سامي كليب
بين فترة وأخرى يفاجئنا كاتبٌ أو اعلامي أو سياسي بالحديث عن المؤامرة الكبرى للماسونية في العالم وفي وطننا العربي. فتتعدّد الروايات حول الغرف السوداء وعن كيفية التخطيط لقيادة العالم، بحيث لا أحد يصل الى منصب كبير بلا أن يكون ماسونيا، ولا أحد يحقق ثروة كبيرة بلا الانتماء الى محفل ماسوني، ونكاد نشعر بأنه لا يمكن لنملة ان تدبّ في الأرض الا ويكون للماسونية علاقةٌ بها.
كتاب ” الماسونية في عماء التاريخ، خرافاتٌ وأغاليطٌ وحقائق” للكاتب والإعلامي الغزير الثقافة والإنتاج صقر أبو فخر يُشرّح هذه النظريات التآمرية عبر بحث دقيق لكلِّ ما كُتب وقيل، فيصحح الخلل حيث، وُجد، ويؤكد المعلومة حيث تستحق، وينفي بالعلم والمعرفة كثيرا من الاضاليل المتناقلة والمتوارثة بلا أي سند خصوصا في كتابات العرب، فيكّذبُ مثلا أبرز الروايات عن غزو الماسونية لفلسطين، وعن سيطرتها على معظم القادة العرب، وعن علاقتها بإسرائيل، أو بنوادي الليونز والروتاري وغيرها …
الكاتب ليس من مدّعي الثقافة وهم كثيرون في أيامنا، وانما هو باحث عريق له نحو عشرة كتبٍ بحثية أو تتضمن مقابلات هامة مع أدونيس، أو صادق جلال العظم، أو كمال الصليبي ،أو انيس النقّاس أو عزمي بشارة وغيرهِم. وهو مؤلف الكتاب الهام:” الحركة الوطنية الفلسطينية: من الكفاح المسلح الى دولة منزوعة السلاح عام 2003 ” وكتاب “أعيان الشام واعاقة العَلمانية في سورية”، وكتاب “العرب واستعصاء الحداثة” وغيرها من المؤلفات القيّمة.
كان المؤلف أيضا باحثا في مركز التخطيط في بيروت منذ العام 1977، وأحد مسؤولي نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وكاتبا ومسؤولا عن ملحق فلسطين في صحيفة السفير اللبنانية ، وهو مساهم في تأسيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في بيروت، وعضو مجلس إدارة مركز الأبحاث في فلسطين…
قلتُ كلّ هذا لأصل الى نتيجة مفادها أن ما ستعرفونه من كتابه الجديد هذا يستند الى بحث عميق وعقل تحليلي ومصداقية في الكتابة وحرصِ على فلسطين والعرب…
فماذا في مؤلفه الجديد:
الماسونية وفق صقر أبو فخر وكذلك وفق ما نقله عن الكاتب والباحث المصري الكبير عبد الوهاب المسيري صاحب موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية:
اذ يشن صقر أبو فخر ، نقدا لاذعا على الأستاذ في جامعة بيرزيت عبد الستّار قاسم بسبب كتابه ” الماسونية تغزو فلسطين” فهو يوضح التالي :
أما عن نشأة الماسونية، ودلالاتها وأهدافها، فيشرح الكاتب التالي:
وفي تفنيده لكل ما يقال عن علاقة عضوية بين الماسونية واليهود، أو مع الحركة الصهيونية، يقول صقر أبو فخر:
ماذا عن العرب الذين اعتنقوا الماسونية؟
يجيب الكاتب: إن الماسونية ليست حزبا سياسيا ولا حركة دينية وهي ليست واحدة موحدة، بل منظمات متعددة ومتجاورة، ومتراكبة، ومختلفة، ومتصارعة. وهي خدمت دولها أكثر مما خدمت شعارها التاريخي حول الحرية والاخاء والمساوة.
وبعد ان يعدد الخُرافات حول اعتقال حسني الزعيم الماسوني لأخيه الماسوني أنطون سعادة وتسليمه الى الماسوني الثالث رياض الصُلح، والخرافات الأخرى حول ان جمال عبد الناصر الماسوني انقلب على الماسوني الملك فاروق، وان الماسونييَن اديب الشيشكلي وسامي الحناوي انقلبا على الماسونييَن حسني الزعيم وحسني البرازي واعدماهما، يقول الكاتب ان كل هذا التضليل لم يكن وليدَ خطة مُبرمجة وتفكيرٍ عملي، أو ان له غاياتٍ فكرية وسياسية، بل هو ناجم عن عدم المعرفة وقلة الدراية في المصاف الأول.
لكن أبو فخر يعدد أسماءَ كثيرةً لمعت في الحياة السياسية او الفنية العربية وكانت ماسونية كما نُلاحظ على الشاشة ، موضحا أن المرجّح ان الماسونية كانت تمنح عضوية الشرف لأشخاص مرموقين على طريقة منح الدكتوراه الفخرية، وكانت هذه الشخصيات في تلك الحقبة تقبل ذلك ولا تجد فيه أيَ غضاضة.
ويقول ان ما حصل للماسونية في العالم العربي يبرهن ان الحديث عن قوتها الخفية وقدرتها العجيبة هُراء بهُراء، فهي مُنعت في العراق عام 58 وفي مصر عام 64 وفي سورية عام 65 كما مُنع في لبنان عقدُ المؤتمر الماسوني العالمي في آب/ أغسطس من العام 1965.
لكن صقر أبو فخر يؤكد بالمقابل ان الماسونية انتشرت في سورية سابقا حين أسس القائد الجزائري الفذ والمقاوم الأبرز للاستعمار، الأمير عبد القادر الجزائري أول محفلٍ ماسوني في دمشق عام 1864.
هذا باختصار ما ورد في الكتاب المهم والغني رغم صغر حجم وقلة صفحاته التي لا تتعدى المئة من القطع الصغير، وهو صادر عن دار نجيب الريس، وانا اذ اكتفي بهذا كي لا أقول كلّ مضمونه، فإنني انصح بقراءته لتصحيح الكثير من الخلل والاوهام حول الماسونية ودورها في العالم وفي وطننا العربي ولزيادة المعرفة الموثقة. وطبعا اترك لمن يعترض على ما جاء في هذا الكتاب حرية الرد عليه، وسنرحّب بنشره على موقعنا وصفحاتنا.
مرح إبراهيم يتساقط الثّلج بصمتٍ خلفَ نافذة الصّباح، ويغزو الجليدُ أرصفةَ الشوارع. تستغرقُ سكينةُ التأمّلِ…
Et si le maquillage n'était pas seulement une affaire de femmes ! Nadine Sayegh-Paris Même si…
ترجمة عن صحيفة هآرتس لو جاء كائن من الفضاء وشاهد من فوق ما يجري، ماذا…
ناقش ملتقى أبو ظبي الاستراتيجي الحادي عشر، الذي نظَّمه مركز الإمارات للسياسات، على مدار يومي…
Quand le changement de l’heure devient une affaire d’état ! Nadine Sayegh-Paris ‘Heure d’été’, ‘heure…
Guillaume Ancel ( كاتب فرنسي) ترجمة : مرح إبراهيم فاز دونالد ترامب فوزًا واضحًا،…