سامي كليب
تُشبه معركة حزب الله هذه المرة، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد. فالرجل ذو الصوت الرخيم المقرونة بثقة كبيرة بالنفس، قالها اليوم بالفم الملآن ان الحزب سيحافظ على كل نوّابه، وان كل نائب منه متلزم بخيار المقاومة. وهو كما أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله ونائبه الشيخ نعيم قاسم، وكل القيادات الأخرى يعتبرون ان المعركة هذه المرة هي بين خِيار مُقاوم وخيارات أميركية -إسرائيلية.
ما عاد الحزب بحاجة الى تعبئة وتجييش، احصاءاتُه الدقيقة تمنحه ثقة كبيرة بالنفس، بينما معظم الخصوم ليسوا متأكدين تماما من حجم ما سيحصلون عليه، ذلك أن المفاجآت مُمكنة، حيث أن المجتمع المدني عند خصوم الحزب وعند بعض حلفائه أيضا ( خصوصا التيّار الوطني) ، يبدو أكثر قدرة على الاختراق، بعد ان عزز الحزب وحليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري قلعتهما الانتخابية لتصبح عصيّة على الاختراق . وأما الحلفاء، فهم بتصرّفه، ذلك أن أصواته هي القادرة على حسم الكثير من مقاعدهم.
ماذا بعد الانتخابات؟
إذا كانت ثقة الحزب وحركة أمل في محلها، وفاز الطرفان بكل المقاعد التي ينشدونها، ما هي الاحتمالات؟
لا بُد هنا بالضبط من توسيع التحليل صوبَ الخارج. فالانتخابات النيابية هي أيضا مطلبٌ خارجي بامتياز ومتعلّقة بتطورات الخارج. لذلك فالهدف الأول للحزب هو ترسيخ شعبية شرعية، ليقول للمجتمع الدولي أنه ما زال الأقوى.
معروف أن قسماً كبيراً من الخارج أراد لهذه المعركة أن تُشكّل أول هزيمة شعبية وشرعية للحزب. فبغض النظر عن تنامي الأصوات الداخلية في لبنان ضد الحزب، كان هذا الأخير وما زال أولَ الأهداف الأطلسية وكذلك العربية (الا من بعض الاستثناءات) والإسرائيلية، وسرى اعتقادٌ لسنوات، بأن الطوق الاقتصادي الذي ضُرب على لبنان والعقوبات التي فُرضت على الحزب وبعض حلفائه وشملت سوريا بقسوة، وتفجير المرفأ وما تبعه من ايحاءات حول مسؤولية الحزب ( دون ذكر الاحتمال الإسرائيلي)، وصولا الى فسخ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكم تبرئة المسؤولين في حزب الله حسن مرعي وحسين عنيسي، بتهمة المشاركة في اغتيال رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري، سرى الاعتقادُ إذاً بأن كل هذا سيُضعف الحزب ويشلّه ليس فقط على مساحة لبنان وإنما أيضا في داخل بيئته.
من هذا المنطلق، سيكون الفوز الساحق للحزب لو تحقق كما يطمح قادته، أمام احتمالات كثيرة أبرزها التالي:
نُلاحظ أنه في كل الحالات، سيكون الحزب بعد الانتخابات كما قبلها، صاحبُ الكلمة الفصل في التطورات السياسية والأمنية، ذلك ان المجتمع المدني الذي يرفع قسمٌ كبيرٌ منه لواء نزع سلاح حزب الله وتحميله كما معظم الطبقة السياسية مسؤولية التردّي، لن يكون قادرا على احداث توازن فعلي، حتى لو توافق مع أحزاب تناهض الحزب، فالمنطق يقول إن الحراك المدني، هو ضد كل الطبقة السياسية وبالتالي من الصعب أن ينضم الى نصفها ضد نصفها الآخر دون تعرّضه للشبهات.
لكن هل سيكون الحزب مُرتاحا في البيئة اللبنانية، وحتى داخل بيئته، بعد الانتخابات كما كان قبلها؟ هذا سيتعلّق بأمرين أساسيين، أولهما مصير التفاوض أو الصراع إقليميا ودوليا خصوصا ان ما يحصل حاليا في أوكرانيا يشيء بتحولات دولية كُبرى واصطفافات وخرائط جديدة، وثانيهما، قدرة خصومه على التوافق أو الفشل في تشكيل جبهة وازنة يثق أقطابها ببعضهم البعض، ويكون فيها فريق سُنّي قوي، بحيث تتشكل جبهة على الاقل من الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية والكتائب وفريق سُنّي، تُعيد ذكريات ما عُرفت ب ” ثورة الأرز”. وقد بدأنا نرى بوادر ذلك من رفع شعار ” السيادة”، رغم ان بعض رافعي هذا الشعار، كانوا سابقا داسوا على السيادة حين تعلّقت مصالحهم الشخصية والحزبية والسياسية والمالية ببيع السيادة في العصر السوري.
انطلاقا من كل ما تقدّم، يبدو على الأقل حتى الآن، أن الحزب مُرتاحٌ تماما، وإنه وضع الانتخابات النيابية خلف ظهره، وبات الآن يُفكّر بمن سيكون رئيس الجمهورية المُقبل. فهل يصل الى مبتغاه، أم تحصل مفاجآت، إن لم يكن عنده فحتما عند حلفائه؟
بانتظار الجواب، فإن السؤال الأهم الذي يطرحه فقراء هذا الوطن، قبل وبعد الانتخابات: كيف سيحصلون على قوتِ يومهم وضمانهم الصحي وتعليم أولادهم وعلى الكهرباء والماء والغاز بعد الانتخابات؟ هنا بالضبط ستبدأ المعركة الفعلية، فهل سيكون لدى الحزب الفائز، إجابات شافية، ذلك أن شعار الصراع مع أميركا وإسرائيل، يحتاج أيضا، لقمة عيشٍ كريمة. والأمران لا ينفصلان أبداً. لا شك أن الورشة كبيرة وقاسية وتحتاج الى تواضع من الجميع أمام مآسي الوطن.
مرح إبراهيم يتساقط الثّلج بصمتٍ خلفَ نافذة الصّباح، ويغزو الجليدُ أرصفةَ الشوارع. تستغرقُ سكينةُ التأمّلِ…
Et si le maquillage n'était pas seulement une affaire de femmes ! Nadine Sayegh-Paris Même si…
ترجمة عن صحيفة هآرتس لو جاء كائن من الفضاء وشاهد من فوق ما يجري، ماذا…
ناقش ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي الحادي عشر، الذي نظَّمه مركز الإمارات للسياسات، على مدار يومي…
Quand le changement de l’heure devient une affaire d’état ! Nadine Sayegh-Paris ‘Heure d’été’, ‘heure…
Guillaume Ancel ( كاتب فرنسي) ترجمة : مرح إبراهيم فاز دونالد ترامب فوزًا واضحًا،…