هادي جان بو شعيا
في ظل المخاوف التي تعتري الدول الأوروبية من فقدان إمدادات الغاز الروسي نتيجة الأزمة السياسية والعسكرية المندلعة بين روسيا من جهة وأوكرانيا والغرب وعلى رأسهما الولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى، قد تنجح قطر الذي وصل أميرُها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الى واشنطن اليوم في تصدّر واجهة الحلول وتعزيز دورها السياسي في أوروبا وتحالفها مع واشنطن. ومن المنتظر أن تكون مساعيها لاستقرار الإمدادات العالمية للطاقة أحد أهم محاور اللقاء الذي يجمع الأمير بالرئيس الأميركي جو بايدن غدا، حتى ولو أن خبراء يرون أن الدوحة لا تملك عصا سحرية.
قال البيت الأبيض إن اللقاء سيتناول ملفات عدة على غرار الأمن في منطقة الشرق الأوسط وتأمين استقرار الإمدادات العالمية للطاقة، بالتزامن مع اتهامات يسوقها الغرب لروسيا بالتحضير لشنّ هجوم على جارتها أوكرانيا، ما جعله يهددها بعقوبات غير مسبوقة إذا ما أقدمت على ذلك. ولا شك ان القصف الحوثي للإمارات سيفرض نفسه على طاولة الحوار وكذلك ملف المفاوضات مع إيران حتى ولو لم يذكرهما البيت الأبيض.
قالت وكالة الانباء القطرية :” إن الزيارة تشكل محطة جديدة على طريق بناء وتعزيز التعاون الإستراتيجي والتشاور المتواصل بين القيادتين والبلدين الصديقين، بما يخدم أهدافهما ومصالحهما المشتركة، ويسهم في تحقيق الاستقرار والأمن الإقليمي والسلام العالمي”.
هذه القمة بين الرئيس والأمير تتزامن مع استعداد البلدين للاحتفال بالذكرى الخمسين لقيام العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1972. ويقول سفير دولة قطر في واشنطن الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني إن “العلاقات القطرية الأميركية شهدت قفزة نوعية في السنوات القليلة الماضية، ظهر ذلك من خلال رفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين وتبادل الزيارات على أعلى المستويات
كانت واشنطن قد لوّحت بتجميد العمل بخط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” بين روسيا وألمانيا الذي أنجز، لكن تشغيله لم يبدأ بعد، وذلك في حال شنّت روسيا هجومها العسكري. غير أن الأميركيين والأوروبيين يخشون أن يردّ الكرملين بخفض إمدادات المحروقات لأوروبا، والتي تعتبر إمدادات حيوية للعديد من البلدان، خصوصًا أن الاتحاد الأوروبي يستورد نحو 40 في المئة من احتياجاته على صعيد موارد الطاقة من روسيا كما ان ألمانيا وبولندا ستتعرضان لكارثة حقيقية بالغاز لو قطعت الامدادات الروسية. ولذلك تعمل واشنطن مع حلفائها على البحث في الأسواق العالمية عن مصادر بديلة.
هل تستطيع قطر دعم الاحتياجات الأوروبية وتأمين البديل؟
صرّح مسؤول قطري قبل الاجتماع أن المحادثات جارية، على قدم وساق، بغية تحويل شحنات للغاز الطبيعي المسال من الأسواق الآسيوية الرئيسية إلى أوروبا في حال قطع الكرملين الإمدادات عن أوروبا. وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها قطر، أكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، بمساعدة دولة صديقة، إذ قامت سابقا بإرسال إمدادات إلى اليابان إثر التسونامي الذي ضربها في العام 2011، كما أرسلت شحنات خاصة إلى بريطانيا في تشرين الاول/أكتوبر عندما عانت نقصًا مفاجئًا في الإمدادات.
