سامي كليب:
في مُقدّمة الدستور اللبناني نقرأ أن لبنان:” عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية ومتلزم مواثيقها”، وفيها مادة أخرى تقول إن:” لا شرعية لأي سُلطة تُناقض العيش المُشترك”.
على حد عِلمِنا لم يوضع دستور آخر يقول لبنان غير عربي، ولا خرج لُبنان من جامعة الدول العربية، وإنما هناك خلاف تاريخي على شرعية الدولة والشرعيات الأخرى التي عرفها لبنان مرارا عبر تاريخه الحديث وتتمحور حاليا حول حزب الله، فلماذا يتناطح كثيرون اليوم للقول إن على لُبنان أن يعود الى حضنه العربي؟ ثم أين هو بالضبط الحضن العربي؟ أي في أي منطقة تماما؟ في مصر، أم الخليج، أم سورية والعراق، أم المغرب العربي، أم مكانٍ آخر تماماً؟
دعونا نرى الأمور على حقيقتها ونتحدّث بصراحة:
في لُبنان اليوم أفرقاءُ مُختلِفون يرفعون شعار العروبة، أما قناعة صادقة، أو لأن الشعار صار ” ترانداً انتخابياً” جيدا بالنسبة للبعض، وهم موزّعون كالتالي:
الواقع أن لبنانيين كثيرين يشعرون ببعض الإهانة حين يُقال لهم اليوم: ” يجب أن يعود لُبنان الى عروبته أو الى حضنه العربي”، فالصراع مع إيران وحزب الله، لا يُبرّر أبدا نفي العروبة عن أبناء وطنٍ، دفعوا من لحمهم ودمهم ثمن العروبة مرّات كثيرة عبر التاريخ وقبل ولادة حزب الله. أننسى مثلا، أنه بسبب دعمهم لقضية العرب الأولى، أي فلسطين، اجتيحت عاصمتُهم، وكان في الأمر سابقة بعد غزو القدس؟
بغض النظر عن الخلاف المُستحكِم بين الحزب ومناهضيه (ومعظمهم نسّق معه مرارا ويجاهر بالعكس) وعن حقيقة أن الحزب مُهيمن على الدولة أم لا ، وبغض النظر عمّا إذا كان هذا الخلاف سينتهي بصفقة إقليمية دولية ومصالحات كُبرى ومؤتمر وطني، الاّ أن نفي العروبة عن اللبنانيين بسبب هذا الخلاف هو فعلا أمر مثيرٌ للدهشة.
لبنان كان وما زال وسيبقى الى أبد الآبدين عربياً، لكن يجب الاهتمام بالعروبيين الصادقين فيه، وليس بحاملي شمّاعة العروبة ليلقوا عليها كل مصائب الوطن، بحيث أنّ القائد السياسي الذي فسَد وأفسد أو المُرشّح الانتخابي المُغالي في طموحه، وحين يفتقر الى أي مشروع انقاذي وطني لشعب ازداد فقراً وجوعا (دون أن يفقد كرامته)، يلجأ الى شعارات العرب والعروبة. وبهذا المعنى فالعروبة مُحتاجةٌ اليوم الى لغةٍ جديدة ووسائل جديدة لمخاطبة الجيل الجديد وإقناعه بجدواها وأهميتها وضرورتها، ولا تحتاج الى خطابات وشعارات قتلت العروبة وأدمت الحضن العربي مرارا بسبب هذه الشعارات الخاوية منذ احتلال فلسطين حتى اليوم.
غدا حين يُقيم السفير السعودي وليد البخاري خيمته الرمضانية، ويحضر جمهور غفير من السياسيين والمُرشّحين والإعلاميين وغيرهم (من الصادقين بعروبتهم أو المتملّقين وما أكثرهم)، سيكتشف اللبنانيون مُجدّدا حجم التهافت على الخيمة، ويكتشفون أيضا أن المُشكلة كانت في الانكفاء العربي، وليس في تقدّم مشروعٍ إيراني أو تركي أو اسرائيلي. فحيث يتراجع العرب، تتقدّم المشاريع الأخرى، من جزر القمر الى العراق واليمن وسورية وليبيا وصولا الى لبنان.
حين ينشط العرب في بيروت، من مصر الى الخليج فالمغرب، تفرح بهم بيروت ويفرحون بها، ويتأكد الجميع أن حضنَ بيروت يتسع لهم بقدر ما تتسع أحضانُهم للبنانيين.
العروبة ليست وجهة نظر، ولا هي جسر انتخابي، وإنما انتماءٌ يسري في العروق وتحت مسام الجسد. كل المشاريع الأخرى انتهت في لُبنان بما فيها المشروع الإسرائيلي الذي وصل الى قلب بيروت وقلب مجلس النوّاب والرئاسة، وبقيت العروبة. لو نجح ذاك المشروع التدميري، هل بقي لبنان أو حضن عربي ليلجأ اليه؟
لبنان لا يقوم بلا عروبته، والعروبة لا تستوي بلا بيروت. حزب الله نفسه يُدرك ذلك حتى ولو أن أولوية تحالفه تبقى مع إيران، وهذا الادراك هو ما دفعه الى القول في البيان الأخير لكتلته الانتخابية: ” ان المشاركة الفعّالة في الانتخابات هي تأكيد لهوية لبنان العربي المقاوم”.
لو خيّرتَ اللبنانيين اليوم أن يذهبوا الى الخليج، أو مصر، أو الجزائر أو إيران، ماذا يختار معظمُهم برأيكم؟
لكن الفرق يبقى كبيرا بين المقتنعين فعلا بالعروبةوالمتملّقين الذين نحروها مرارا.
أ.د ماريز يونس ( أستاذة علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية) في ذلك الصباح، لم يكن…
Des salles d’asile à l’école maternelle ! Nadine Sayegh-Paris Evoquer l’école nous fait directement penser à…
سامي كليب افتتاحية-الصراحة افضل الاستقبال الاستثنائي الذي أحيط به الرئيس جوزيف عون في السعودية، والذي…
Du natron au sapo, pour arriver au savon ! Nadine Sayegh-Paris Le savon, produit d’hygiène et…
مرح إبراهيم ثلاثة أشهر مرّت على اللحظة النفسيّة التي جسّدتها ليلة الثّامن من كانون الأوّل…
سامي كليب: كتب عالِم النفس الشهير سيغموند فرويد منذ عقودٍ طويلة : " إن الإنسانَ…