أكسبته الشّهرة؛ فلا بدّ لمن يشتريه أن يحقّق الشّهرة ذاتها أيضاً، فكلّما تمَّ الحديث عن الصّورة يتم تلقائيّاً الحديث عنه، وهذا يكسبه قيمة تسويقيّة وترويجيّة كبيرة.
- يُفترض بأنّ الشّخص الّذي اشتراها كان متحمّساً حين اشتراها، ولا بدّ أن يأتي آخر أشدّ حماسة منه ليشتريها منه وبسعر أعلى ممّا يسمح له بتحقيق الرّبح.
- إنّ التّوجّه العالمي أصبح رقميّاً وإنّ الأصول الرّقميّة أصبحت الأخرى في تزايد مُتسارع فمن المنطقي أن يكون لها مستقبل.
وسيتطلّب استخدام الرّمز مستقبلاً ترخيصاً، ما يوجب وضع عمولة استخدام الّتي بدورها تفيد البائع.
ستسمح “تويتر للمسجّلين على منصّتها بوضع صورة أفاتار Avatar بدل صورة البروفايل الشّخصيّة وبذلك تمنع أيَّ أحد من تقمّص شخصيّتك ووضع حساب آخر باسمك. وكذلك الأمر بالنّسبة لفيس بوك وإنستغرام.
بمعنى أنّ الرّموز الرّقميّة قد بدأت بالغزو التّدريجي وهي دون شك ستشكّل جزءاً مهمّاً من مستقبل الإنترنت الّذي ينتقل من 2.0 ويب إلى 3.0 ويب.
سجّلت مبيعاتNFTs في عام 2020، 94 مليون دولار وعام 2021، 24,9 مليار دولار ويُتوقّع أن تصل إلى 80 ملياراً عام 2025. وذلك وفقاً لمنصّة Coin Desk.
وعلى ما يبدو أنّ هذا الموضوع مهم ويشكّل فرصة كبيرة أمام الشّباب وروّاد الأعمال لكونه جزءاً مهمّاً من الثّورة الرّقميّة المستقبليّة.