ولكن مع ارتباط قطر بعقود طويلة الأمد مع عملاء كبار في كوريا الجنوبية واليابان والصين، فإنه ليس بإمكانها القيام بالكثير لاستبدال إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا الغربية. ويقول خبراء في مجال الطاقة، إن الدوحة لا تملك عصا سحرية لحل النقص في الغاز الأوروبي، ذلك أنها لا تتمتع بطاقات فائضة لتوريد غاز مسال طبيعي إضافي، كما أنها ليست المملكة العربية السعودية التي تحتفظ بقدرة فائضة من النفط.
إزاء ذلك، قد تقوم قطر التي تجري أيضاً محادثات مع الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بإعادة توجيه بعض الشحنات. الأمر الذي قد يؤدي لاضطلاعها بدور رئيسي في أي خطة طارئة للغاز ما يعزّز موقفها الى جانب الولايات المتحدة الأميركية.
الغاز والدور السياسي
كانت الدوحة قد أعلنت سابقا عن رفع طاقة إنتاج الغاز المسال بشكل كبير، من 77 مليون طن سنويًا، إلى 126 مليون طن بحلول العام 2027، فيما البحث جارٍ عن أسواق للغاز الإضافي، ولا شك أن هذا المخزون الكبير سيكون جسرا مهما لها في استراتيجيتها السياسية التي اتسعت كثيرا منذ انطلاقة الربيع العربي، وعادت الى نشاط ملحوظ منذ رفع الحصار الخليجي عنها. وكان واضحا في أثناء ذاك الحصار أن البيت الأبيض في عهد الرئيس دونالد ترامب كان يتلاعب على التناقضات الخليجية ليكسب من كل الجهات، أما في عهد بايدن فالدوحة لم تتعرض للضغوط التي تُمارسها القيادة الأميركية على السعودية مثلا بل بالعكس ها هو بايدن نفسه يفتح أبوابه للزائر القطري. كما أن لقطر علاقات إقليمية قوية نسجتها أولا مع تركيا التي صارت حليفا استراتيجيا لها، ثم مع إيران التي تتشارك معها في أكبر حقل للغاز في العام، وهي من خلال ذلك تستمر في توسيع دورها السياسي الذي قد يتعزز من على منصّة الغاز حاليا.
بالمقابل فإن الاتحاد الأوروبي كان قد فتح تحقيقًا في عام 2018 بشأن إحتكار الغاز، ما أثار غضب الدوحة التي ستتلقف الفرصة القائمة حاليًا لتسجيل بعض النقاط في أوروبا والبدء بمفاوضات بهدف إبرام عقود طويلة الأمد تفتح الباب حتمًا على السؤال الأوسع: هل ستتمكن قطر من الظفر بموقع أهم حليف استراتيجي للولايات المتحدة في الخليج؟! ربما الدوحة وواشنطن تفيدان من ذلك، خصوصا أن الصين وروسيا جاهزتان للمنافسة وبقوة.
لا شك أن قطر تعلب دورها بامتياز في الوقت الراهن في سياق العلاقة مع أميركا واوروبا، ولا شك أيضا أن في هذا ما يُقلق بعض الحلفاء قبل الخصوم.
مرح إبراهيم يتساقط الثّلج بصمتٍ خلفَ نافذة الصّباح، ويغزو الجليدُ أرصفةَ الشوارع. تستغرقُ سكينةُ التأمّلِ…
Et si le maquillage n'était pas seulement une affaire de femmes ! Nadine Sayegh-Paris Même si…
ترجمة عن صحيفة هآرتس لو جاء كائن من الفضاء وشاهد من فوق ما يجري، ماذا…
ناقش ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي الحادي عشر، الذي نظَّمه مركز الإمارات للسياسات، على مدار يومي…
Quand le changement de l’heure devient une affaire d’état ! Nadine Sayegh-Paris ‘Heure d’été’, ‘heure…
Guillaume Ancel ( كاتب فرنسي) ترجمة : مرح إبراهيم فاز دونالد ترامب فوزًا واضحًا،…